**الفصل السابع: بين الحياة والموت**

6 1 0
                                    

كانت نوءه في حالة من الذهول، لا تصدق ما حدث للتو. سقط إسماعيل، الذي كان يمثل لها كل الأمل في النجاة، في الهاوية المظلمة، والجسر المحطم كان آخر رابط بينها وبينه. شعرت وكأن العالم انهار من حولها، والبركان الذي كان يطاردهم أصبح الآن أقل رعبًا من الفراغ الذي خلفه غياب إسماعيل. جلست على الأرض، تتكئ على ركبتيها وتبكي بحرقة، وكأن دموعها قد تحولت إلى جزء من الحمم التي كانت تهدد بابتلاع كل شيء.

كانت كل لحظة تمر وكأنها دهراً. لم تكن نوءه تفكر في شيء سوى تلك اللحظة الأخيرة، عندما شاهدت الحبال تتمزق واحدة تلو الأخرى، وإسماعيل يحاول الصعود بكل ما أوتي من قوة. ومع كل محاولة، كانت الحبال تتفكك، حتى حدث ما كانت تخشاه وسقط في الهاوية. صرخت باسمه، لكنها لم تتلق أي رد. كانت تلك اللحظة مزيجًا من الألم والفزع واليأس، ولم تستطع أن تفكر في أي شيء آخر سوى البكاء.

مرَّ الفرس إلى جانبها، وكأنه يشعر بحزنها العميق. اقترب منها، ومدّ رأسه نحوها، وكأنه يحاول أن يواسيها بطريقته. كان هذا الفرس رفيقهم طوال الطريق، ووجوده بجانبها الآن كان بمثابة الأمل الباقي لها. لكن حتى الفرس، على الرغم من قوته وسرعته، لم يستطع إنقاذ إسماعيل. لم يكن سوى مشاهد آخر في هذه الكارثة.

بعدما هدأ البكاء قليلاً، نظرت نوءه مرة أخرى نحو الهاوية. هل يمكن أن يكون إسماعيل قد نجا؟ هل هو الآن يحاول الصعود؟ نظرت بشغف نحو الحافة، لكن الظلام كان كثيفًا، ولم ترَ شيئًا سوى الفراغ الأسود. لم يكن هناك صوت، لا صدى لصراخها، ولا حتى صوت الرياح التي كانت تعصف بالمكان.

لكن قلبها لم يصدق أن إسماعيل قد مات. شعرت بعمق أن إسماعيل، برغم كل شيء، لا يزال حيًا. كان هناك شيء ما بداخلها، شيء لا تستطيع تفسيره، يُخبرها بأنه لم ينته بعد. شعور غامض، لكنه قوي بما يكفي ليعيد إليها الأمل ويمنحها القوة لتقف على قدميها من جديد.

"لا أستطيع أن أتركه،" قالت نوءه لنفسها وهي تمسح دموعها. "إسماعيل لا يزال حيًا، وأنا سأجده."

نهضت ببطء، وبدأت تفكر في كيفية النزول إلى الهاوية. لا يمكن أن يكون إسماعيل قد سقط إلى أعماق لا تُدرك. لا بد أن هناك طريقة للوصول إليه. بحثت في حقيبتها عن الخريطة التي كانت قد أعطيت لهم منذ بداية رحلتهم، وبدأت تفحص التفاصيل بعناية. كان هناك رسم لمكان قريب يُظهر منطقة شديدة الانحدار تقود إلى أسفل الهاوية. ربما تكون هذه فرصتها الوحيدة.

"إذا كان هناك ممر إلى أسفل، فسأجده،" قالت نوءه بحزم.

نظرت إلى الفرس بجانبها، وقررت أن يأخذوه معًا في هذه الرحلة. لقد كان وفيًا لهم طوال الوقت، ولا تزال تحتاج إلى قوته في الرحلة القادمة. اتجهت نوءه نحو الطريق الذي حددته على الخريطة، مستعدة لبدء الرحلة الخطرة. كانت الطريق أمامها مغطاة بالصخور المتناثرة، وكان الانحدار شديدًا للغاية، لكنه كان الممر الوحيد الذي يمكن أن يوصلها إلى أسفل الهاوية.

سر الزهرة الذهبية ٣ ( العالم الموازي )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن