إنّهَا تجعَله مرهق كحَرفِ يَود لَو أنّهُ يَستطِيّع تجَسِيد كلمَة بمَفردِه، قاضَياً جُل وقَتِه يُفكِرَ بَأن أيَّ كلِمَة سيشَغَل كُل جنُودِهَا ، مُرهَق كـ كاتِب يَكتُب لحَبِيبتهُ الرَاحِله واضِعاً رسائِلُه على قبَرِها ثُم يّقضِي ليَّلتَهُ خَلف أسوَار المَقبّره راجِيًا مِنها النهُوضَ لتَقرأ ، مُرهَق كـ بَاب مِن الوقُوفَ لايَقوى على الإنَسِلاخَ عن الجِدار الذِي إنّشَرخ بسببَ الأسرَار التَّي ملئَتهُ ، مُرهَق لأنه هُوَ .. هُنا ،
مُرهَق لأنّه زنبَقتِه أثَقلت أفَكارَهُ ، فسقَط لفتنتِهَا.
مُرهَقٌ لأنّه ابنُ الغَيْهبَان ، قَتامٌ فحِيمٌ قَائِم بِدَاخِلِه لَنْ يَرُوقهَا الغَطْسُ بِه.
ِِ
يُغريهَا هذا النُّور بِه و لا تقتَربْ ، لهِيبٌ هُو ، أرضُه رثَّة خَرِبَة لَكنّها تَحسبنه مَوطِن . وَ هو مَنفَى إِذَا مِنْهُ اقْتربتَ سَتغتَرب ، وَلوْ أبصَرته هَدُوءًا ، فَمَا هُو إلا الصَّخبُ والهِياجْ فَلو دَنوت سَتضْطرِبُ اضطِراباً يُهلِعهَا.و رَغّم ذلِك تنَاهت لَغرفتِه بأخالِج اللَيّل مُعتنِقَة ثَوب قصِير ، أتدعوه لِنومِ أو المَجُون؟.
" رُوزَالِيَا".
انحازت قدمَاه إليّهَا ، فتَسرّبَت عدستَاها إليّه ، لِجُرمِه الرَّفِيع ، لاَ يلثمه سوَى سروَال المنامَة السودَاء الحرِيريّة ، منحَاز علَى خصرِه وَ صدرِه غَير محرُوس ، يحرِضّ علَى حملةٍ بصريّة غَازيّة إلَيه ، أو ربّمَا حملَةٍ مُخلَة للحيَاء منّ قُبلٍ و لمسَات .
" أ هُوَ كَابُوس ؟".
حرَّرها صوتُه منّ خيَالاتِها و ردَّ إنتبَاهها لِوجهه ، إذّ بِه يناظِرها بغمُوض ، دُخَان السِيجَار بَين شفَاهه يعبَق علَى ملمحمه.
نظَفت حلقَها و دَست الحقِيقَة بتزيفها عتَابهَا لَه قَائلَةً
" سَأنَام مَعك لَعلَّ إستيَائِي منكَ يضمحِل ".
إنتَشل بلَائِه بمسردِه ، و نفَثَ بقاياه العَالقَة فِي ثغرِه بينمَا يعتكِفُ حاجبَيه .
" لستِ صغِيرة بَعد الآن زنبقتِي ".
إغتربَ منّ أمَامِها نَحو الطَاوِلة و دنَا منّها ببرُود حيثّ حَط بسيجَاره فِي إنَاء المُخَصص لَه، تَاركًا إيَاه يتآكل لوحدِه،كمَا تتآكلّ ذكريَاتِه لزنبقتِه الصغِيرة وقتّ مَا توفيت والدتّها ، كَانت تنَامُ بقربِه ليحمِيهَا منّ كَابُوس الهَجر.
" رجاءًا پَاپي ".
ذَبُلت عينَاهَا و توطَدت بأرضهَا مهددةً بالدمُوع.