كانت عطلة أسبوع طويلة بعض الشيء، لم أفكر في أمر قراري الذي اتخذته بلا تمعن دقيق رغم أني ناقشته مع كارلو مرة واحدة فقط عندما أتى خلفي مباشرة ما إن أدليت به.. يتساءل لماذا أرمي طفلا أنا أملُه الوحيد المتبقي إلى هامش العالم رغم أننا نتشارك الدماء نفسها تقريبا، حتى أنه حاضرني تحت شعار الدماء المشتركة عوض فتات الإنسانية المبعثر في جوفي فهو يعلم أنني نوعا ما بلا مشاعر عندما أفقد توازني، مستعدًا لإيذاء نفسي فماذا قد يتوقع أكثر!
"لأجل النسبة الضئيلة من دمائك التي تجري في شرايينه.. أعد التفكير فيما أنت مقدم عليه" قال يترجى.
"كارلو، مستحيل أن يملك دمائي ولا بأي نسبة لأن أوعيتي تسري داخلها القهوة وهو لا يعرف مذاقها حتى" أجبت بعفوية بينما أرتب سريري ثم جلست على حافته أقابل نظرات كارلو المستاءة.
قرأت في وميضها شتم ثقيل ودخان غضب متحجر. استدار بعدها وغادر غرفتي تاركا الباب مفتوحا.. انتقاما.لولا عطلة الأسبوع ولولا أن الوقت ليس متأخرًا لأخذت الطفل الآن، لكن جاءت الأمور بهذه الطريقة .. إذن عليه أن يشكر الرب فقد صارت له فرصة ليتحضَّر ويتخيَّل الميتم، يسأل كارلو بخصوصه ويرتب مشاعره وعقله.
في الأخير لست شريرا، لم أُبقِ على فكرتي تضرب جدران جمجمتي إلى أن أطبقها دون إنذارٍ سابق، فأنا أكره الهدوء قبل العاصفة رغم أني أجده دوما يصفع عقلي ويغبِّره.
فقد كنت على ما يرام بمثالية مبالغٌ فيها، ولأن قانون العالم يُحرِّم هذا النوع من المبالغة قرَّرَ أن يعبث بتوازني وذلك بإرساله لي ما يقلب حياتي رأسا على عقب..
هذه هي النظرية التي تعصرها خلايا عقلي داخل وعيي حتى تقتنع حواسي أني لا أتعرض لهجوم فأتمكن من ترك ملجئي الآمن لمواصلة أسلوب حياتي البطيء، رغم أني لطالما تمنيت أن يحدث شيء ما يرغمني على البقاء في ملجئي الدافئ -تحت بطانيتي- دون مواجهة العالم لكني هكذا سأتضور جوعا..
أمضيت عطلة نهاية الأسبوع بين غرفتي وعتبة الباب الخلفية للبيت أتأمل الحديقة وخرابها، كم صرت أشبهها. شجرة الليمون الوحيدة المتبقية وعلمت السر، الخراب لا يسمح للمرء بتذوق حلاوة الحياة وشجرة الليمون هناك لأجل أن تزيد من خراب الحديقة سوءًا.كنت والطفل نحصل على بعض التفاعلات الصامتة، نظرات جانبية باردة.
حينما أحضر كوب القهوة خاصتي بينما هو يتناول العشاء.. حينما كنت أبحث عن كارلو في غرفة المعيشة وهو يشاهد التلفاز.. وحينما نهضت أغلق النافذة التي فتحها كارلو عمدا -عوض أن يملأ البيت بالصراخ ثم يتعامل مع الشرطة بسبب إبلاغ من الجيران عن الضجيج- ألقيت نظرة سريعة للحديقة إذا بي أرى الطفل يحاول التقاط بعض الليمون.. ثم يقع دون أن يمسك به أحد فينجرح أكثر.لا أعلم لماذا رفع رأسه فتقابلت نظراتنا وكيف علم أني أراقبه، أغلقت النافذة حينها سريعا وعدت للنوم أنتظر الغد لأبدأ في ترتيب أموري وأول شيء: إعادته من حيث جاء.
VOUS LISEZ
My old reflection.
Randomيمكن أن نرى أنفسنا في الزمن الحاضر من خلال المرآة.. ويمكن رؤيتها في الزمن الماضي من خلال الذكريات وفي اطار الصور والفيديوهات.. لكن ماذا لو رأينا أنفسنا القديمة في جوف الحاضر !