~الساعة 19:00'
في إيرلندا تحديداً بحيّ مدلن العريق ، تقف بطلتنا كاترن في أَضْخَمُ صالة حفلات إيطالية لأجل أكبر تجمعٍ لعائلةِ سفورزا فاحشة الثراء ، كان يومُ تخرجها الدراسي ، فتاة ذو 22 سنة ، ترتدي فستاناً أسوداً حريرياً تلقي الإبتسامات بالأرجاء ، تمشي بخفةٍ و في يديها كأس من أجود انواع النبيذ الأحمر الإيطالي الذي يدعى بـ Barolo أو "ملك النبيذ" حيث يحمل طابعا فاخراً ومُعقدًا .
بعد مدة ليست بطويلة لاحضت كاترين أن أبوها غير موجود بالأنحاء ، فـأثار ذلك فضولها فهو بالعادة حريصٌ جدا و متحفظ ، خاصةً في حفلات العائلة كيّ لا تغيب كاترين عن ناضريه ، كانت كاترين دائما ترى أن أبيها شديد الخوف عليها بطريقة أصبحت تتقزز منها عندما تتذكر أنه قد وضع بالفعل لها ثلاثة حراسٍ منذ أن كانت طِفلةً لا تتجاوزُ الخامسة بعد موت والدتها رُوز ؛ فـكاترين تُحب التسكع خارجا وحدها بدون إزعاج الحراس لها أو والدها ، وهذا ما كان أشبه للحلم بالنسبة لها ، حتى أنها لم تقُم بمغامرة حية لخوف والدها عليها..أو على الأقل كما تعتقد هي..لحد الأن
خرجت كاترين من الصالة مُتجهةً نحو الباب الرئيسي ، فـقد قررت البحث عن والدها ولكن سُرعان ما قامت برؤية أزقة حيّ دبلن ، نست موضوع البحث عن أبيها راڤال نهائيا ، نضرت حولها لبعض دقائق مفكرةً إن كان أحدٌ يُراقِبُها من بعيدٍ , و لكن على عكس العادة لم تجد أيّ شخصٍ مُطلقاً إبتسمت بحيوية لم تشعر بها قط ، كانت اول مرة تشعرُ فيها وكأنها حُرةٌ تماما من أيّ قيودٍ حولها ، حتى ولو كان ذلك الشعور لا يتجاوز الـ بضع دقائق .
بقت كاترين تُبصِرُ المكان من حولها بعينيها البُندقيتيّ اللون ، إلى أن لاحضت سيارة سائقها بالقرب منها ، إتجهت نحوها بنية عقد صفقةٍ معهُ ، فـ سائِقهاَ كبيرٌ بالسّن و ظنت أنه لمن السهل عقد صفقات معهُ خصيصا بقليلٍ من المال الوفير الذي لربما يطمعُ للحصول عليه ، ما إن دخلت السيارة ، حتى إضيقت عيناها بحزنٍ لـرؤيتها سائقها الجديد ، لم تكن متفاجئةً ، فقد تعودت أن أبيها يغير سائقها بين مدة و أخرى ، و لكن الشيء الذي جذب إنتباهها هو ان السائق هذه المرة شاب..عكس كل الذي قد جلبَهم أبوها من قبل لأجلها ، بقيت تُفكرُ لبعض الوقت ما إن قطع سائقها الجديد صمتها قائلا بصوتٍ عميقٍ كـ عمق بئر لا نهاية له و لا بداية قد تجعل أيّ شخصٍ يستمعُ إليهِ بشعورٍ مُختلطٍ بين رهبة و إعجابٍ
السائق : مرحبا بكِ ، سيدتي كاترين ، أنا سائقكِ الجديد ، أدعى ألبیرتینو -تحدث و هو ينظر بإتجاهها دون إزاحة يديه من عجلة القيادة-
كاترين بتشتت و حياء و قد بدأت تلعب بـشعرها مستعملةً يديها الرقيقتين : نـ..نعم أياً يكنّ سررت بلقائك .
ألبیرتینو : لقد رأيتكِ قبل قليلٍ و أنتٍ تتركين الحفلة ، هل هنالك شيء محدد أردتي فعله؟
بعد مكوث كاترين ملياً و هي تنظر نحوه و هي تفكر إن كانت فكرةً جيدة بطرح نفس السؤال عليه الذي قد فكرت سابقاً بطرحهِ على سائقها السابق ، إستجمعت شجاعتها و قالت له بصوت مُتقطعٍ و قد تلعثمت بأغلب كلامها
إسمع يا ...ألبيرت م..ما رأيك بأن..نهرب أقصد أهرب..لا تفهمني بشكل طاخء أعنيّ خاطئ ، و لكنني حقاً سئِمتُ من ..
توقفت كاترين بعد أن رأت عيني ألبيرتينو الزرقاويتين الداكنة ، مثل أعمق أجزاء المحيط ، شعرت كاثرين بالثقة الكافية لتستمر في كلامها وبدون أيّ تلعثم و هي تلقي نظرةً أخيرة على عيون ألبيرتينو ثم أضافت قائلةً بفصاحةٍ و ذربٍ :
أتعلم ماذا؟ فقط إفعل ما أطلبه منك ، إنني قد سئمت من العيش مع أبي ، و أنت ما عليك إلا أن تأخذني لمكان أخر..أيّ مكان لا يهمني أين بالضبط ، و سأقوم بإعطائِك مبلغا وفيراً من المال جراء فعلتك هذه ، أكثر من أيّ مبلغ قد تستطيع تخمينهُ ، ما رأيّك ؟
مع معرفَتها الجمى أن الأشخاص الذين يوظفهم راڤال مُخلصِين ، و مع ذلك فقد خاطرت بإستفساره هذا السؤالأردف ألبیرتینو بصوتٍ عمِـيقٍ و هو يتحدث بجدية وثقة معـها ، صوته عميق وموزون ، مما يمنح كلماته وزنًا خاصًا ، كل كلمة ينطق بها محسوبة، بلا تردد، وكأنما يعرف تمامًا الأثر الذي تتركه فيها بعد إخراجها من بين شفتيه : "فـي الحقيقة أنا لا أمانع هذا البتة ، إلى أين هي وجهتك سيدتي ؟"
توقفت كاترين عن اللعب بخصلات شعرها عندما استمعت إلى إجابة ألبيرتينو ، لم تكن تتوقع هذا الرد، فقد إعتادت على تلقي الرفض أو التوبيخ من الأشخاص الذين يعملون لصالح والدها راڤال . لكن رده الهادئ والواثق أشعرها بشيء غريب، مزيج من الريبة والإثارة. تنهدت بعمق، وحاولت جمع أفكارها سريعًا ثم قالت بصوت أكثر ثباتًا :
"أريد الذهاب إلى مكان لا يعرفه أحد... مكان بعيد عن هذا العالم الذي أحيا فيه . لا أستطيع تحمل هذه الحياة المحصورة والمراقبة المستمرة أريد الحرية، ولو ليوم واحد فقط لا يهمني مع من"
ابتسم ألبيرتينو ابتسامة خفيفة ورأءها العديد من الأفكار الماكرة وكأنه كان يتوقع هذا الطلب منها. ثم قال بصوت هادئ :
"أفهمك تمامًا، سيدتي. سأخذك إلى مكان بعيد عن الأعين... إلى مكان يمكنك أن تكوني فيه كاترين، دون أية قيود"إبتهجت كاترين ، حيث إتسع بؤبؤ عينيها و قد كانت أول مرة يقبل أحد حراس والدها شيئا منها بدون تدخل أو إخبار راڤال و قـامت بتعديل جلستها في السيارة دون إضافة إيّ جملة خشيةً من تغيير رأيه
بعد بضعة دقائـق داخل السيارة أضاف ألبيرتينو :
"ولا حاجة للمال المُتفق عليه سيدتي ، سعادتك تكفيني"
أومأت برأسها بإتفاق بخفةٍ و هي تسرح في مخيلتها ،قد كانت كاترين في دوامة من الأفكار عن الحياة الجديدة قبل أن تبدأ حتى ، تتصارع بين مشاعر الخوف والترقب، بينما كانت تحدق من خلال نافذة السيارة، حيث تندمج المناظر الخارجية في خلفية ضبابية كأنها تنعكس في عقلها المليء بالأسئلة تساءلت عن مصيرها الجديد ، وتخيلت ما يمكن أن يحدث بعد هروبها مع سائقها الجديد الذي بالكاد تعرفه ، ولكنها قررت الوثوق به لسبب غير معروف إتباعًا لقلبها لا لـ عقلها بتصرفٍ طائشٍ منها .
•
•
•
•
•هنا ينتهي الفصل المُسمى بـ { في أزقة شوراع دبلن }
أتمنى أن يكون نال إعجابكم ،، 🥹🤏
^ما الذي سيحدث مُستقبلاً برأيكم؟^
![](https://img.wattpad.com/cover/370521962-288-k928408.jpg)
أنت تقرأ
مــا خلف القضـبانّ
Mystery / Thriller_ فتاةٌ غنية تهرب من قاتلها لتجد نفسها في منصف كهف مظلم ومجهول ؛ كان الكهف يبدو كملاذٍ آمن، ولكن بمجرد دخولها، يختفي المدخل لتجد نفسها بمنتصف الظلام الحالك محاصرة داخل عالم آخر ، هذا العالم مليء بالألغاز الغامضة والتحديات الخطرة التي لا يمكنها الهرو...