بَيْنَ أَسْوَارِ اَلْكَنِيسَةِ

579 41 18
                                    

« لَا تنْبِتُ الزُّهُور الَّا فِي ترْبَة القوة ،فمَنْ لَا يمْتلِك جُذوراً صَلِيبة يَتَلَاشَى فِي ظِلَالِ الجَحِيمِ »

••
••

ارتمى جسده على خاصتها يدُسُّهَا في حضنه مانعا أيَّ سوء من المساس بها ،حين ذَكَرْتُ مسبقاً انه رجل قياديٌّ يتحمَّلُ مسؤُولِيَّاتُهُ لم أقلها هباءً ،منذ أَن وَلجت الطبيبة لحياته ومسكنه أصبحت فردا من ملكية ويلدر التي تقع على عاتقه...

لم تتدارك صدمتها بعد حين سحب جسده من فوقها يترجل من السيارة ،ويدها التي عانقت كتفه مُلِئَتْ بدمائِه الدَّافئَةِ تؤكد اصابته ،أقفل النوافذ السوداء قبل مغادرته غافلا عن الزجاج الأمامي المهشم اللذي اتاح لها رؤية بشاعة ما هم مقبلون عليه

في هذه البرهة بالضبط تمنت لو هرب الوعي منها يريح جسدها من هذا الصراع المؤلم وهي ترى كفوفها مليئة بدماء عدوها اللذي لم يتردد ولو للحضة بالإرتماء على جسدها غير مكترث لحياته

في خضم كل الأفكار الصاخبة التي تنخر ذهنها رفعت بصرها تراقب الأوضاع الخارجية ويا ليتها لم تفعل..

عشرات من الجثث الهامدة تفترش الأرضية يسحبها الرجال للجرف الجانبي كالدمى وبرك من الدماء تبلل ثيابهم تثبت الملحمة البشرية التي أقيمت على يد رجل لو رأيته لكذبت بصرك واخترت تبرئته

حتى ضنت أنها رأت شياطينه في أوج حالاتها خبثا قبل أيام وخرجت صورته أمامها اليوم ،جسده الضخم كوحش بشري لايشبع من نهش لحوم البشر و الإنتشاء برائحة دمائهم ،قميصه الأبيض لُوِّث بزخات دماء ضحاياه كلوحة فنية تجسد بشاعة أفعاله

لم تستطع حتى اطالة النظر فغلفت وجهها بكفوفها المرتجفة وأجهشت بالبكاء ،تمزَّق ثَوب صبرها وتداعت قدرة تحملها حتى انفجرت براكينها تحرق عيونها التي فقدت اشراقها من هول ما رأته

سمعت صوت بوابة السيارة تفتح لكنها لم تصمت ،بل استمرت في البكاء بحرقة رغم استشعارها بكفوف شيطانها الآثم يحمل جسدها الهزيل لحضنه وكأنه ينتشلها من جحيم هو إبليسه

دفنت رأسها في قميصه الرمادي اللذي غيره قبل قدومه لها تجنبا لرأيتها له في حالة شنيعة تهدد سكينتها لكن الأوان فات ،من الغريب جدا ان تحتمي في حضن شخص هربا منه هو نفسه ،شعورها بالطمأنينة و الأمان في حضنه كان خطيئة لا تغتفر وأنفه اللذي دسه بين خصلات شعرها يداعب به فروة رأسها كحركة اعتاد تهدئة إيزيل بها كان لذيذا بشكل جانح

شعورها بالأمان وتبدد الخوف من أعينها حين يستقبلها بين أضلاعه كان خاطئا،محرما و آثما ، شعورها بالإطمئنان في كنف رجل يناقض غايتها في هذه الحياة كان مرعبا ،هي طبيبة كالبلسم بين ندوب البشر تقتات على العاطفة وتبكي لأحزان الناس بينما هو رجل آثم سوداوي ينتشي برائحة الدماء ويستمتع بشهقات البشر الضعيفة ،ارواح الناس اسفل اقدامه كالنمل يطمسها بلا تفكير ولا رأفة...

opossite / اَلنَّقِيضْحيث تعيش القصص. اكتشف الآن