3 | صدْفَة غَريبةً...؟

39 5 56
                                    

𝑽𝒐𝒕𝒆 + 𝑪𝒐𝒎𝒎𝒆𝒏𝒕 & 𝒕𝒉𝒂𝒏𝒌𝒔 💗🙏🏻.

في ذلك اليومِ، خصوصًا أثناءَ ضِياء القمَرِ، يَقِف ذلك الطَّويلِ في منتَصفِ الجسْرِ و عدَستاهُ تحدِّقانِ في المِيَاه الصافِيَة التي تشكِّلُ أمواجًا تَرتطِم على جدرَانِ السُّدودِ. الرِّياحُ تتلاعَبُ بشعْرِه الأسودَ الفَاحِم الطَّويلِ و يداهُ مخبَّأتانِ في جُيوبِ معطَفِه لتتلقَّى بعضَ الدفْءِ.

بدأتْ الدموعُ بالأنْهِمار فَوْرًا لتسْلُكَ طريقَها نحْو وجْنَتاهِ المحْمرَّتانِ. متَذكِّرًا حَبيبَتهُ السَّابقَةْ التِّي هَجرَتْهُ لسَببٍ مجْهولِ.

أراد منْهَا أن تَكونَ بجانِبهِ الآن، أراد أن يسْنِد رأسهُ على كَتِفها و يُخرِج شهَقاتِه مُوضِّحًا مشاعِرهِ لها. بينَما هي ترَبِّتُ على رأسِه، تُمرِّر أنامِلها الرَّقيقةَ الدَّافِئة خِلال خصَلاتِ شعْرِه النَّاعِم و تُهَدِّيه ببعْضِ الكَلِمات.

كم إشتَاقَ لـصَوْتها الرَّنان،
كم إشتَاقَ لـقُبلاتِها الطابِعةَ على خدِّه و شفَتاهُ،
كم إشتَاقَ لـذِراعَيْها الصَغِيرتانِ تلْتفُّ حَوْل عنُقهِ.
كم إشتَاقَ لــها، هي فقَطْ.

كان يَعِيش لحظَاتِه المؤثِّرة حتى تأتِي مفسِدَة اللحَظاتِ، رينا. تتَمشَّى في الجسْرِ بكلِّ أرياحِيَّة و كأنَّها لم تقُم بأنهاءِ حياةِ شخْصٍ قبل أسبُوعٍ.
بإبتِسامَة رضًى على وجْهِها أختَفتْ فَوْر أن إلتَقتْ عَيْناها بخاصَّةِ ذَلك المجْهُولِ.

إلتَفتَ حتى يعْرِف مصدَر صَوْتَ الخُطوَات، أما عنْها فقد سُحِرت بجمالِه للحْظةً :
تلك القامَةُ الطَّويلة و البشَرةِ ناصِعَة البياضِ. تلك الشَّاماتِ المنتَشِرة في وجْهِه أوهَبتْهُ رَوْنقًا مميَّزًا. حواجِبُه الكَثِيفة، عيونُه المبطَّنةَ، أنفُه المستَقِيم...

من هذا المخْلُوق؟ و بأي حَقِّ يستَطِيع أن يتفَوَّق على جمالِ البَشرِ هكذا؟

تصنٌَمتْ مكانِها، أعيُنَها تَتفحَّصُ كل إنشٍ من جسْمِه و تتَساءل، ما كتْلَه الجَمالِ الواقِفةَ أمامِها هذه؟ لقد إعْتادَتْ ألَّا تقَع للأوْلادِ بسُهولَةِ لكن هذا؟ لقد كان مُختلٍفًا.

«ماذا تُريدِين آنِستي؟»
صَوْتًا عمِيقًا إسْتقْبَل طَبلاتِ أذنِها لتسْتَفيق من غفْوَتِها. لفَتَ إنتِباهَها تلْك المِياهُ الصَّادِرة من عُيونِه تَسيلُ على وجْهِه، هل كان يبْكِي؟ إذًا ستَكونُ ضَحِيةً ممتازَةً...

هرعَتْ إلَيهِ لتتصنَّعَ البراءَةَ فسألتْهُ بفُضولٍ:

«لِمَ تبكِي سَيِّدي؟ هل أنْتَ بخَيرٍ؟»
أمْعنَ النَّظر إلَيها بمَلامِح... أعني بدون مَلامِح، ما بِهَا تتَصنَّع اللطافة هكَذا؟ غريب.

عِنْدَما أسْدَل اللَّيلُ سَتائِرهُ... | بَ ، سُحيث تعيش القصص. اكتشف الآن