2

191 21 10
                                    

يَشعُر بِأنَّ شَعرهُ الأشْقَر الجَمِيل قَدْ أصْبَحَ أشعثًا بِفعل العَرق وَ شَدهِ بَين أصابِع يَده، كان عَزيزًا عَليه، قَضى عَليه وَقتًا طَويلًا لِيُصبِحَ بِمَظهرٍ صحي. وَ الآن يُفَكِر بِأنَّهُ حَتمًا لا يُريد أن يَرى مَظهره .

فَوضى مِن العَرق وَ الدموع ،شَعرٌ مُبَعثر ، وَ مَلامِحٌ غائِرة.

" أبقى هُنا لِحين أكمالِي لِوَجْبَتك الأولى"

يَتعثر بِمَجرى تَنفُسه، وَ يَديه تَتَشَبث بِلا إرادةٍ مِنه بِرداء الآخَر جَعلهُ هَذا يَنظرُ ناحِيته لِفَترة، لِأنَ الأشْقَر بَقى يَتَنفس بِتثَاقُل يَفتحُ فَمه وَ يُغلقه دونَ إنبِثاق الحَديثِ مِنه.

" أيُ وَجبة ؟ ما الَذِي تَتَحدثُ عَنه ؟ "

يَنبثقُ مِنهُ الحَديثَ لُهاثًا، وَ يَرتجفُ جَسَدهُ بِخفةٍ ، خاصةً أنماله الَتِي تَقبضُ عَلى مَلابِسه.

" الَم يَكُن حَديثي واضِحًا ؟ "

" أيُ حَديثٍ بِحق السماء! أتعي ما تَقوله؟ "

نَبرةُ صَوته قَدْ عَلَت كَما نَهضَ عَن كُرسيه صَافِعًا الطاوِلة لِحدة وَضعِ يَدهُ عَليها ، فَقابلهُ الآخَر بِذات التعابير الأعتيادية إلا أنَّهُ أمالَ رأسه .

" إذًا لَم يَكُن حَديثي واضِحًا "

كانَ قَدْ قَبضَ عَلى ذِقنه بَينَ أصْبَعينِ مِن يَده، يَتنفسُ بِعمقٍ حِينها، يَرى كَيف تَتَوَتَر مَلامِح الأشْقَر وَ يَسكنُ مَكانِه،

" تُنهي وَجْباتِك لِتَسْتَطيع الخروج مِن هُنا ، أو يُمكُنُك التَعفُن هُنا "

تَطرقُ أصابِعه عَلى ذِقنه قَبل أن تَترُكِه ، وَ يَذهبُ بِطَريقه قَبل أن يُقاطِعه الآخَر عَن عَمله ، كانَ الأشقر قَدْ لامِس ذِقنه بِبَعض الألم وَ كانَ يُحدِق بِظَهر الآخَر الَذي أختفى خَلف الباب الأحَمر، فَيَتَنهد وَ يَعود بِالجلوس عَلى الكُرسي.

يُلاحَظ حِينها خيوط الدِماء عَلى الأرضية، كانَت أكثَر غَمقًا بِفعل الإضاءة، كانَ يَستَطيع رؤيتها تَسيل وَ تَتَدحرج عَلى الأرض ، يَبعثُ لَهُ هَذا شِعورًا خالِص مِن عَدم الراحة ، يَتزامِن هَذا مَعَ سيلان العَرق عَلى جَبينه ما جَعلهُ يَفزع بِمَسحه بِيَدٍ خَشنة .

'لَم يَكُن الوَقت مُناسِبًا لِهَذِهِ التُخيلات ' يُفَكِر وَ مِن ثُمَ يَضعُ بِرأسه عَلى الطاوِلة.

أنها فَتاة مسكينة حَقًا، لا بُدَ أنها مَاتت بِطريقة سَيئة حَقًا، وَ الآن سَتُأكَل مِن قِبله.

تَجعلُ الفِكرة مِن شَعر يَده يَقفُ مُنتصِبًا ، مُصاحِبًا لِقَشعريرة خَفيفة.

يَشعُرُ بِالجفاف الشَديد ، بِحلقه، وَ عَينيه، وَ لَم يَسْتَطع أن يُغلِقَ مُقلَتيهِ ثانيةً، فَكانَ صَوت سيلان الدِماء يَدخلُ مَسامعه بِحُرية.

الوَجْبَة الأخِيرة~ هيونهُوحيث تعيش القصص. اكتشف الآن