تحول الغموض: الحقيقة المظلمة

5 0 0
                                    

كان الجو في الحرم الجامعي مشبعًا بالكآبة؛ السماء مغطاة بطبقة كثيفة من الغيوم الداكنة التي تخفي أي أثر للشمس. كان الهواء باردًا وراكدًا، وكأن الطبيعة نفسها كانت تحبس أنفاسها بانتظار شيء غير متوقع. الطلاب يتحركون ببطء، وكأنهم يشعرون بثقل غير مرئي يضغط على أكتافهم.
إيليو كانت تقف تحت شجرة قديمة بالقرب من أحد الممرات الحجرية، متلفعة بمعطفها لتحتمي من البرد. نظرت حولها قليلاً ثم التفتت إلى إزار التي كانت واقفة بجانبها، عيناها شاردتان وملامحها تحمل قلقًا غير عادي.
بدأت إيليو تتحدث، صوتها منخفض لكنه مشحون بالقلق: "إزار، ميراي قالت لي شيئًا اليوم... شيء غريب. أخبرتني أن هناك أمورًا لا أعرفها، و... بدأت أشك في كل شيء. قالت إنك تخفين شيئًا كبيرًا عني."
إزار لم تجب فورًا، بل ظلت صامتة للحظة وكأنها تفكر في رد مناسب. عندما تكلمت أخيرًا، كان صوتها هادئًا لكنه يحمل في طياته توترًا مخفيًا: "ميراي تعرف كيف تلعب بعقول الناس، إيليو. لا تدعيها تزرع الشك في قلبك. هناك الكثير مما لا تدركه، لكن هذا لا يعني أنها على حق."
قبل أن تستطيع إيليو أن ترد، رن هاتف إزار فجأة، قاطعًا الحديث. التقطت الهاتف بسرعة ونظرت إلى الشاشة، وتغيرت ملامحها على الفور، من القلق إلى الذعر.
"إيليو، عليّ الذهاب فورًا." قالتها بسرعة، صوتها كان مرتجفًا بعض الشيء. "أخي... أخي مصاب، ويحتاجني الآن."
إيليو مدت يدها تلقائيًا، تمسك بذراع إزار، محاولة إيقافها: "سآتي معك. لا يمكنك الذهاب وحدك، ربما أستطيع مساعدتك."
لكن إزار هزت رأسها بحزم، تملكتها رغبة قوية في حماية إيليو: "لا، لا يمكنك القدوم معي. الأمر خطير ولا أريدكِ أن تتورطي. سأتعامل مع الأمر بنفسي."
لم تنتظر إزار مزيدًا من النقاش، بل استدارت بسرعة وركضت بعيدًا، تاركة إيليو تقف وحيدة تحت السماء الملبدة، مشوشة بما يجري.
عندما وصلت إزار إلى المكان المحدد، كانت الأنفاس تتلاحق منها نتيجة الجري والقلق. دفعت الباب بحذر، لتجد شخصًا آخر ينتظرها في الظلام. لم يكن أخيها كما توقعت، بل كان شخصًا لم تتوقع رؤيته هنا، شخصًا أثار فيها الرعب وعدم اليقين.
هذا الشخص الذي يقف أمامها لم يكن غريبًا، لكن رؤيته في هذا المكان وفي هذا التوقيت بالذات لم يكن له سوى تفسير واحد، وهو أن الأمور أكثر تعقيدًا وخطورة مما كانت تتصور. شعرت أن الأرض تهتز تحت قدميها، وتساءلت في صمت مرير: "ماذا سيحدث الآن؟"
عندما دخلت إزار الغرفة، كانت أنفاسها تتلاحق والخوف يسيطر عليها. وقفت للحظة في العتبة، تتأمل الظلام الذي يلف المكان. ثم رأت آدم، أخيها، جالسًا على كرسي في الزاوية، يبدو عليه الإرهاق والتعب. لكنه لم يكن وحده.
الشخص الآخر في الغرفة كان واقفًا بالقرب من النافذة، وجهه مغمور في الظلال. لم يكن أحد تعرفه، لكنه كان يثير في قلبها شعورًا بالخطر. تقدمت بخطوات حذرة نحو آدم، تسأل بقلق: "آدم، ماذا حدث؟ من هذا الشخص؟"
آدم رفع نظره إليها، عيونه كانت متعبة بشكل واضح، وكأنه لم ينم منذ أيام. حاول الابتسام لكنه فشل، وقال بصوت متهدج: "لا يوجد شيء خطير، إزار... أنا فقط مرهق. هذا كل ما في الأمر."
لكن إزار لم تقتنع، قلبها كان ينبض بقوة، شعرت بأن هناك شيئًا أكبر مما يبدو على السطح. لم تكن قادرة على تجاهل الشخص الغريب الذي ظل صامتًا طوال الوقت، مشعًا بهالة من الغموض.
بدأت ملامح إزار تتغير بشكل طفيف، تشعر بالغضب يتصاعد بداخلها، غضب لا تستطيع السيطرة عليه. في كل مرة شعرت بهذا الغضب من قبل، كانت تعرف أن هناك خطرًا وشيكًا. بدأت تشعر بتلك القوة الغريبة التي تجتاحها، تحول داخلي لم تستطع فهمه بالكامل. لم تكن فقط مشاعرها تتغير، بل جسمها أيضًا، كان يتحول شيئًا فشيئًا.
نظرت إلى الشخص الغريب، عيناها تلمعان بغضب حقيقي هذه المرة، وقالت بصوت منخفض لكنه كان مشحونًا بالتحدي: "من أنت؟ ماذا تريد منا؟"
الشخص الغامض لم يجب، لكنه اكتفى بالنظر إليها ببرود. كان يعرف، تمامًا مثلها، أن الغضب الذي يشتعل بداخلها يمكن أن يكون كارثيًا. وقبل أن يحدث شيء، دخلت والدتها ووالدها فجأة إلى الغرفة، وجوههم متوترة ومليئة بالقلق.
والدتها هرعت نحو آدم، تتحسس جبهته بيدها بينما والدها وقف بجانب إزار، يراقبها بقلق واضح. "إزار، توقفي. اهدئي،" قال والدها بحزم، واضعًا يده على كتفها في محاولة لتهدئتها.
لكن الغضب بداخلها كان قويًا جدًا، يكاد يسيطر عليها بالكامل. كان والدها يعرف أن هذا التحول ليس مجرد نتيجة غضب عادي، بل هو شيء أعمق، مرتبط بجذور عائلتهم الغامضة، بشيء حاولوا دائمًا إخفاءه عنها وعن آدم.
حاول آدم أن يرفع رأسه ويتكلم، لكنه كان ضعيفًا للغاية. همس بصوت بالكاد يسمع: "لا داعي للقلق... أنا فقط بحاجة إلى الراحة."
لكن والدة إزار كانت تعرف أن الأمر أكبر من ذلك. التفتت إلى الشخص الغريب وقالت بحدة: "ما الذي فعلته بابني؟"
الشخص الغريب أخيرًا ابتسم ابتسامة باهتة وقال: "لم أفعل شيئًا. لكن يبدو أن الوقت قد حان لتعرفوا الحقيقة كاملة."
كانت إزار على وشك أن تتحول تمامًا إلى شكل آخر، شكل لا يعرفه أحد سواها، لكنها توقفت فجأة، مشدودة بالكلمات الغامضة. كانت تعلم أن ما سيحدث بعد ذلك سيغير كل شيء إلى الأبد.

🎉 لقد انتهيت من قراءة تحت نور القمر وضياء الشمس تُحاك الكثير من الأحلام والأماني 🎉
تحت نور القمر وضياء الشمس تُحاك الكثير من الأحلام والأمانيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن