كانت لينا تقف أمام المبنى الحديث، تتأمل تفاصيله بعين مهنية حادة. كانت ساعات الصباح الأولى، والجو بارد رغم أشعة الشمس الخافتة التي بدأت تتسلل عبر الأفق. لم تكن تعلم أن اليوم سيكون مختلفًا تمامًا عن كل يوم عمل اعتادت عليه.
المبنى كان تحفة فنية من الزجاج والفولاذ، تمامًا كما أرادته. أنجزت كل شيء بحرفية دقيقة واهتمام بكل التفاصيل الصغيرة. ولكن رغم ذلك، لم تكن تشعر بأي سعادة غامرة. بل، كان هناك شيء ناقص. شعور غامض بالضياع تسلل إلى قلبها وهي تفكر في اليوم الذي سينتهي فيه كل شيء، وستنتقل لمشروع جديد... لحياة جديدة بلا معالم.
بينما كانت لينا تتابع تجهيزات فريق العمل في الموقع، لاحظت وجود أشخاص غير مألوفين. كاميرات، فريق تصوير، وحركة غير عادية. "فيلم؟ هنا؟" تساءلت وهي تعقد حاجبيها.
اقترب منها أحد أفراد فريق العمل وأوضح بسرعة: "آسف جدًا، لدينا إذن لتصوير مشهد اليوم. سنكون خارج المبنى في غضون ساعات قليلة."
لينا أومأت برأسها بلا اهتمام كبير. لم تكن منزعجة، ولكنها تمنت لو كانوا أقل ضجيجًا. "حسنًا، فقط تأكدوا من عدم التأثير على العمل هنا. لدينا جدول زمني ضيق." قالت بصوت هادئ لكنه صارم.
بينما كانت تراقب العمال وتفكر في التحسينات الأخيرة التي تحتاج إليها، لاحظت من زاوية عينها حركة غير طبيعية. شخص ما يجلس بعيدًا، منفردًا عن الآخرين. وجهه غير واضح، لكنه بدا مألوفًا بشكل غريب. لم تهتم كثيرًا في البداية، حتى اقترب منها أحدهم وقال: "هل تعرفين من هذا؟"
لينا نظرت باستغراب. "من؟"
الشخص أشار إلى الشاب الجالس، وقال بصوت يكاد يهمس: "هذا جونغكوك، النجم الشهير."
لم يكن هذا الاسم غريبًا عليها. بالطبع سمعت عنه، أحد أشهر الممثلين الشباب في كوريا. لكنها لم تكن من متابعي عالم المشاهير. لم يثر فضولها يوماً إلا حينما بدأ الفضول يتسلل إلى نفسها. نظرت إليه مجددًا، ملاحظةً كيف يبدو هادئًا، وكأنه غير مهتم بكل الضجيج من حوله.
---
جونغكوك كان جالسًا على كرسيه المريح، محاطًا بفريقه المعتاد، ولكنه شعر بالغربة عن كل شيء حوله. رغم شهرته، ورغم النجاح الذي حققه، لم يكن شيئًا من ذلك يملأ الفراغ الذي كان يشعر به. أيامه كانت مليئة بالعمل، الناس، الأضواء. ولكن في داخله، كان هناك هدوء غريب، وربما كان ذلك هو السبب الذي جعله يلاحظها.
وسط الفوضى والعمل الذي يجري حوله، لاحظ امرأة تقف وحيدة، تركّز بشدة على ما يبدو أنه عملها. كانت تتحرك بثقة، تراقب العمال وتوجههم، لا تهتم بأي شيء آخر. شيء ما في طريقة تصرفها أثار فضوله. لم تكن مثل الجميع هنا. كانت مختلفة. وكأنها في عالم آخر.
"من هذه؟" سأل مساعده الشخصي بنبرة خافتة.
مساعده نظر إليها بسرعة وقال: "أعتقد أنها المهندسة المسؤولة عن المشروع. اسمها لينا."
YOU ARE READING
"أضواء غامضة"
Romanceعندما تتقاطع الأرواح دون سابق إنذار، تبدأ حكايات قد لا تنتهي بسهولة.