الإشراقة الرابعة

62 1 0
                                    

"أكثر الله من خيرك يا خالة "

قالتها داليدا مبتسمة لتلك المرأة صاحبة البيت التي استأجرت به الشقة السفلية بالدور الأرضي لها هي وأخوتها وجدها
أغلقت الباب خلف العجوز ثم استدارت تتأمل الشقة الصغيرة دامعة العينين
شقة بسيطة تتكون من غرفة صغيرة وصالة ومطبخ وحمام صغير
جلست على وسادة مستديرة حمراء عالية بعض الشئ وضمت قبضتها أسفل ذقنها متنهدة بهم وألم تستكثرهم على ذاتها
يعز عليها تركها لبيت والديها وإغلاقه وكأنه لم يكن مسكون يوما
يعز عليها أخذها لجدها الغير واعي لذاته أغلب الوقت لبلد أخرى ربما لم يزورها في حياته سوى مرات معدودة
يعز عليها مغامراتها باخوتها الصغار دون أن تعلم مدى نهاية طريقها جيداً
ثقل أفكارها أوهن جسدها فنزلت على الأرض وارتكنت برأسها على ذراعها النائم على الوسادة
لا تعرف أين ستأخذها الحياة في العاصمة ولا بها من الروح ما يجعلها تأمل حتى لغدٍ أفضل
عيشها من أجل نفسها بُتر منذ عامين مع سرها الذي دفنته بأعمق بقاع روحها حتى لا تتذكره
وليتها تقدر على محوه للأبد كما توهم نفسها
ابتسمت بحنان على صوت تأوه معاذ النائم وهو يتماطأ بجسده على سجادة الأرض جوارها
لقد تعب اليوم وهو يساعدها في ترتيب الشقة وتنظيفها كرجل صغير يعتمد عليه وليته يكبر ويرفع قليلاً عن كاهلها علها تتنفس !!
دمعة يتيمة غافلتها فسقطت من عينيها تكوي روحها الملتاعة بالذنب لكنها كبحت المزيد بعزم وهي تخرج ذلك الكارت من جيبها بعينٍ مصممة
لقد دبرت لها صديقتها عمل بشركة كبيرة عند والد صديقة لها لا تعرفها هي لكن لا يهم
هي تثق بها
يكفي أنها الوحيدة التي حفظت سرها وساعدتها إلى الآن
رفعت الكارت أمام عينيها متمنية أن يسدد الله خطاها في ذلك العمل على الأقل حتى تستطيع فتح مشروعها الذي تتمناه
كارت لامع به اسم من ثلاثي ليته يكون عوناً لها ..!!
"رأفت حسين العُليمي "
================

أحيانا بعض الأمل الواهي فيمن لا يعبأ يجعلنا مثيرين للسخرية
تقف ملك أمام المرأة تناظر نفسها في تلك الغلالة الوردية التي ترتديها من أجله علها تستطيع إعادة المياة لمجاريها
الحياة بينهم منذ أن انتقلوا إلى هنا متوترة وباردة
عملية إلى حد ممل
شد على الدوام ولا توجد بادرة جذب واحدة
الشجار بينهم كالخيط المشدود لا هو يفهمها ولا هي تعرف كيف تصيغ ما تقصد له بطريقة صحيحة
هي تريده أن يفتخر بذاته ويرتاح وهو يراها انتهازية لكل ما يؤمن لها الحياة هي وأطفالها
هي تريد الرسو لبر الأمان لهم جميعا وهو يراها تسعى من أجل نفسها فقط
تأففت ملك بضيق وهي تنفض عنها الأفكار البائسة بأمل أن تستطيع إيجاد طريقة جديدة للوصول له...
بصيص من الأمل يدب في روحها فتلمع عينيها وهي تلمس تسريحتها الجديدة التي فعلتها اليوم في مركز التجميل

صوت فتح باب الجناح أثار دقات قلبها ترقبا والحرارة تدب في جسدها شوقا ً
فتح حسن باب الغرفة شاعراً بالاختناق من كل ما حوله
لكن لوهلة لمعت عينيه تمران عليها بتمهل ذكوري يناظرها في تلك المنامة القصيرة التي تكشف أكثر مما تستر مما جلب ابتسامة أمل لشفتيها قُتِلتْ في مهدها وزاوية شفته العلية ترتفع باستهتار وهو يمر عليها بعينيه مرة أخرى
حرارة الشوق تبدلت إلى ترقب بائس وهو يقترب منها بخطوات متمهلة في حلته الأنيقة مفتوحة أزرار قميصه كاشفة عن صدره الذي تعلو وتهبط أنفاسه بتسارع
ابتسم حسن ابتسامة ذئبية قبضت قلبها  حين وقف أمامها مباشرةً
كيمياء أجسادهم المتفاعلة تناقض جنون أفكارهم
شهقة خافته ندت منها وهو يسحبها له ابتلعتها حرارة أنفاسه وهو ينهل من ضعف عاطفتها بسفور حتى آنت بضعف لكنه لم يفلتها وهو يطلق لسراح غريزته العنان مع كفيه
لكن ذوبانها اللحظي انقشع تاركاً شعوراً مريراّ بالامتهان اصطحبه خطين من الدموع وهي تدفعه بكل قوتها حتى أفلتها لاهثاً
"هل جننت؟"
قالتها بتحشرج وهي تناظره من خلف سحاب الدموع بعينيها وأردفت وشعور مريع بالإهانة يتخللها :_
"كيف تعاملني بهذة الطريقة وكأني غانية يا حسن ؟!"

رواية وأشرقت الشمس بعينيها ( الجزء الثاني من سلسلة والتقت القلوب) Where stories live. Discover now