الفصل الرابع: حين تعتقد أن كل شيء تحت سيطرتك، تبدأ الخيوط بالتفلت.
"الانتقام ليس مجرد فعل... إنه شريان الحياة الذي يُعيد توازن القوى إلى نصابه."
كانت الساعة تشير إلى العاشرة مساءً عندما وقفت أمام المنزل المهجور الذي تملكه رونيا بارفي. السماء كانت ملبدة بالغيوم الثقيلة التي تغطي القمر، والغابة من حولنا تبدو وكأنها تراقب بصمت، منتظرة ما سيأتي. التقيت برونيا هناك كما اتفقنا، وهذه المرة لم يكن اللقاء عادياً. كنا على وشك الدخول في لعبة أكبر من مجرد تسريب معلومات.
"هل هي مستعدة؟" سألت بصوت خافت، وكأنني أخشى أن الغابة تسمعني.
رونيا نظرت إلي بابتسامة هادئة وقالت: "إنها مستعدة. لم يعد هناك مجال للتراجع."
الحديث كان عن سوسي ناغري، الفتاة الروسية التي كانت تحمل تاريخاً مليئاً بالغموض والقوة. قناصة محترفة، تخلت عن كل شيء لتعيش بعيداً عن الأضواء، لكن الآن، كانت على استعداد للعودة إلى الساحة، ولأسبابها الخاصة.
التقينا بها في اليوم السابق، داخل مقهى قديم على أطراف المدينة. كانت ترتدي قبعة سوداء كبيرة تخفي معظم ملامح وجهها، وعيناها تتنقلان بحذر بيننا وبين الباب. الحديث معها كان مزيجاً من التحذيرات والاتفاقات، وكانت كلماتها مختصرة ومباشرة، تحمل فيها ثقة من يعرف جيداً ما يريد.
"سأدخل بينهم، لكن هدفي ليس ما تخططون له. لدي حساباتي الخاصة." قالت لنا بصوت هادئ ومحدد، لكن عينيها كانتا تشعان بالقوة. "أريد لوريا كالوسيس. وبعدها ستصبح خططكم سهلة التحقيق."
في تلك اللحظة، كنت أعلم أن اللعبة قد تغيرت. لم يكن الأمر مجرد استهداف لمخططات العصابة السوداء، بل تحوّل إلى شيء أكبر.
بعد يومين من التخطيط، كانت سوسي قد بدأت تنفيذ خطتها الخاصة. اختفت من الأعين تماماً، ولم نسمع عنها شيئاً حتى اتصلت بنا في ساعة متأخرة من الليل. كانت الساعة تشير إلى الواحدة صباحاً عندما رن الهاتف. فتحت الخط على الفور، وصوتها كان واضحاً وحاداً: "لقد قبضت عليها. لوريا كالوسيس بين يدي الآن."
صمت حلّ على المكان. لم أكن أتوقع أن تتقدم سوسي بهذه السرعة. كنت أتوقع مزيداً من الوقت، لكن الأمور كانت تسير بوتيرة أسرع مما توقعت. سألتها، محاولاً فهم الموقف: "ما خطتك الآن؟"
ردت دون تردد: "سأجعلهم يشعرون بالذعر. سأرسل صورة إلى آرثر كالوسيس ليعرف أن كل شيء لم يعد تحت سيطرته."
وصلنا إلى المنزل القديم بعدها بساعة، حيث التقت بنا سوسي في الحديقة الخلفية. كانت ترتدي معطفاً داكناً، ووجهها بارد كالجليد. "كل شيء جاهز." قالت لنا وهي تقدم لنا الصورة.
في الصورة، كانت لوريا مكبلة اليدين والقدمين، معصوبة العينين. تعابير وجهها تعكس الرعب والتوتر، وكأنها تدرك تماماً المصير الذي ينتظرها. أسفل الصورة، كانت هناك عبارة مكتوبة بخط يدوي: "ستذوق من الكأس التي أشربتنا منها."
"ستُرسل الرسالة عند الثالثة فجراً." قالت سوسي بابتسامة باردة.
كانت الساعة تقترب من الثالثة صباحاً عندما أرسلنا الرسالة. كانت لحظة محورية، لم يكن هناك عودة الآن. لقد تجاوزنا نقطة اللاعودة، وبدأت الخطط في التنفيذ.
---
في مقر العصابة السوداء للمافيا، كان آرثر كالوسيس يجلس في مكتبه الفخم، محاطاً بالحراس والرفاق. كان الوقت متأخراً جداً، لكن النوم لم يكن جزءاً من حياته تلك الليلة. بينما كان يستعد لإغلاق عينيه، رنّ هاتفه. كانت الرسالة تحمل صورة لزوجته، وأسفلها العبارة المدمرة.
"ستذوق من الكأس التي أشربتنا منها."
صوت صرخته ملأ المكان، وحالة من الذعر انتشرت بين الحراس والموظفين. "فاريا..." تمتم بغيظ.
---
تلك الليلة، أدرك الجميع أن العصابة لم تعد في مأمن
كان كل شيء يسير كما خططنا له. عندما اقترحت وضع جهاز التنصت، لم أكن أعلم أنني سأكتشف أكبر صدمة في حياتي. لم أتوقع أبدًا أن تكون الحقيقة بهذه البشاعة.رونيا قامت بالمهمة ببراعة. نجحت في إقناع السيدة كلارا، زوجة والدي الثانية، بوضع جهاز التنصت في غرفة الاجتماعات. كل ما علينا الآن هو الانتظار.
جلست مع رونيا وسوسي نستمع بصمت، وكانت أصواتهما واضحة. السيدة كلارا تحدثت بهدوء مع والدي، لكن كل كلمة منها كانت تحمل سُمًّا قاتلًا.
"قتلها سيكون سهلاً عليك." قالت بصوت هادئ، وكأنها تتحدث عن أمر عادي. "كما فعلتُ مع والدتها من قبل. قتلتها بكل سهولة، والآن الجميع يصدقون أنها ماتت بسبب السرطان."
توقفتُ. كانت تلك الكلمات كافية لتدمير كل شيء في داخلي. أمي... لم تمت بالسرطان؟! كانت ضحية؟ ضحية لكلارا ووالدي؟!
شعرت بأن العالم يدور من حولي. الأرض تهتز، وأنفاسي تتسارع. كيف يمكنهم فعل ذلك؟ كيف يمكن أن تكون حياتي كلها مبنية على كذبة بهذا الحجم؟ حاولت التماسك، لكن جسدي لم يحتمل الصدمة. لم أستطع التنفس، وانهرت. بعدها، لم أشعر بشيء.
عندما فتحت عيني، وجدت نفسي في المستشفى. كان كل شيء ضبابيًا. رونيا وسوسي كانتا بجانبي، وقلق واضح في أعينهما. حاولت الجلوس، لكن جسدي كان ضعيفًا، والعالم حولي لم يعد كما كان."لماذا؟" صرخت وأنا أحاول استيعاب الحقيقة. "لماذا قتلوها؟! لم يكن لها أي ذنب! لماذا؟!"
حاولت رونيا وسوسي تهدئتي. اقتربت مني سوسي، ووضعت يدها على كتفي بلطف. "نحن هنا بجانبك. لن ندعهم يهربون بما فعلوه. سنعرف كل شيء، لكن عليك أن تهدئي الآن."
كيف يمكنني الهدوء؟ الحقيقة التي اكتشفتها كانت أكبر من أن أستوعبها. أمي... كانت بريئة، وكل هذه السنوات كانوا يخدعونني، يخفون الحقيقة عني. كيف يمكنني العيش مع هذه المعرفة؟ كيف أستطيع النظر إلى والدي أو السيدة كلارا بعد الآن؟
---
الألم كان يشتعل في داخلي، لكنني أعلم أنني لا أستطيع الاستسلام. عليّ أن أكون قوية، ليس من أجل نفسي فقط، ولكن من أجل والدتي. لن أتركهم يفلتون بما فعلوه.
---
أنت تقرأ
وريثة الخطيئة
Actionأين...لماذا...كيف...متى...لا...من...أمي...أبي...ذهبت لا أعلم أين أنا ...لقد ذهبت الذكريات لتكون أسوء من سابقتها ...لكن ستتغير ...من أنا اليوم ...كيف له أن يفعل بي هذا ...لن أغفر لهم ...