زارتا

4 1 0
                                    


متى تكف البومة عن النعيق؟
ومتى تتوقف المرأة عن الصراخ؟

انها تصرخ وتصرخ «امي! امي!» وصوتها الكريه يتردد بين اذني ليصمهما

فلا استطيع النوم وهناك امراة تصرخ دون اي سبب واضح، الا انها تحب ان تعلم اهل البيت بأنها فتحت عينيها واستيقظت

لكني لن افتح الباب لها أبداً فذلك ليس ضمن واجباتي، ولماذا فكرت في امنا اولا ولم تفكر في؟  لو انها نادتني انا لكنتُ استجبتُ لندائها لكنها فضلت امي علي

والشيطانة كأنها تعرف اني مستيقظ وعلى مقربة منها اذ لا يفصل بين حجرتينا الا باب خشبي متهالك راحت تصيح بأسمي، لكن لا، لقد قات اوان استعطافي ولن افتح لكِ الباب أبداً

ليس انا من اوصد باب الغرفة عليها بل امنا، ولن يفتح الباب حتى تظهر اولى خيوط الفجر، وحتى ذلك الحين لن اتمكن من النوم ما دام زعيقها مستمراً

هي مجنونة او تتظاهر بالجنون كما احب ان اتصور، فهي لا تقل ذكاءٍ عن اي انسان عادي ومع ذلك تلعب دور المخبولة، ما غايتها من ذلك؟ اي جائزة ستنالها من لعب هذا الدور المثير للشفقة؟ منذا يدري؟

ما ان يُفتح لها الباب حتى تُفعم رائحة الغائط والبول انفي ويتوجب علي ان انظف البقعة الموبوءة التي تسكنها اختي العزيزة من قذارتها، الا ان هذا الواجب صار سهلا بمرور الوقت، اذ ان انفي فقد قدرته على الشم منذ امد طويل، ولم يكن منظر القذارة التي خلفتها ليثير  في نفسي اي اشمئزاز على غرار امي واخوتي كنتُ انا من يتولى هذه العملية الضرورية عدة مرات في اليوام الواحد، بعد كل وجبة وفي اوقات محددة من الصباح والمساء، وكانت في احيان كثيرة-وكأنما عن عمد- تلطخ الحائط ونفسها بالقذارة لتزيد مهمتي صعوبة على صعوبتها

وبعد ذلك تبدأ في افتراس كل ما تقع يدها عليه من طعام، اذ لستُ وحدي من ينساق وراء شهوات بطنه، وكثيرا ما تسلب الاطفال والكبار طعامهم، وقد اكتسبت سرعة غير عادية في تعلم النشل والسرقة

ولم يكن ذلك عيبها الوحيد، فألى جانب جوعها غير القابل للاشباع كان هناك مزاجها العكر، كمياه المجاري او اسوء، كانت تستمر بالصراخ حتى بعد ان تفتح امي الباب، غير انها لم تكن تصرخ مطالبة بأمي او بأي شخص اخر، بل تصرخ هكذا لاجل الصراخ وحده حتى تؤلمها حنجرتها،  فتكف اخيرا

وكانت-مثلي تماما- لم تعرف من الدنيا الا الاكل ولا شيء اخر، كانت تأكل لغرض الاكل فقط، ولا يبدو لي ان تستمتع فيه اطلاقا بل كأنه واجب مقدس ينبغي ان تستمر فيه الى ان يغلبها النعاس، وتعيد العملية من جديد ما ان تفتح عينيها

ماذا يمكن ان اذكر عنها ايضا؟ ليس فيها شيء مميز انها فتاة بدينة مجنونة تتخبط يمينا ويسارا كالسكارى وتضرب هذا وتسطو على طعام ذاك
وهكذا دواليك

عجوزٌ كذابحيث تعيش القصص. اكتشف الآن