2/كانَ اليومُ التالي لا يختلفُ كثيرًا عن سابقهِ،
ولكن في قلبِ "وون-بين" كان هناكَ شعورٌ جديدٌ يتصاعد،
كأنَّ شيئًا ما ينتظرهُ خلفَ كلِّ خطوةٍ يخطوها.
قرّرَ أن يعودَ إلى الحديقة،
المكان الوحيد الذي شعرَ فيهِ ببعضِ الراحةجلسَ على نفسِ المقعد،
أخرجَ كتابهُ وبدأَ يقرأ.
ولكن، هذهِ المرة، كانَ ذهنُهُ شاردًا
كأنّهُ يبحثُ في الكلماتِ عن شيءٍ
،غير مكتوب
شيءٍ لم يفهمهُ بعد.
فجأةً، شعرَ بشيءٍ يلامسُ كتفه.
رفعَ رأسهُ، ليجدَ طفلًا صغيرًا يقفُ بجانبه،
بعينينِ واسعتين تتأملانِ الكتاب."ماذا تقرأ؟" سألَ الطفلُ ببساطة
."أقرأ عن الطيورِ والسماء... أشياء قد لا تفهمها الآن، لكنها جميلة."
ابتسمَ الطفل،
وجلسَ بجانبه، ينظرُ بفضولٍ إلى الصفحات
ثم قال: "هل تستطيع أن تقرأ لي؟"ترددَ "وونبين" للحظة،
ولكن سرعانَ ما وجدَ نفسَهُ يقرأ بصوتٍ هادئٍ،
وكأنّهُ يهربُ من أفكارهِ إلى عالمِ الطفل.
معَ كلِّ كلمة
كانَ يشعرُ بشيءٍ دافئٍ يتغلغلُ في صدرهكأنَّ القراءةَ لهذا الطفل تجعلهُ ينسى ولو قليلًا من حزنه.
لكن قبلَ أن يكمل،
سمعَ صوتًا ناعمًا خلفه:
"آسفة للإزعاج، هل هذا طفلي؟"رفعَ "وون-بين" عينيه ليقابلَ نظرةَ "رينا" لأولِ مرة.
كانتْ واقفةً ببساطة
شعرُها ينسدلُ حولَ وجهِها،
وعيناها مليئتانِ بحنانٍ لم يرهُ من قبل.عندما التقتْ عيناهُ بعينيها،
شعرَ بارتباكٍ غريب.
كانَ الأمرُ أشبهَ بقصيدةٍ تهمسُ في أذنيه:
"عيناها، شراعٌ في بحرٍ هادئ،
نظرتها، غيمةٌ تراقصُ السماء،
في لحظةٍ واحدةٍ، رأيتُ فيها كلَّ الألوان،
وفي عينَيَّ، انطفأتْ كلُّ العواصف"ابتسمتْ "رينا" بهدوءٍ،
وقالت:
"آسفة إذا كانَ أزعجك،
إنه طفلٌ من دارِ الأيتام،
كانَ علينا أن نبحثَ عنه.""لا، لم يكن إزعاجًا أبدًا... كنتُ أقرأ له."
"رينا"، قالت وهي تمدُّ يدها،
"أعملُ هنا في دارِ الأيتامِ القريبة.""وون-بين"، ردَّ بابتسامةٍ خفيفة،
"سررتُ بلقائكِ."أخذتْ "رينا" بيدِ الطفل،
واستدارتْ لتغادر.
ولكن قبلَ أن تمضي بعيدًا،
التفتتْ مرةً أخرى إليه وقالت:
"إذا كنتَ تحبُّ الأطفال،
يمكنك زيارتُنا في الدار.
الأطفال دائمًا بحاجةٍ إلى شخصٍ يقرأ لهم"
.
تركتهُ تلك الكلماتُ مع شعورٍ مختلف.
كانَ اللقاءُ قصيرًا،
لكنهُ حملَ شيئًا أعمقَ من مجردِ كلمات.
كانتْ "رينا" كالشمسِ التي تظهرُ من خلفِ الغيوم،
للحظةٍ قصيرة
لكنها تتركُ نورًا دائمًا* امَا مِنْ جَانِبِ حَياةِ "رينا"
"رينا" كانتْ تعيشُ حياةً بسيطةً،
مليئةً بالمسؤوليات.
فقد نشأتْ يتيمة،
وعملتْ في دارِ الأيتامِ التي كانتْ موطنها منذُ الصغر.
بالنسبةِ لها،
الأطفالُ هم عالمها،
وكانتْ تجدُ فيهم ما يجعلها قويةً،
على الرغمِ من الصعوباتِ التي تواجهُها في حياتها.كانتْ تحاولُ دائمًا أن تخفي ألمها الداخليَّ بابتسامتها الهادئة،
وعندما تكونُ وحدها،
كانتْ تقولُ بصوتٍ خافت،
كما لو كانتْ تغني لروحِها"لا يعرفونَ كم تَثْقُلُ الأيام،
ولا يعرفونَ كم من غيومٍ تحجبُ النور،
لكنّي أُقاوِم، أُقاوم كالطير في الرياح،
أحملُ في قلبي آلافَ الحكايا،
وأخبئُ دمعةً في عينَيَّ."كانتْ حياتها محاطةً بالعطاء،
لكنها كانتْ تخفي حقيقةَ أنها تحملُ في جسدِها مرضًا خطيرًا.
ذلك المرض الذي بدأ ينهشُ في أعصابِها بهدوء،
دونَ أن تخبرَ أحدًا.
كانتْ ترفضُ أن تكونَ مصدرًا للقلق،
خاصةً للأطفالِ الذينَ تعتمدُ عليهم في قوتِها.بالنسبةِ لها،
الحياةُ كانتْ أقربَ إلى قصيدةٍ حزينة،
ولكنها كانتْ تُلقيها دائمًا بفرحٍ،
كما لو أنها ترفضُ أن تعترفَ بأنَّ النهاية.
قَرِيْبَة"إذا كانت الشمسُ تغرب،
فَلِمَ لا تظلُّ السماءُ مضيئةً بالنجوم؟
ولِمَ لا أظلُّ أبتسمُ حتى تنطفئ آخرُ
اَنْفَاسِي ؟
أنت تقرأ
𝐝𝐫𝐨𝐰𝐧𝐢𝐧𝐠 𝐥𝐨𝐯𝐞 _𝘗𝘢𝘳𝘬 𝘸𝘰𝘯𝘣𝘪𝘯..
Romanceما بين دقيقةٍ أُقرُّ فيها النسيان ودقيقة أحاول تجربة ذلك، مجازر تقام بداخلي ولا تتوقف ... _محمد درويش_ فَمَا أَصْعَب ْأَنْ يَرْحَلْ عَنْ عَالَمَكِ الحُبُ وَ الحَنَانْ