الفصـل الـثـالــث: أثـرُ قـبـلــة

131 14 9
                                    

استجمعت ذاتها وتوجهت نحو المنزل، سلكت طريقًا يحوي أشجارًا كثيفة يكاد لا يصله الضوء.

وفي طريقها خدشت قدمها كثيرًا، لكنها مجرد خدوش سطحية لم تسبب ذاك الألم الشديد. حتى من حرسوها لم ينتبهوا لذلك.

وصلت إلى المنزل من الجهة الجانبية، كانت تقف على تلة صغيرة على ارتفاع أربعة أمتار بجانب بيتهم. توقفت وهي تتنفس الصعداء، ليس من المسافة التي قطعتها فهي لم تكن كبيرة، لكن الكعب أرهقها؛

لذا نزعته وأمسكته بيدها اليسرى، ثم توجهت نحو المنزل بحذر وروية. كان لديهم سلم يضعونه في تلك الجهة في حال احتاجوا لإصلاح السقف وتفقده من وقت لآخر، هذا غير الطيور التي تبني عشها فوق المنزل.

أمسكت السلم ثم وجهته لنافذة غرفتها. "لنرى الآن... جيد...". أعاقها فستانها -كان طويلًا يصل إلى قدميها وأكثر بقليل، لذا كان الكعب مهمًا- فابتدأت برفعه حتى أوصلت ما كان من طوله عند ركبتيها إلى خصرها النحيل. أمسكت بحبل كان ملقى على الأرض وربطت الفستان به ليثبت وتستطيع التسلق بأريحية.

بدأت التسلق بخفة وحذر، فبيد تحمل حذاءها وهذا يعيقها قليلًا، لكن ارتسم على وجهها بشاشة، فلا يفصلها عن غرفتها سوى شيء بسيط.

وهذا الحال كان عكس حراسها؛ الآن الفستان يصل فوق ركبتيها، وهذا غير مظهرها المضحك. كانوا يجاهدون على عدم الرؤية والضحك. هل يرون وقد تقتلع أعينهم ويحترق جسدهم؟ أم لا؟ وإن وقعت وتأذت سيقابلهم الأسوأ.

تكلم أحد الحراس الملثمين: "لم لا توجد فتاة في الفرقة معنا؟ ألن يكون أسهل؟"

رد عليه الآخر: "معك حق، إن استمر الأمر على هذا الحال ستزهق أرواحنا."

وافقهم البقية، لكن قائدهم قال: "الملك عيننا لحماية شريكته، لا لتقييم أوامره، لذا فليصمت كل منكم أو ليقم بالاعتراض على قرار الملك، لأبلغه بذلك شخصيًا. ما رأيكم؟"

بالفعل التزموا الصمت ولم يبدِ أحد اعتراضًا. أرواحهم ثمينة، لا يودون خسارتها.

من حسن حظهم، دخلت ألايا أثناء حوارهم وانتهى عذابهم. لكن ذلك لا يعني عودتهم، بل يجدر بهم البقاء والمحافظة على سرية وجودهم حتى يأتيهم خبر من ملكهم.

|في غرفة ألايا:

دخلت بهدوء تام، ثم توجهت نحو خزانتها وفتحتها ببطء، لكن الصوت كان مزعجًا، فاكتفت بربع فتحة. مدت يدها وأخرجت بنطالًا وسترة مريحين، ونزلت لتستحم. من حسن حظها، والداها كانا نائمين على الأريكة.

نظرت لهما بحب ومشاعر جياشة، وكأنها أدركت للتو أنها ستفارقهما. خانتها دمعة من عينها ونزلت على خدها المحمر. كادت تبكي، شعرت أن روحها تقف في حلقها وتجاهد لتغادرها أو تجعلها تخرج هذه المشاعر بصراخ وبكاء قد لا ينتهي.

إمبراطورية أوريستيا | Orestia Empireحيث تعيش القصص. اكتشف الآن