03: ما بين الابيض والاسود

23 0 0
                                    

إن المصاعب في الحياة أمور نسبية فكل شيء صعب جداً عند النفس الصغيرة جدا..ولا صعوبة عظيمة عند النفس العظيمة..وبينما النفس العظيمة تزداد عظمة بمبالغة الصعاب، إذ بالنفوس الهزيلة تزداد سقماً بالفرار منها، وإنما الصعاب كالكلب العقور إذا رآك خفت منه، وجريت عنه، نبحك وعدا وراءك، وإذا رآك تهزأ به ولا تعيره اهتماماً وتبرق له عينك، أفسح الطريق لك..

كان عظيما محاربا لطالما أعتبر المصاعب في حياته طريقا سيقوده إلى أهدافه..يقولون ان العادة كفيلة بأن تجعل الألم غير أليم..كان شخصا أعتاد الألم حتى فقد معناه .. إعتاد الظلام حتى أصبح قرين السواد..إعتاد الدماء حتى أصبح الأحمر هو لون الحياة بنسبة له..

كان يمشي في طريقه إلى سيارته وهو يشعل سجارة يستنشق سمها لتساعده على ترتيب الأفكار في عقله.. هو ليس بشخص يحب أن تخرج الأمور عن سيطرته ولا بأي شكل من الأشكال..إلا أن طرق أحدهم بوابة الماضي..
وكما سرت العادة كان زمام الأمور بيده دائما..

فالزعيم الذكي لا يترك الاحداث للصدفة..وأن أراد شخص أن يفتح صفحة من الماضي..كان عليه أن يدرك قبلا أن الكتاب كله كتب بقلم الزعيم الإطالي بنفسه..

كان على بعد خطوات من سيارته..ورائه أشباحه ببذلاتهم السوداء..حتى سمع صوت ذلك الإسباني يتحدث:
"لا تكن دراميا أيها الإطالي الوسيم أكاد أصدق أن ما قاله اللعين هكتور قد شغلك حقا"

ظهر شبه إبتسامة على فم لورينزو وهو يمسك السيجارة بين شفتيه..يعلم أن ما قاله آدم كان يختصر بكلمة لورينزو ماذا ستفعل.. لكن هذا هو آدم دوبراف..الإسباني الذي لقب بالرائد المجنون منذ ان نصب زعيم المافيا في مملكة إسبانيا..

ولم تأتي التسمية من العدم..فهو مجنون حرفيا في أعماله..وأيضا مزعج و غريب في تعملاته.
وقف لورينزو مكانه ينتظر وصول آدم إليه..ما أن وقف جانبه حتى أدار يده حول عنقه بتلك الإبتسامة المختلة..

إكتفى لورينزو بأن اخرج يده اليمنى من جيبه يسحب السيجارة يرميها أرضا.. ثم إبتعد عنه يفتح باب سيارته ليصعد تاركا الباب مفتوحا..

دعونا نتفق، الجميع يعلم أن الكلام بالنسبة له ليس بالشيء المحبذ.. فاحاديثه قليلة و كلماته غالبا ما تكون مختصرة.. يأمن أن المجهود الذي يبذله الإنسان في خلق الأحاديث يمكن إستغلاله بشكل أفضل.. هذا ما تدرب عليه، وهذا ما عاش فيه..

وطبعا لم يخفى مقصده عن آدم الذي صعد في السيارة بعد أن أشار لرجاله بالعودة لوحدهم..
خرجت السيارة من البهو وانطلقت في الطريق السريع.. بينما كان لورينزو يحدق بالنافذة يمتع ناظريه بالطريق الذي إكتسى حلة الثلج البيضاء من الأيام السابقة التي كانت زينت شوارع ألمانيا بالابيض..

حتى تكلم آدم يخاطبه بصوت عال لسبب واحد هو أنه مجنون غريب الأطوار يصرخ ليحادث شخصا يجلس جانبه:
"حسنا على ما يبدو أنك تفكر بالقضاء على تلك الحشرية الصغيرة التي على الأرجح أنها سئمت من حياتها حتى فعلت هذا"

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Nov 16, 2024 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

"لعنة الحب ||Curse Of Love "Where stories live. Discover now