٥| عين كزمرد و شفاه كالكرز

23 4 4
                                    


في حلم ما ........داخل أعمق نقطة في الذكرياتي المبعثرة ، أتت تلك ذكرى .

جسد صغير مع ضفيرة طويلة سوداء ، ملابس حمراء أنيقة ، حذاء أبيض ملطخ بالوحل ، يديها صغيرة تحمل قطا رمادي مجروح ، تمشي به على طريق ضحلة دون إكثرات لملابسها الجديدة أو لمنظرها المرتب ، وصلت لباب منزلها تطرق عليه بسرعة و نفاذ صبر أطل عليها جسد رجل بالغ ، فاتح البشرة ، عيون سوداء صغيرة ، شعر فحمي لون ، نظر لها بعيون قلقة فما بال إبنته تبدو خائفة أراد سؤال عن حال طفلته لكنها تخطته و دخلت مهرولة نحو غرفتها ، جلست على أرض و بدأت تسعف قطها الرمادي اللون ، لم تكن تعرف ماذا تفعل أو ماذا يحتاج هذا القط لكنها إكتفت بوضع الكثير من لصقات الجروح بجميع الألوان و الأشكال و يديها صغيرة تطبط على قط تشجعه بكلمات " ستكون بخير أنت قط قوي " .

رغم محولاتها غير نافعة و لا المجدية قد مات القط و تم دفنه ، لقد أقامت طفلة في خامسة من عمرها أول جنازة لأقرب شيء لها و من ثم توالت عليها الجنائز . القط ، والدتها ، والدها ........ربما الجنازة الأخيرة ستكون من نصيب ماريا .

بين أطياف ظلام ، و نسمات الهواء البارد ، فتحت عينيها بتعب ، تناظر سقف لا تستطيع تميز لونه بسبب الإضاءة المنعدمة لكنها عرفت أنه ليس سقف الغرفة التي كانت محتجزة بها و هذا مريح نوعا ما رغم جهلها بالمكان الذي تستلقي به الأن ، إستمرت في تحديق بصمت تشعر بجسدها بارد كالجثة و متيبس لا تستطيع تحريكه ، ملابسها قد تم تغيرها تدع الله أن لا يكون الفاعل رجلا فهذه فكرة وحيدة التي لا تستطيع تماشي معها ، بقيت على حالها غارقة في أفكارها لحد البؤس فكيف يمكن لإنسان أن يكون في فراشه بين عائلته و في يوم تالي يستيقظ بين جدران بيضاء محتجز بها و عند إغماض عينيه يستيقظ لمرة ثانية في مكان أخر ،لا و الأمر أكثر غرابة لا تستطيع تحريك جسدها ، أي لعبة هذه ؟ .

~ماريا ~

إلتقطت أذناي صوت أقدام ترتطم مع الأرضية بالإقاع رتيب يشبه صوت الذي يحدثه جدي المشؤوم فاليوم الذي رأيت وجهه لم أرى بعدها سوى الخراب ، إقترب صوت كثيرا حتى أصبح يقف قرب الباب ، يقف هناك و لم يفتحه كأنه يتجسس علي و بحقك يا رجل على ماذا ستتجسس و أنا هما ملقات كالجثة لا فرق بين و بينها سوى بهذه روح البائسة عالقة في لا ترود المغادرة مهما حاولت تخلص منها ، أدار ذلك الغريب مقبض الباب و بيني و بين نفسي لقد أصبح أخشى أي شيء خلف الأبواب المغلقة لم تعد لي رغبة في فتح أي باب حتى لو كان نجاتي يعتمد على ذلك ، فتح الباب و أصدر صريرا مزعج ألا يملكون المال لإصلاحه أم ماذا ؟ ، إتكأ الغريب بظهره على الحائط المجاور لباب يناظرني بصمت كأنه يستطيع الإبصار في هذه العتمة لم يكن أي بصيص لضوء لذلك لم أرى هيئته كلما إستطعت المعرفة أنه رجل و ليس الإمرأة .

جثمان حي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن