الرسالة الثامنة والستون
10 سبتمبر 2024
عزيزي يا صاحب الظل الطويل
كيف حالك يا رجلي المجهول؟
أجبني عن سؤالي في سرك إن شئت، وإن أردت الإجابة بطريقة أخرى أكثر وضوحا فلن أمانع بالتأكيد.
حسنا... أنا بخير وأشعر بسعادة غامرة إن كنت تريد الإطمئنان على فتاتك، والسبب في انتعاش مزاجي هو الخريف بكل بساطة.
لقد بدأ فصل الخريف في نقل أمتعته إلى عالمنا، أصبحت الأجواء باردة قليلا خاصة في الصباح الباكر، والسماء تمطر مساء كل يوم تقريبا، كما أن أشعة الشمس وقت الشروق أصبحت تميل إلى اللون البرتقالي وهذه إشارة على اقتراب حلول الخريف، وأوراق الشجر أخذت تصفرُّ وتتساقط شيئا فشيئا... إن الخريف رائع للغاية، ألا توافقني الرأي؟
لقد أصبحت الآن تعلم أنني من عشاق هذا الفصل الجميل، وأصبحت تعرف عني الكثير غير هذا، أما أنا فمازلت لحد الآن أتساءل عن أشياء كثيرة تخصك، ألن يرق قلبك عليَّ يا حبيبي؟
أشعر في أحيان كثيرة أنك لن تجدني إذا تأخرت أكثر مما تأخرت أساسا، ستفقدني لأن احتمالات كثيرة يمكنها أن تحدث إذا استمر وضع هذا الإختفاء الغير مبرر.
فكر أنني قد أموت فجأة، أو أقبل عرض زواج من شخص لا يمت بصلة للصورة التي أرسمها لك في مخيلتي، أو أن شخصا ما سينجح في إقناعي بأنه صاحب الظل الطويل الذي أنتظر قدومه وهو ليس كذلك في الواقع، أو ربما سأجن فجأة وأقرر أن أبقى عزباء مدى الحياة!!
لا تستبعد أي احتمال يا عزيزي فأفعالي وقراراتي غير متوقعة إطلاقا، أنا أحذرك... إما أن تظهر في حياتي وإما أن تتحمل النتائج الكارثية التي ستجنيها لاحقا.
آه... نسيت أن أعلمك، سواء ظهرت في حياتي أم لم تفعل، فستدفع الثمن في كل الأحوال. في الحالة الأولى ستدفع ثمن تأخرك الطويل وتقصيرك في حقي طيلة هذه السنوات، لكنني سأحبك بعدها مدى الحياة، وفي الحالة الثانية وهي الأسوأ بطبيعة الحال، ستخسرني إلى الأبد، وأقسم لك أنك ستعض أصابعك ندما على فعلتك هذه، لأنك لن تجد مثيلا لي بين النساء مهما بحثت!!
أتعلم لمَ أهددك هكذا؟
لأن كتابا مثيرا للإهتمام بيع في المكتبة قبل أن أقرأه!!
أنت تتساءل الآن ما العلاقة بينك وبين هذا الكتاب، أليس كذلك؟
سأشرح لك يا عزيزي
لقد كان عنوان الكتاب "سجن غوانتانامو" ولم يكن في المكتبة منه غير نسخة واحدة مهملة ومنسية على الرف منذ مدة طويلة جدا، وكنت في كل مرة أقرر أن أطلع عليه أجد إغراءات كثيرة أخرى في العناوين تدفعني إلى تأجيل قراءته لوقت لاحق، وأقول في نفسي أن الكتاب متاح دائما، وبوسعي أن أقرأه في أي وقت، لأنه منذ فترة يستقر في مكانه ولا أحد ينتابه الفضول حوله. لكنني فوجئت بزبون يقتنيه دون سابق إنذار، فبقي مكانه فارغا في الرف، وتعدى هذا الفراغ الرف ليملأ قلبي أيضا، وبقيت نادمة جدا لأنني أهملت هذا الكتاب، واستهنت بأمر التعجيل في قراءته، وتركته ينتظرني طويلا حتى استقر به الحال في النهاية بين يدي شخص آخر!!
أنا في هذه القصة القصيرة الحزينة كتاب "سجن غوانتانامو"، وأنت فيها تلعب دوري كشخص مهمل ومسوِّف ومتجاهل لجدية المسألة.
لست أدري كيف قمت بربط الكتاب بقصتنا، لكن هذا أمر يحدث في عقلي في كثير من الأحيان دون أي تخطيط!!
فكر بالأمر مليا وإلا سيؤول وضعنا إلى ما آلت إليه مأساتي مع الكتاب.
عجل في القدوم يا صاحب الظل الطويل، لقد ذقت بك ذرعا يا رجل!!
أنت تقرأ
عزيزي يا صاحب الظل الطويل 68
Romanceهذه رسائلي التي أكتبها إلى صاحب الظل الطويل خاصتي... رجلي الذي لا أعرف عنه شيئا، وأعلم يقينا أنه يبحث عني في مكان ما كما أبحث عنه، وأؤمن بشدة أننا يوما ما سنلتقي ونكون لبعضنا كل شيء وإلى الأبد.