﴿ أَلَا يَعۡلَمُ مَنۡ خَلَقَ وَهُوَ ٱللَّطِيفُ ٱلۡخَبِيرُ ﴾أسدِ لـي معروفـا و اضغط النجمة ♡
🕯️
ستشرقِـين كشمسٍ تأبَـى الـغروب، مخـالفةً نوامِـيس الـكون والـحزن، غدا تُحِبِّـين كمَـا أردتِ و تُحَبِّـين، وسيقـول الله لدعوتكِ كونـي}
كازان / روسيا
اختفت خيوط الشفق من السماء و أضلمت، و خَلَتْ الشوارع سِـوى مِن مَن لو يأوؤا إلى منازلهم بعدُ في ظل الصقيع القاسي ، عبق المطر لازال متفَشّي في الجو و تكاد تجزمُ أن الدّم بداخل الأوردة فقد دفئه..
مع هذا فقد خطى علي خارج المسجد بعد صلاة المغرب، ما كان ليتخلّى عن دفئه لو أنه لم يعتد على هذا الطقس، لكن جسده تأقلم منذ الصغر و اكتسب مناعة..
توجه نحو سيارته وما كاد يركبها حتى استوقفه صوت أرقّ من مجابهة هذا الصقيع..
"عفوا"
جائهُ صوتها كنسمة دافئة وسط عاصفة ثلجية، حاول ألا يجعل بصره يتوقف عندها كثيرا ونطق بصوته الهادئ..
"بما أساعدك؟"
داهمته نفحَة من الإستغراب حين مدّت له بعض الكتب التي لم يتبينها من الوهلة الأولى، لكن سرعان ما زال استغرابه حين تكلّمتْ..
"قال رسول الله صلى الله عليه، اتق الله ولو بشق ثمرة، لذا أردت وضع هذه الكتب في المسجد لكنه لا يخلو من الرجال"
كانت كلماتها بشيئ من الفوضى، هذا لم يكن الحوار الذي صنعته في مخيلتها سابقا، سيضن الآن هذا الأمر يزعجها رغمَ أنه ليس كذلك حقا، من الجميل رؤية المساجد ممتلئة بالرجال، هناك نوع من الأمان مرتبط بهذه المناظر التي يتمنى المرء رؤيتها كل يوم..
لم تدرك أنها غابت بذهنها عن الواقع إلا حين تمتم بصوته الذي تحسَبه أعذب من زقزقة العصافير صباح يوم مشرق..
"تقبّل الله منكِ وجزاكِ خيراً"
رفعت نظرها إليه بعفوية ليتلاقى أخضر عينيها مع بنّيّ خاصتيه في ثوانٍ كانت كفيلة بجعل زمنها يتوقف، انخفضت كل الأصوات حولها ولم تعد تسمع سوى صوت خافقها الذي اهتاج داخل صدرها حتى ذهنها كان غائبا حين حمحم بارتباك يلقي السلام قبل أن يعود أدراجه للمسجد..
راقبت ظهره بقلب يتخبط، و مسحت على وجنتها الدافئة بظهر يدها كعادة اكتسبتها منذ الطفولة حين ارتباكها أو شعورها بالخجل..
بعد لحظات من اختفائه داخل المسجد هدأ خافقها ليرتفع طرفُ شفتها بابتسامة دافئة وعينيها لازالت تعانق المدخل.. و الكثير من الذكريات الدافئة تسللت لها بعد ذلك التواصل البصري الذي لم يطُل بينهما.. آه لو بإمكانها فقط لحدّقت إليه حتى شروق الشمس.. استغفرت في نفسها وكادت تلتفت حين أتاها ذاك الصوت جاعلاً إياها تجفل بقوة..
