حياة "أوليفر"

4 0 0
                                    

في يوم جديد أستيقظ على صوت رنين مزعج من الساعة المجاورة لسريري، لم أعتد على ذلك الصوت، عادتا ما كنت أستيقظ على صراخ والدي، أو صوت والدتي الجميل و هي توقظني، ولكن ما أفتقده حقا هو صوت أخي.. وهو يقفز على سريري... أحن إلى تلك الأيام التي كنا فيها نلعب في بيت الشجرة. كان مفرنا الوحيد من جميع الجهات التي تخص مشاكلنا.. قد سافرت إلى لوس أنجلوس لرحلة عمل بعد أن تخرجت و أصبحت محقق. تخرجت في نهاية سنه 1999 و الآن في سنة 2001 بدأت أسافر وحدي لأجل عملي، السفر لوحدي أفضل بكثير طبعاً بعيدًا عن المشاكل.. أُفَضِل أن استأجِر غرفة في منزل مع عائلة بدل من غرفة فندق مملة و وحيد.
نهضت من السرير بعد تفكير عميق و بدأت أحضر نفسي للذهاب إلى مقابلة مع أشهر محقق في لوس أنجلوس، أتمنى أن تغير هذه الوظيفة حياتي إلى الأفضل.
خرجت و قابلت أمامي السيدة "إيزابيلا" و هي الأم و صاحبة هذا المنزل، أحب أسلوبها و حنانها دائما ما أشعر انها والدتي، هذا يريحني حقا أن أجد من يكون حنون معي خلال فترة سفري.
قالت لي بإبتسامة: صباح الخير، كيف حالك اليوم؟
اجبتها: أنا بخير، أشعر بالضغط و التوتر هذه الأيام.. لدي مقابلة بعد قليل
- اتمنى لك التوفيق حقا، تذكر بعض الذكريات الجميلة و تأمل فالأمور الجيدة دائما، هذا سوف يخفف من توترك
أظن أنه علي التفكير في أخي.. لكن هذا سوف يحززني بدل من أن يخفف توتري، لكن لا بأس هذا يبقى أفضل من التوتر
أجبتها بإبتسامة تحن لها: بالتأكيد، شكرا لكِ
قالت: لا مشكلة، انت مثل إبني "ماركوس"
ثم قالت: إن كان لديك وقت.. هل يمكنك إصطحاب "ماركوس" إلى مدرستهِ؟
أجبتها: بالطبع، لا ازال أملك سوى ساعة
إن "ماركوس" يدرس في الثانوية، يذكرني بعض الأحيان بأخي لكن شخصياتهم لا تتشابه أبدًا، بعض مشاعره تشبهه، مثل لطافته و جنونه.
سمعت صوت خطواته في الدرج و هو قادم، ألتفت و رأيته قادم إلي بكل طاقة إيجابية و ابتسامة تشق وجهه. الغريب أن تعابير السعادة و الحماس في ملامحه كانت دائِمه عندما يستيقظ للمدرسة، عكسي تمامًا..
كنت استيقظ كل يوم إما على صوت والدتي الهادئ أو على صوت والدي و هو يصرخ في وجهي كي استيقظ، لذلك كنت أكره الاستيقاظ.. أما بالنسبة للمدرسة، كنت أحبها. لكنني كنت أذهب إلى المدرسة و أنا أشعر بالضيق بسبب المشاكل و الصراخ الذي كان يحدث كل صباح، هذا ما جعلني أكره المدرسة حقا..
تقدم نحويي و قال لي بإبتسامة خفيفة: كيف حالك اليوم؟
أجبته: أشعر إنني بخير، و لأنني في مزاج جيدٍ الآن، ما رأيك أن اصطحبك إلى مدرستك؟
- لا أملك أي مشكلة، إلى أين أنت متجه؟
- لدي مقابلة مع محقق لأجل عملي و لا أملك سوى ساعة، لذلك أسرع إن كنت تريد ان تفعل شيء
- لقد أنتهيت من كل شيء، أنا جاهز
كانت مدرسته قريبة من المنزل و مكتب المحقق قريب منه أيضًا، لذلك قمنا بالمشي إلى المدرسة اولًا.
خلال طريقنا نظر إلي و قال: ألا تملك أي إخوة؟
تنهدت ثم ابتسمت له و اجبته: نعم.. لدي أخ أصغر
- حقًا؟ لماذا لم تتحدث عنه من قبل؟
- لأنه ليس موجود.
- هل هو في دولةٍ أخرى؟
- لا أعرف.
- ماذا تقصد؟ هذا غريب
في تلك اللحظة شعرت بأنني غبي، لا أعرف إن كان حي او ميت، قريب مني او بعيد.. لم أعرف بماذا أجيبه.
قلت له: عندما كنت صغيرًا إختفى أخي، اظن أنه قد تم إختطافه.
- اوه.. أنا حقا آسف.
- لا مشكلة، أنه ليس خطأك بالتأكيد
- نعم أعرف.. لكنني أشعر بالأسف حقا.. ماذا فعلت الشرطة في ذلك الوقت؟
- تم البحث عنه في كل المكان و تم فتح ملف قضية بأسمه لكن لم يتم العثور عليه
ثم انتبهت اننا قد وصلنا بالفعل، لم اركز فالطريق حقًا. التفت إليه و قلت له: حسنا يا فتى، لقد وصلنا بالفعل أذهب إلى مدرستك و إنتبه لنفسك جيدًا.
ابتسمت إبتسامة خفيفة و قال: طبعًا لا عليك، أتمنى لك التوفيق في مقابلتك
- شكرا لك، وداعًا
الآن عدت إلى الواقع و سوف أكمل طريقي إلى العمل، أشعر بالتوتر و الإرتباك قليلًا لأنه من المحتمل أن لا أقبل..
تذكرت كلام السيده "إزابيلا" و بدأت أاذكر جميع الذكريات الجميلة، بدأت أتذكر عندما كنت أخاف من والدي حين يغضب و يبدأ فالشجار مع أي شخص أمامه، كنت أخرج من غرفتي و أذهب إلى "زيون" و نبدأ السباق إلى بيت الشجرة، كان حقًا مفرنا الوحيد من تلك المشاكل، نبدأ باللعب و التخيل بأننا أبطال و أقوى أخين فالعالم بأسره.. أحن إلى تلك الأيام حقًا
-اوه.. قد وصلت بالفعل
لم أدرك أنني وصلت بسبب التفكير، يبدو أن خطة السيده "إزابيلا" للتوتر قد نجحت، و الآن سوف أعود للواقع و ادخل.
كان المكان كبير بعض الشيء و لم اكن أعرف إلى أين أذهب فرأيت مكتب الإستقبال و ذهبت كي اسأل، لقد قابلت جميع انواع الموظفين للصراحة، لكن هذا المكان و الموظفين مختلفين، انهم مهتمين بعملهم و حريصين و أشعر انهم يشعرون بالضغط و الاستعجال دائما، الموظف في قسم الاستقبال كان يبدو مهتم جدا في كلامي حين سألته عن المحقق و أنه لدي مقابلة معه.
قال لي ان انتظر قليلًا حتى استطيع الدخول، جلست و بدأت الإنتظار بكل هدوء و انا أفكر في ما قد يسألني، و بعد دقائق كان هناك رجل بجانبي لم أعطيه أي إهتمام و في نفس اللحظة قام بالالتفات إلي و نظر في عيوني، بدا في العشرين من عمره تقريبًا، ابيض اللون و ذا وجه نحيف شاحب قليلًا، و بدا و كأنه يريد أن يصفعني، نظرت إليه و شعرت بالتوتر بعد أن إختفى كل القلق، أستمر بالتحديق بي ثم قال: تبدو صغيرًا يا فتى.. كم عمرك؟
- انا في ال25..
- نعم. انت صغير
نظرت إليه بإستغراب و قلق، و فجأة تظهر موظفة و قالت: سيد "أوليفر براون" تفضل إلى مكتب المحقق، نهضت بسرعة و كأنني أنتظر الفرج و ليس المقابلة، ثم مسك يدي ذلك الرجل و قال بصدمة و إستغراب: إذًا.. أنت من عائلة "براون"؟ سحبت يدي و مشيت بسرعة و لم أنظر إليه حتى ثم دخلت إلى المكتب و انا اتنفس بصعوبة، بدأت انظر إلى أنحاء المكتب الكبير و بدأت امشي بخطوات هادئة و جلست، ثم أتى المحقق وقفت كي ألقي التحية، ثم بدأ بسؤالي عدة أسألة
في النهاية سألني في أي عام تخرجت و أجبته، ثم أخذ كل معلوماتي و قال: سوف نرسل لك الرد إن كان قد تم قبولك بعد يومين، لكن أخشى أنك لن تقبل لأنك قد تخرجت منذ فترة غير طويلة و نحن نحتاج إلى خبراء في هذا المجال
في تلك اللحظة نظرت إلى الأرض و شعرت بخيبة أمل و لم أقل أي شيء.
توجه نحوي المحقق و قال: لا تفقد الأمل، لقد كانت أجوبتك جيدة جدًا و دقيقة
- حسنًا. شكرا لك
- حظًا موفقًا
خرجت و أنا أشعر بخيبة أمل كبيرة بعد كلامه، و أنا امشي و أبحث عن المخرج رأيت نفس الرجل ذو الوجه الشاحب يحدق بي بإستغراب فبدأت أمشي بسرعة و أنظر حولي في كل مكان ثم وجدت المخرج و خرجت بسرعة، أخذت نفسًا و بدأت أفكر في أي إتجاهه يجب أن امشي، بعد ثوانٍ مسك شخص ما يدي بقوة التفت بسرعة و كان ذلك الرجل هو من مسك يدي، شعرت ان قلبي قد توقف لثانية و تفاجئت منه، استمريت بالنظر عليه بصدمة و أنا أنتظره حتى يقول ما لديه، ثم أبتعدت عنه و قلت: من أنت؟ ماذا تريد مني بالضبط؟
- أنا لا اريد شيء، أردت فقط أن أسألك عما حدث معك في المقابلة؟
- هذا ليس من شأنك، أذهب و دعني و شأني
- حسنًا.. كما تريد، أردت فقط مساعدتك إن كنت قد رفضت
- ماذا تقصد؟
- أستطيع مساعدتك
- كيف؟
- المكان هنا غير مناسب، ما رأيك أن نذهب إلى مكان ما و نتحدث فيه
- المحقق قال أنه سوف يقول لي إن قبلت بعد يومين، لا أعرف إن رفضت أو لا
- كما تريد، هذه بطاقة تملك رقمي إن قد تم رفضك، و صدقني لن تندم إن طلبت مساعدتي
تركته و مشيت في طريقي و لم أهتم لكلامه.
ذهبت إلى مقهى بسيط كي أسترخي به قليلًا و احتسي كوبًا من القهوة، كان المكان هادئ و جميل، أشعر بغرابة عندما أكون لوحدي.. عندما كنت لوحدي و يراني "زيون" يبدأ بالغناء بجانبي و إصدار أصوات ليزعجني، ذكريات كهذه تجعلني أشعر بالراحه و الطمأنينة.
مرت بضع ساعات و أنا في المقهى و اقرأ بعض الكتب، كانت الساعة تقارب ال2 ظهرًا فخرجت اتمشى حتى يخرج "ماركوس" من المدرسة و أصطحبه إلى المنزل.
مرت ساعتان و عدنا إلى المنزل و قضيت يومي في المنزل.
استيقظت اليوم التالي صباحًا و سمعت صوت خطوات شخص ما قادم إلى غرفتي، طرق الباب فقمت بفتح الباب و كان هذا السيد "ليام" زوج السيدة "إيزابيلا" إنه لطيف و أسلوبه حنون معي، إنه عصبي بعض الشيء لكنه لطيف حقًا.
دخل إلى غرفتي بخطوات هادئة كأنه لص و قال: هل لا تزال نائم؟ هل ازعجتك؟
- بالطبع لا، أنا مستيقظ كنت أرتاح فقط
ضحك و قال: ترتاح من النوم؟ انت غريب يا فتى، بدأت اضحك و قدم لي قهوة الصباح و بدأ بالتحدث عن عمله و سألني عن عملي فأجبته: لا أعرف حقًا.. مقابلتي كانت في الأمس مع محقق لأجل الموظف عنده لكنني لست مرتاح
- لا بأس لا تتوتر، حتى و إن تم رفضك هناك أعمال كثيرة بإنتظارك، انت موهوب و ذكي جدًا صدقني سوف تنجح
- أتمنى ذلك، شكرًا لك كلامك لطيف حقًا
- لا مشكلة أنا مثل والدك
احتسينا القهوة و كنا نتحدث عن أمور العمل و هكذا ثم قامت السيدة "إيزابيلا" بمناداتنا لأكل الفطور، أثناء الأكل سألتني السيدة "إيزابيلا" عن يومي في الأمس و اخبرتها عما حدث و عن ذلك الرجل، أستغربت قليلًا ثم قالت: لا تحكم عليه بسرعة، ألا تعرف مقولة لا تحكم على الكتاب من غلافه؟ من الممكن انه لديه معرفة قوية مع ذلك المحقق و يستطيع مساعدتك
- لا عليك إن تم رفضي سوف أجرب الحديث معه..
قضيت اليوم مع "ماركوس" و استمتعت حقًا، إنه يضحكني و أسلوبه مضحك و لطيف جدًا و كان كل الوقت يرقص و يلعب فاليوم كان رائع حقًا، ثم خلدت للنوم في الساعة ال12 مسائًا و بدأت أفكر إن قد تم قبولي ماذا قد يحدث، في البداية سوف أتدرب لديه و من الممكن أن أكمل و أتوظف رسميًا، لا أظن أنه يجب علي التفكير الآن كي لا أتوتر ما قبل النوم فمن الأفضل أن أنام الآن.
استيقظت صباحًا و كنت أول من يستيقظ في المنزل، بدأت اتمشى في أنحاء المنزل و أنا أنتظر موصل البريد أن يأتي، كنت أمشي و كأنني عجوز يداي خلف ظهري و عيناي على الأرض و كأنني رجل متقاعد، كان الموضوع مربك بالنسبة لي فهذه وظيفة أحلامي، و فجأة أسمع صوت طرق الباب و ذهبت راكضًا لأفتح الباب، فتحت الباب و بدأت انظر في كل مكان و لم يكن هناك أحد ثم نظرت في الأسفل على الأرضية و وجدت سلة تحتوي على كعك مخبوز و تحمل رسالة مكتوب بها "إلى السيدة "إيزابيلا" نحن جيرانكم الجدد نتمنى مقابلتك" تنهدت و كنت أشعر و كأنني أريد أن أرميه من يداي و أتصرف و كأنني لم أفعل شيء، لكنني حافظت على هدوئي و أدخلته للداخل.
أصبحت الساعة ال9 صباحًا و لم يأتي أي أحد، استيقظ السيد "ليام" و كأن ينظر إلي بأعين شبه مفتوحة و شعره المبعثر و قال: هل أنت لا تزال مستيقظًا أو ماذا؟
- لا لا، أستيقظت في ال6 صباحًا أنتظر رجل البريد
- يا فتى إخلد إلى النوم إن اليوم يوم السبت و لن يأتي أحد
في تلك اللحظة شعرت و كأن عقلي قد إختفى حقًا.. كيف لي أن أنسى أن اليوم سبت و لا يوجد عمل؟ أنا غبي حقا.
خلدت إلى النوم و لم أستيقظ حتى العصر و كان المنزل هادئ أغلب الوقت جميعهم يأخذون قسط من الراحة بعد أسبوع طويل متعب، خرجت و بدأت أمشي قليلًا و أفكر بذلك الرجل، لا أعرف لماذا يشغل تفكيري، إنه غريب لكنني لا أريد أن أحكم على شكله.
بعد تفكير طويل نمت مثل الميت و استيقظت إلى بعد الظهر و لم أكن متوتر مثل الأمس، خرجت و رأيت السيدة "إيزابيلا" تسترخي في غرفة المعيشة، كنت أشعر بصداع و كأنني نائم منذ أسبوع تقدمت و تمددت على الأريكة و قلت لها: أشعر بالدوار قليلًا.. كم الساعة الآن؟
- بالطبع سوف تشعر بالدوار و أنت نائم لأكثر من 15 ساعة
- 15 ساعة؟ هذا غريب، هناك شيء أحاول تذكره لكنني لا أعرف ماذا حدث بي
- نعم، رد المحقق
- صحيح!!
خرجت راكضًا إلى صندوق البريد و بالفعل وجدت الرد، أدخلت يدي و أخذت الرسالة و فتحتها مثل المجنون و كما توقعت.. تم رفضي.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jul 19, 2024 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

حياة اوليفر 2حيث تعيش القصص. اكتشف الآن