ظلال الغموض

6 0 0
                                    

في أعماق الغابة، حيث لا يصل ضوء الشمس إلا عبر خيوط ضيقة من بين أوراق الأشجار الكثيفة، كان هناك صوت وحيد يعكر صفو الهدوء؛ صوت قطرات المطر وهي تتساقط على الأرض الرطبة. الجو كان مشبعًا بالرطوبة والغموض، وهي البيئة المثالية لصيد مصاصي الدماء.
إزار كانت تتحرك بين الأشجار بخفة وبراعة، حواسها كلها متأهبة لملاحظة أي حركة قد تدل على وجود فريسة. بجانبها كان أخوها آدم، الصياد الأكثر هدوءًا وقوة. كانا يعملان كفريق لا يُقهر، كل منهما يكمل الآخر.
فجأة، توقفت إزار وأشارت بصمت نحو ظلٍ يتحرك بين الأشجار. كانت الفريسة قريبة. بلمح البصر، اندفعت إزار نحوها، وهاجمتها بكل عنف، ممزقة إياها بأسنانها الحادة. كان الدم يسيل على شفتيها وهي تلتهم الفريسة بوحشية.
في هذه الأثناء، كان آدم قد وجد فريسته الخاصة، دبًا كبيرًا كان يشق طريقه عبر الغابة. ببراعة وسرعة، انقض عليه وأسقطه أرضًا، ثم بدأ في التهامه بلا شفقة.
بينما كانا يمارسان طقوس الصيد المعتادة، كانت هناك أسئلة تدور في ذهن إزار. أسئلة عن حياتها وعن سبب إصرارها على العيش بهذه الطريقة. لكنها لم تستطع أن تهرب من هذه الأفكار لفترة طويلة، فقد قطعها صوت أخيها آدم وهو يطلب منها التركيز على ما يفعلونه.
بعد أن انتهيا من وجبتهما الدموية، نظرت إزار إلى آدم وقالت: "متى سينتهي هذا؟". لكن آدم لم يجب، بل اكتفى بإعطائها نظرة تحمل في طياتها الكثير من الغموض، قبل أن يختفي في الظلال مرة أخرى، عائدًا إلى أعماق الغابة.
بعد أن غادر والد إيليو المنزل على عجل، شعرت بإحساس غريب يجتاحها. كانت تعلم أن عمل والدها كرئيس مفاوضين في الشرطة الجنائية يعني أنه غالباً ما يواجه مواقف خطيرة ومعقدة، لكن هذه المرة كان هناك شيء مختلف في عينيه، شيء أثار قلقها.
في الغابة المظلمة، حيث ساد الهدوء إلا من صوت قطرات المطر التي تضرب الأوراق، وصل والد إيليو إلى مكان الجريمة. كانت الشرطة قد طوقت المنطقة، لكن الجو كان مشحونًا بالتوتر. تقدم بخطوات حذرة نحو المحقق المسؤول عن مسرح الجريمة، وطلب تقريرًا عن ما حدث.
"لقد وجدنا الجثة هنا،" قال المحقق، وهو يشير إلى بقعة مغطاة بالدماء. "الجريمة وحشية، لم نرَ شيئًا كهذا من قبل. الضحية تعرضت لهجوم شرس، وكأنها افتُرِسَت من قبل حيوانٍ بري."
تفحص والد إيليو المكان بدقة. آثار العنف كانت واضحة، لكن هناك شيئًا آخر لفت انتباهه. بين الأشجار، كان هناك آثار أقدام بشرية، مختلطة مع آثار مخالب ضخمة. كانت هذه الأثار تشير إلى أن ما حدث لم يكن مجرد هجوم حيوان.
"علينا أن نكون حذرين"، قال والد إيليو للمحققين. "هذا النوع من الهجمات ليس طبيعيًا. ربما نتعامل مع شيء أو شخص يتجاوز ما نعرفه."
في هذه الأثناء، كانت إيليو في المنزل، غير قادرة على التخلص من القلق الذي يسكن قلبها. شعرت بأن شيئًا ما سيئًا على وشك الحدوث. وبينما كانت تحاول التركيز على دراستها، كانت الأفكار تتسلل إليها، تتساءل عما قد يكون وراء تلك الجريمة الغامضة في الغابة، وما علاقة والدها بها.
في اليوم التالي، كانت إيليو تشعر بالتوتر بعد ليلة مليئة بالأفكار المتشابكة. كانت كلمات ميراي عن إزار تتردد في ذهنها، تثير العديد من الأسئلة التي لم تجد لها إجابة. لماذا تحدثت ميراي عن إزار بهذه الطريقة؟ ما الذي تعرفه ولا تفصح عنه؟
في الجامعة، بعد انتهاء إحدى المحاضرات، خرجت إيليو من القاعة وهي تحاول جاهدة التركيز على يومها. لكن أفكارها كانت مشتتة، مشغولة بما قالته ميراي. وبينما كانت تتجه نحو المخرج، رأت فجأة إزار من بعيد. تلك التي شغلت أفكارها طوال الليلة الماضية كانت تقف هناك، تتحدث مع مجموعة من الطلاب.
لم تستطع إيليو مقاومة شعورها بالحاجة إلى المواجهة. ركضت نحو إزار بسرعة، غير آبهة بنظرات الطلاب الذين يتابعون الموقف. عندما وصلت إليها، كانت أنفاسها متسارعة، لكنها حاولت أن تتماسك.
"إزار، يجب أن نتحدث. لدي أسئلة بحاجة لإجابات."
نظرت إزار إلى إيليو بهدوء، وكأنها توقعت هذه المواجهة. ابتسمت ابتسامة غامضة وقالت: "بالطبع، إيليو. دعينا نذهب إلى مكان هادئ لنتحدث."
قادت إزار إيليو إلى زاوية منعزلة في الحرم الجامعي، حيث يمكنهما التحدث بعيدًا عن الأعين الفضولية. جلست إزار على مقعد خشبي وأشارت لإيليو بأن تجلس بجانبها.
"ما الذي يشغلك يا إيليو؟" سألت إزار بصوت هادئ.
ترددت إيليو للحظة، لكنها سرعان ما بدأت تتحدث، "ميراي... تحدثت عنك بطريقة غريبة. قالت أشياء جعلتني أشعر بالقلق. ما الذي تخفيه عني؟"
إبتسمت إزار ابتسامة خفيفة، وكأنها تحاول التحقق من ردة فعل إيليو. ثم قالت بهدوء: "ليكون صدقتي كلامها؟"
نظرت إليها إيليو بحذر وقالت: "لا أعرف ماذا أصدق بعد. قالت إنكِ... مختلفة. وأن هناك أشياء عنكِ لا أفهمها. أريد أن أعرف الحقيقة."
رفعت إزار حاجبيها بإيماءة مرحة، ثم قالت: "ميراي دائمًا ما تُحب الإثارة والغموض. هي تعرف كيف تجذب الانتباه. لكن ما قالته لكِ... ربما يكون صحيحًا بطريقة ما، وربما لا. الأمر يعتمد على ما قالته تحديدًا."
شعرت إيليو بتوتر يتصاعد بداخلها، فسألت بسرعة: "ماذا تقصدين؟ ماذا تعرف عني

تحت نور القمر وضياء الشمس تُحاك الكثير من الأحلام والأمانيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن