---
قررت أن تتوجه إلى المقهى القريب، "بلو هاوس كافيه"، الذي كان على بعد دقائق من مكتبها. كان المقهى مشهورًا بديكوراته الهادئة وأضوائه الخافتة التي تبعث على الراحة. جلست على طاولة بجوار النافذة، طلبت قهوة بالحليب وفتحت جهاز الحاسوب المحمول، آملة أن تجد بعض الإلهام أو على الأقل تهدئة عقلها المرهق.
بينما كانت تنتظر القهوة، لفت نظرها شخص يجلس في الزاوية، مشغول في قراءة كتاب. لم تستطع رؤية وجهه بوضوح بسبب الإضاءة الخافتة، لكنه بدا غارقًا تمامًا في عالمه الخاص. كان يحمل بين يديه كتابًا بغلاف بني باهت، مما أثار فضولها حول ما يقرأه.
وصلت القهوة أخيرًا، وبدأت ترتشف منها ببطء، محاولة تهدئة أعصابها المرهقة. عادت بنظرها إلى الرجل الغامض، وتساءلت عن قصته. هل هو شخص يعيش حياة مشابهة لها؟ هل يعاني من نفس الحيرة التي تشعر بها؟ شعرت بأن هناك شيئًا ما في هذا الشخص يثير فضولها، ولكنها لم تجرؤ على الاقتراب.
كان المقهى يعج بالزبائن الذين جاؤوا ليمضوا لحظات هادئة بعد يوم طويل. ضحكات خافتة وأصوات الأكواب المتماسة شكلت خلفية لطيفة للأفكار التي تدور في ذهن "سو-يون". بينما كانت تراقب الرجل من بعيد، لاحظت أنه يضع الكتاب جانبًا ويخرج هاتفه المحمول ليتفحص شيئًا بسرعة. كانت نظراته مركزة وكأنه يبحث عن شيء مهم.
دقائق مرت قبل أن تلاحظ أن الرجل ينهض من مكانه ويتجه نحو الطاولة المجاورة لطاولتها. فجأة، تعثرت قدماه بحقيبة صغيرة كانت موضوعة على الأرض، وكاد أن يسقط لولا أنه تمكن من استعادة توازنه في اللحظة الأخيرة. تبعثر بعض الأوراق التي كان يحملها في يديه على الأرض.
"هل أنت بخير؟" سألت "سو-يون" بقلق وهي تنظر إليه.
"نعم، شكرًا لكِ، كان ذلك محرجًا جدًا"، قال وهو يبتسم بخجل، ثم بدأ يجمع الأوراق التي تبعثرت على الأرض.
بدافع من الفضول أو ربما نوع من الغريزة، انحنت "سو-يون" لمساعدته في جمع الأوراق. عندما أعطته الورقة الأخيرة، لاحظت عنوانًا على إحدى الأوراق: "التأثير النفسي للضغوط الاجتماعية على الشباب".
"هل أنت أستاذ جامعي؟" سألت وهي تقدم له الورقة.
"لا، لست كذلك. أنا طبيب نفسي. أجمع بعض المواد لدراسة أعمل عليها"، قال وهو يأخذ الورقة منها ويعيد ترتيبها. "أنا لي -فيلكس"، أضاف وهو يمد يده لمصافحتها.
"سو-يون"، قالت وهي تصافحه بابتسامة خفيفة.
جلس "فيلكس" على الطاولة بجانبها، وقد دفعه اللقاء الغريب إلى تبادل أطراف الحديث معها. تحدثا عن عملها في مجال الأزياء وعن دراسته حول الضغوط النفسية. كان حديثًا بسيطًا في البداية، ولكن سرعان ما بدأ يأخذ طابعًا أعمق. تحدثا عن الحياة في سيول، وعن الضغوط التي يواجهها الناس في مجتمع يتوقع منهم الكثير.
بينما كانا يتحدثان، بدأت "سو-يون" تشعر بنوع من الراحة. كان هناك شيء في شخصية "فيلكس" يجذبها. ربما كانت طريقته الهادئة في التحدث، أو الطريقة التي يستمع بها بانتباه لكل كلمة تقولها. كان يتحدث معها وكأنه يعرفها منذ سنوات، وليس كغريبين التقيا صدفة في مقهى.
"أتعلمين، أشعر أحيانًا أن المدينة تبتلعنا. نحن دائمًا مشغولون، ولكن هل نحن سعداء حقًا؟" قال "فيلكس" وهو ينظر من النافذة إلى حركة المرور في الخارج.
كلماته أصابت وتراً حساساً لدى "سو-يون". كانت تفكر في نفس الشيء طوال اليوم. العمل المستمر، النجاح المهني، ولكن في النهاية، هل هذا حقًا ما تريده؟
"أحيانًا أشعر أنني أفقد نفسي في هذا العالم المزدحم. لا أعرف ماذا أريد بالضبط، لكنني أعرف أنني لا أشعر بالرضا"، اعترفت "سو-يون" بصوت خافت.
نظر إليها "فيلكس" بعينين مليئتين بالتفهم. "ليس من السهل أن تعثري على معنى الحياة في مدينة مثل سيول. لكن ربما يكون الحديث عنها مع شخص آخر هو بداية الطريق."
كانت تلك الجملة الأخيرة مفتاحًا لفتح الباب بينهما. ما بدأ كمحادثة عابرة في مقهى تحول إلى رابط غير متوقع، رابط لم تكن "سو-يون" تتوقعه أو تبحث عنه. ومع ذلك، شعرت بأنه شيء كانت بحاجة إليه بشدة.
مع مرور الوقت، بدأت "سو-يون" تشعر بأن ثقل اليوم يتلاشى. الحديث مع "فيلكس" كان بمثابة هروب مؤقت من الضغوط التي تحيط بها. وبينما كانت تستعد للمغادرة، كانت تعلم أن هذا اللقاء لم يكن مجرد صدفة، بل كان بداية لشيء لم تكن قد تخيلته من قبل.
"لقد كان من الجيد التحدث معك، سو-يون. ربما علينا أن نكرر ذلك يومًا ما"، قال "فيلكس" بابتسامة وهو يستعد للمغادرة.
"نعم، ربما علينا ذلك"، قالت "سو-يون" وهي تشعر بدفء في قلبها لم تشعر به منذ فترة طويلة.
غادر "فيلكس " المقهى، تاركًا "سو-يون" وحدها مع أفكارها. لكنها لم تكن نفس الأفكار الثقيلة التي كانت تملأ عقلها من قبل. كانت تشعر بنوع من الأمل، وكأن هذا اللقاء البسيط قد أعطاها دفعة جديدة في حياتها.
جلست "سو-يون" لبعض الوقت بعد مغادرته، تستمتع بلحظة الهدوء التي تبعت ذلك. ثم جمعت أغراضها واستعدت للمغادرة، وهي تشعر بأن الحياة قد بدأت تعطيها إشارة جديدة، إشارة قد تأخذها في اتجاه لم تتوقعه من قبل.
.
.
.
.
.
.
.
يتبع..اتمنى تكونو استمتعتوا بالبارت و راح أحاول اخلي الرواية طويلة لا تنسوا نكتبو تعليق حلو زيكم و تضغطوا على النجمة
الكاتبة :كيم يونا