1-ليلة فضية

29 4 5
                                    

عندما يسطع شعاع القمر المنبعث من الشرفة على هذه الغرفة الواسعة لتتضح للعيون خباياها، مصبوغة بلون أزرق ملكي فاتن يجذب النفوس، و زخارف نقشت على زواياها بأنماط مختلفة جعلت من جدرانها لوحات فنية، و أثاث تألق تحت الضوء طلي بالذهب حقيقة و لونا، و سرير صنع من أغلى أنواع الخشب كفراشه الذي نسج من اغلى انواع الحرير......، ربما يخبرك هذا الوصف عن كم ان مالك هذه الغرفة شخص غني؟....او ربما يخبرك كم ان مالكها شخص سعيد؟.... او ربما هو يعيش في افضل اوقات حياته؟.... لكن كل ذلك خاطأ. إن مالك هذه الغرفة هو روح يائسة بائسة، و يجدر بي القول ان مالكها لم يكن سوى أنا........ ولية عهد هذه المملكة، ليوريان روش دي هوز.....

"..... مع من أتحدث حتى؟... ربما جن جنوني حقا.." ابتسمت ابتسامة خافتة و انا أتذكر تلك الشائعات عن جنوني و التي تناولها الناس كموضوع ساخن هذه الأيام، ضحكت بهدوء و أعدت خصلة شعري خلف أذني ثم نفخت على الشمعة الموضوعة فوق الطاولة الصغيرة قرب سريري...

"... لا حاجة لك الليلة.." حدثت الشمعة كأنها حية و انا افكر إن رآني شخص في هذه اللحظة فإن شائعات جنوني سيتم تأكيدها. حملت نفسي من سريري الدافئ و وضعت قدما على الأرضية المغلفة بسجاد احمر سميك، سرت برشاقة كما تم تعليمي منذ الصغر، و وصلت لأبواب الشرفة المصنوعة من الزجاج و الخشب الثمين، فتحتها فهبت الرياح على وجهي متلاعبة بشعري الفضي، استنشقت الهواء البارد المريح حتى امتلأت رأتي و دخلت الشرفة حتى حافتها لأنظر للأرض المحيطة بقصري و التي إمتلأت بالجنود المدرعين.

ضحكت بينما نظرت لهم و هم يحيطون بقصري من كل الجوانب دون ترك أي ثغرة " يا إلهي. أشعر بالأسف عليهم لبذلهم كل هذا الجهد بينما لن احاول الهرب حتى.. "

يتلألأ شعري الفضي النقي تحت ضوء القمر و كأنه يعلن عن أنني فرد من العائلة الملكية بينما رفعت رأسي لأحدق بثوب يدعى السماء مرصع تماما بالنجوم، لسبب ما بدى لعيوني الذهبية اجمل من أي وقت مضى. هِمت في تلك السماء و لم أستطع إبعاد عيني ربما لأنها كانت ملاذي الأخير...، تنهدت و ابتسمت لنفسي دون سبب وجيه ليسقط ناظري أخيرا على تلك القلادة التي تدلت من على رقبتي الرقيقة.

" اشتريتك بثمن كبير و لا اعرف حتى ان كنت تستحقين.. " تحدثت للجماد مجددا، كانت قلادة بجوهرة زرقاء سماوية جميلة، لم تبدو مميزة عن غيرها لكنني أغرمت بها كثيرا. قبلتها بشفاه دافئة وردية عندما سمعت صوت أقدام ثابتة تدق على أرض الرواق، تمشي بهدوء حتى توقفت خلف باب غرفتي مباشرة. نظرت لأرض قصري مرة اخيرة ثم استدرت و عدت ادراجي لداخل غرفتي و وقفت.

قلت و انا ابتسم " تفضل بالدخول... " ارتفع صوت صرير الباب المدفوع إلى الأمام حتى فتح تماما، و ظهر ذلك الرجل الطويل من خلفه، بنظرته الهادئة الباردة و تعبيره الجاد الممل، شعره الذي كان كلون شعري و عيونه التي كانت كلون عيوني بل و جمع الشبه بيننا حتى في بعض الملامح التي ورثناها من والدنا، هذا الرجل الوسيم كان اخي الصغير.

ماذا لو كنت أفضل؟|What if I was better? حيث تعيش القصص. اكتشف الآن