إفراغ حمولة

2 0 0
                                    

العدل الدنيوي، عبارة آمنتُ بها منذ الصغر، لكن اليوم أنفيها من بين قاموسي اللغوي، ما عدتُ أرى عدلا في دنياي كي أقر بالأمر، لذا ما عدتُ أصدق بوجود مثل هذه الكلمة.

إلتفتّ للجهة الأخرى من السرير، وزفرتُ نفسا ثقيلا من بين أضلعي، لربما علي الإنتظار قليلا في هذه الحياة كي يتحقق عدلي؟ أو أن الإنتظار ما عاد ينفع؟ لا أدري، حقا لا أدري.

لاصقتُ أجفاني حالما إستمعتُ لصرير الباب معلنا عن دخول أحد، لا قدرة لي على ملاقاة أمي، مر يوم بالفعل على آخر مرة شهدتُ فيها إنهيارها، ولا أظن أنني سأستطيع مواجهتها بعد كلمات الطبيب.

« آنسة جايلين » ثانية، ثانيتين، ثلاث، هذا الوقت المعدوم كان كافيا لأتعرف على الصوت وأفتح عيناي بتعجب شديد، طرفتُ في الفراغ أحاول الإستيعاب قبل أن أستقيم بجذعي وألتفت ناحية الباب، قدمت لي إبتسامة دمثة مرهقة، وواجهتها بملامح حائرة.

ظللنا على ذلك الحال لدقائق قبل أن تقطع اللحظة وتتقدم نحو الكرسي بجانب السرير الذي ظل على حاله منذ خروج الطبيب ماكسويل من غرفتي البارحة، مررتُ عيناي عليها من الأعلى إلى أمخص قدميها، هيئتها لم تتغير على آخر لقاء، ثيابها كلاسيكية كالعادة، وقبعة سوداء تلائم فستانها الأحمر تستقر فوق خصلاتها الليلية.

« إلتقينا مجددا » همست بعد جلوسها وهي تتهرب بأعينها، بعدما خرجتُ من صدمتي قليلا إعتدلتُ في جلستي.

بعدما طافت عيناها الزرقاء على أرجاء الغرفة إستقرت في النهاية على الضمادة التي تلف رسغي، وجحظت مقلتيها بخفة قبل أن تتهرب بأنظارها بعيدا كما لو تبتلع الصدمة، « هل لي أن أعرف سبب الزيارة آنسة ميشيل؟ »

أعادت أنظارها لي بعدما نجحت في إخفاء دهشتها قليلا، هل هي مندهشة من محاولة إنتحاري؟ الجميع فعل أساسا، لا أعرف ما الذي كانوا يتوقعونه مني، لقد أدخلوني إلى مصحة لذا كان على الجميع توقع هذا، ففي النهاية كل شخص بالمصحة يحمل بؤسه وسينتظر أجله، أنا قررتُ تسريع أجلي.

حمحمت ميشيل بخفة قبل أن تستقر يمناها على يدي السليمة، ليست بسليمة حقا فأثر الشفرة لا يزال مرسوما على وريدي، رفعتُ عيناي نحوها أستمع لها « عرفتُ بخبر تواجدكِ هنا مؤخرا »

همهمتُ لها قبل أن أنبس « أتشعرين بالشفقة نحوي؟ أم بالسعادة لتواجد المرأة التي سرقت رجلا كان من المفترض أن يصير زوجك في مثل هذا المكان؟ » إنخفضت إبتسامتها السخيفة تباعا لكلماتي ثم سحبت يدها عن يدي ولاحظتُ تقلص المسافة بين حاجبيها بإنزعاج.

« ماذا؟ هل أخطأتُ التقدير؟ » سألتُ بفكاهة فارغة، ما ألطف نكاتي!

« هل أنتِ جادة؟ لقد جئتُ للإطمئنان عليكِ.» رفعتُ حاجباي وأطلقتُ تأوها أجاريها في كلامها « آسفة، فما قلتُه سابقا سيستنتجه أي أحد غيري » كان ظاهرا جدا من نبرة صوتي أنني لستُ بآسفة، لذا كان من الطبيعي أن يستولي الضيق على ملامحها الجميلة.

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Aug 24 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

اليوم الرابع و العشرين من غشتWhere stories live. Discover now