في عام ١٩٧٤ تشرفت بحج بيت الله الحرام ومن هناك تشرفنا بزيارة قبر الرسول الأڪرم (صلِّ الله عليه وآله) في المدينة المنورة .
وفي إحدى الليالي وفي منتصف الليل حيث ڪانت طُــرقــات المدينة خالية من المارة وقد أزيل قسم من بنايات باب السلام لتوسيع الحرم النبوي الشريف فبانت جدران الصحن الشريف على امتداد عشرات الأمتار ، هناك جلست مع صديقي وصاحب سفري عند أحد الجدران ننتظر فتح أبواب الحرم وصلاة الصبح ، وڪنا نتحدث عن حالات ظهور صاحب الزمان (؏ـجل اللهُ فَرجـهہُ الشَريف)، وعن ڪيفية لقائه والتشرف بالمثول بين يديه، ثم سألني صاحبي: هل يمڪن أن لا يطون للمهدي المنتظر بيتا في المدينة المنورة ؟
فقلت له : نعم يمڪن أن لا يڪون له بيت في المدينة وليس من الضروري أن يڪون له دار في ڪل مدينة في العالم وخاصة أن بيوت أحبائه وشيعته مفتوحة تنتظر قدومه الشريف.
فقال صاحبي : كلا، إنني اعتقد بأن له بيتاً في المدينة.
فسألته : أين هي تلك الدار ؟
فقال : إذا ڪنت أعرف بيت الحُجة بن الحسن (؏ـجل اللهُ فَرجـهہُ الشَريف)، لما ڪنت جالساً في هذا المڪان !
فقلت له : إذا ڪان لدي الإعتقاد بأن لصاحب الزمان (؏ـجل اللهُ فَرجـهہُ الشَريف)، بيتاً في المدينة المنورة لڪنت قد طرقت جميع أبواب البيوت بحثاً عن الحُجة - روحي وأرواح العالمين له الفداء - وإن هذا العمل لا يحتاج إلى أڪثر من خمسة أو ستة أيام فقط وحتى لو سمعت ڪلاماً نابياً من أصحاب البيوت ، لڪن قيمة اللقاء مع صاحب الأمر والزمان (؏ـجل اللهُ فَرجـهہُ الشَريف)، تفوق ڪل تصور وقيمة أخرى .
ثم أضفت قائلاً: لڪنني اعتقد أن المهدي المنتظر (؏ـجل اللهُ فَرجـهہُ الشَريف)، لا يسمح لنفسه أن يطرق أحبابه جميع أبواب بيوت المدينة حتى يلتقوا به، بل سيجدونه بعد فترة قصيرة من البحث ، لا تتجاوز عدداً يسيراً من البيوت ولڪني وبسبب عدم اعتقادي بأن للحُجة داراً في المدينـــة المنورة ، فأنني لا أقوم بهذا العمل.
وواصلت الحديث مع صاحبي الروحاني حتى جعلته يقوم من مڪانه واقفاً ووقفت أيضاً بدوري وأصبحنا لا ندري من أي سبيل نبدأ بالبحث عن البيوت.
وڪنت في ڪل لحظة أتوقع لُطفا ورحمة من الإمام المنتظر (؏ـجل اللهُ فَرجـهہُ الشَريف)، وفي هذه الأثناء وشوارع المدينة خالية تماما من الناس وحتى الطيور، سمعنا صوتاً قادماً .
من جهة مسجد الغمامة يقول بلغة فارسية فصيحة : مِنْ هنا ، مِنْ هنا !
ولما تلفتنا جهة الصوت لاحظنا من بعيـد رجـلا يـنـاديـنـا ولڪننا وبسبب بعد المسافة لم نستطع تشخيص هويته أو صفاته بعد ذلك قلت في نفسي: ربما يڪون ذلك الرجل المنادي ، قد أرسله الحُجة بن الحسن (؏ـجل اللهُ فَرجـهہُ الشَريف)، لإرشادنا إلى بيته، وهنا اغرورقت عيـونـنـا بالدموع وواصلنا السير في اتجاه ذلك الصوت، لڪنني استثنيت هذه الفڪرة وقلت في نفسي: ڪلا ، ربما يڪون أحد الإيرانيين الذين ضلوا الطريق ولما رآنا تصور أننا من أصحابه فنادانا بذلك النداء.
لڪننا لاحظنا أن ذلك الشخص وبعد أن قال جملته: من هنا من هنا ، اتجه إلى أحد الأزقة ودخل فيه دون الإلتفات إلينا أو انتظار رد فعلنا ، ثم غاب عن أنظارنا، وبعد لحظة قصيرة سمعنا صوت دراجة نارية وهي تخترق سڪون الشارع ويقترب منا راڪبها ويقول : من هنا من هنا، وهو يشير بيده إلى ذلك الزقاق الـواقـع خلف فندق الحرم .
وهنا بدأ الشك يساورني بأن هذه الإشارات ليست من الصدف وإن هناك فعلاً شخصاً ينتظرنا وتساءلت مع نفسي قائلا إذا ڪان ذلك الصوت قد جاء صدفة من شخص ضل الطريق فبماذا أفسر مجيء راڪب الدراجة وإرشاده إيانا لذلك الزقاق ؟ .
على أية حال توجهنا إلى ذلك الزقاق ونحن نداري العبرات ونتمتم يا صاحب الزمان (؏ـجل اللهُ فَرجـهہُ الشَريف). ولما وصلنا إلى مدخل الشارع لاح لي شخص بلباس عربي يتوسط مجموعة من الشبان وهو يحدثهم بحديث هام ومثير وڪلهم آذان صاغية ! ثم لاحظت بأنهم يتجهون إلينا على مهل.
ولما وصلوا بجوارنا ، نظر إلينا ذلك الشخص وقال : السلام عليڪم.
فرددنا التحية بأحسن منها وبقينا مأخوذين بجماله وهيبته وشخصيته الرائعة عند ذلك قلت في نفسي : لأنظر من أين أتى هـذا الـرجـل مـع جماعته ومن أي دار خرجوا ؟
وتبينت أن هناك داراً مضيئة يبدو أنهم قد خرجوا منها، وڪان باب الدار خشبياً تتوسطته قضبان حديد ولما نظرت شاهدت داراً قديمة
وخلف الباب مصباح وقف بجانبه شخص يبدو وڪـأنـه خـادم لصاحب الدار وفوق باب الدار لافتة مضيئة ڪُتب عليها بخط ذهبي واضح : «مَنْزِلُ المَهّدِي الغَوثِ».
ولما رأينا القطعة المنيرة تأڪدنا من أن صاحب الزمان (؏ـجل اللهُ فَرجـهہُ الشَريف)، قد أرشدنا إلى بيته المنوّر بڪل يسر وسهولة ثم تقدمت من الفتحة ذات القضبان الحديد ، ورفعت صوتي لأقول لذلك الخادم : هل صاحب الدار موجود ؟
ابتسم الخادم وبڪل ظرف ولطف قال : لقد ذهب حالاً ، صاحب الدار.
فعلمت بأن إسم ذلك الشاب النوراني الجميل ذا الطلعة البهية هو مهدي وأن لقبه الغوث، ولڪن هل حقيقة هو صاحب الزمان المهدي المنتظر (؏ـجل اللهُ فَرجـهہُ الشَريف)؟
أم إن شخصاً بهذا الإسم يسڪن الدار المذڪورة ؟
جلسنا خلف باب الدار ننتظر قدوم صاحبها ولڪن لاحظنا أن الخادم قد أطفأ المصباح وذهب ليستريح .
فقلت في نفسي : هل من الممڪن أنا الحقير أن أوفق لرؤية صاحب الزمان (؏ـجل اللهُ فَرجـهہُ الشَريف)، وأتمتع بهذا الفيض الإلهي
العظيم ؟ ولڪنني عدت بالذاڪرة إلى راڪب الدراجة النـاريـة الـذي ڪلمنا باللغة الفارسية، واسم المهدي المنقوش على ذلك الباب الذي قلما يسمي أهل المدينة بهذا الإسم ، فاقتنعت بأن الله سُبحانه وتعالى قد حبانا بهذا الفضل العميم، وبعد ساعتين ترڪنا المڪان والتحقنا بالقافلة حيث رجعنا إلى مڪة المڪرمة وأتممنا مراسم الحج والعمرة ولم يحصل لي التوفيق بالعودة إلى ذلك الزقاق والتشرف بمقدم صاحب الأمر (؏ـجل اللهُ فَرجـهہُ الشَريف) .
لڪنني وبعد عدة سنوات تشرفت بالحج مرة أخرى ولما نزلت المدينة المنورة ذهبت إلى الزقاق نفسه فوجدت تلك البيوت المتشابهة
لڪنني لم أر لافتة عليها اسم المهدي الغوث.2024/8/20
١٤٤٦هـ
أنت تقرأ
اللقاء مع الإمام صاحب الزمان (؏)
Fiction généraleلا شك أن الإرتباط الروحي أو اللقاء مع صاحب الزمان (؏ـجل اللهُ فَرجـهہُ الشَريف)، يتم على إحدى الصور التالية: 1-رؤية الحُجة بن الحسن (؏ـجل اللهُ فَرجـهہُ الشَريف)، في المنام. 2-رؤيته في عالم المڪاشفة. 3-اللقاء مع جسمه المادي الظاهر. وهذا الڪت...