كانت الليلة مظلمة، والصمت يلف المدينة بأسرها. جلست في غرفتي، أراجع يومي الذي كان متعبًا ومليئًا بالضغوط. لا شيء كان يسير كما خططت له، وشعرت بثقل العالم على كتفي. قررت أن أخلد إلى النوم مبكرًا، علّ النوم يكون ملاذي من هذا العالم القاسي. لم أكن أعلم أن هذه الليلة ستكون بداية لسلسلة من الأحلام الغريبة والدموية التي ستغير حياتي إلى الأبد.في تلك الليلة، حلمت بأول لقاء مع شخص غريب. كنت أمشي في غابة كثيفة، الأشجار الشاهقة تحجب ضوء القمر، والأرض مغطاة بأوراق الشجر الميتة التي تصدر صوتًا خافتًا تحت قدمي. فجأة، ظهر أمامي شخص لم أره من قبل. كان في أواخر الثلاثينات من عمره، ملامحه صارمة ونظراته باردة. كانت عيناه تلمعان ببريق غامض، ووجهه يحمل ندوبًا قديمة تروي قصصًا من المعارك والصراعات التي مر بها.نظر إلي بعمق، وقال بصوت هادئ ومخيف في آن واحد: "أنا صديقك في الأحلام، " كانت كلماته تحمل وعودًا غامضة ومخيفة، وكنت أشعر بالرهبة والفضول في آن واحد. قبل أن أتمكن من الرد، اختفى فجأة كما ظهر، ووجدت نفسي وحيدًا في الغابة مرة أخرى.استيقظت من حلمي مرتجفًا وقلبي ينبض بسرعة. حاولت نسيان ما رأيته، لكن الفضول دفعني للعودة إلى النوم. في الليلة التالية، وجدت نفسي في مكان مظلم ومعتم. كانت هناك رائحة كريهة تملأ المكان، وأصوات غريبة تصدر من كل جانب. كانت الأصوات كأنها تهمس لي، تتحدث بلغات لا أفهمها، لكن شعرت ببرودة الكلماتظهر صديقي مرة أخرى، لكن هذه المرة كان يبدو أكثر شراسة. كانت ملامحه أشد قسوة، وعيونه تلمع بجنون. قادني عبر ممرات ضيقة ومظلمة حتى وصلنا إلى غرفة صغيرة. داخل الغرفة، كان هناك جثة صديق طفولة الذي مات منذ 9 سنوات ملقاة على الأرض، والدماء تغطي الجدران. رائحة الدم كانت طاغية، وأنا أشعر بالغثيان والخوف.قال بصوت بارد، يتسرب منه الجنون: "هذه مجرد البداية. ستتعلم الكثير من هذه الأحلام." لم أفهم ما الذي يريدني أن أتعلمه من هذه الكوابيس، لكنني شعرت بأنني عالق في هذا العالم الدموي، ولا مفر لي منه.بدأت الأحلام تزداد سوءًا. كل ليلة كانت تحمل معها مشاهد جديدة من العنف والدماء. رأيت أشياء لم أكن أتخيلها في أسوأ كوابيسي. كنت أستيقظ كل صباح مرهقًا ومضطربًا، وكنت أشعر بأنني أفقد القدرة على التمييز بين الواقع والحلم. كنت أرى وجه صديقي في الأحلام في كل مكان. في الزوايا المظلمة من غرفتي، في المرآة عندما أنظر إليها، حتى في وجوه الناس في الشارع.ذات يوم، قررت أن أبحث عن تفسير لهذه الأحلام. زرت العديد من الأطباء النفسيين والعلماء، لكن لم يكن لديهم تفسير واضح. كانت الأحلام تزداد قوة وتأثيرًا، حتى بدأت أرى صديقي في الأحلام في حياتي اليومية. كنت أراه في كل مكان، وأسمع صوته في رأسي. كنت أسمع همساته، وكأنها تأتي من أعماق عقلي، تحثني على فعل أشياء لا أجرؤ حتى على التفكير بها.قررت أن أبحث عن ماضي صديقي في الأحلام. بدأت بجمع المعلومات والبحث عن أي دليل قد يقودني إلى الحقيقة. اكتشفت أن هناك قصصًا مشابهة لأشخاص آخرين تعرضوا لأحلام دموية وغامضة. كانت القصة تتكرر، والشخص نفسه يظهر في أحلامهم.سافرت إلى بلدة صغيرة حيث قيل لي أن صديقي في الأحلام كان يعيش فيها قبل سنوات طويلة. هناك، التقيت بأشخاص تحدثوا عن شخص غامض كان يعيش في البلدة وكان يتسبب في حوادث غامضة واختفاءات. كانت هناك أساطير تقول إنه كان يمارس السحر الأسود ويتواصل مع الأرواح.في إحدى الليالي، قررت أن أواجه صديقي في الأحلام. نمت وأنا مستعد لمواجهته. في الحلم، وجدته ينتظرني في مكان مظلم ومعتم. كانت هناك أصوات غريبة تملأ المكان، ورائحة الدم تملأ الهواء. نظرت في عينيه وقلت: "أريد أن أعرف الحقيقة. من أنت؟ ولماذا تفعل هذا؟"ابتسم ببرود وقال: "أنا جزء منك، جزء من مخاوفك وأحلامك المظلمة. أنت من صنعني، وأنا هنا لأعلمك الدروس التي تحتاجها." ثم اندفع نحوي بسرعة، وحينها شعرت بألم حاد يغزو جسدي.استيقظت فجأة، وكنت أتنفس بصعوبة. أدركت أن المواجهة لم تكن مجرد حلم، بل كانت حقيقة. لكن بعد تلك الليلة، لم يعد صديقي يظهر في أحلامي مرة أخرى. شعرت بأنني تحررت من كابوس دام طويلًا.مرت الأيام، وبدأت أتعافى ببطء من تلك التجربة المرعبة. لكن آثارها لم تختفِ تمامًا. كنت أعيش مع ذكرى تلك الأحلام وأحداثها الدموية. أدركت أنني تعلمت الكثير من تلك التجربة، وأنني أصبحت أقوى بفضلها. أحيانًا، عندما أنظر في المرآة، أشعر بأن صديقي في الأحلام ما زال يراقبني. لكنني لم أعد أخاف، بل أرى فيه جزءًا من نفسي، جزءًا تعلمت أن أقبله وأتعايش معه.وفي نهاية المطاف، أدركت أن الأحلام ليست مجرد خيال، بل هي مرآة تعكس أعماق نفوسنا وأسرارها. ومع كل ليلة تمر، أتعلم كيف أواجه مخاوفي وأحلامي، وكيف أعيش بسلام مع الجزء المظلم من نفسي.