استيقظت ماريا على أصوات المدينة الهادئة من نافذة شقتها الجديدة. ضوء الصباح يتسلل عبر الستائر البيضاء، ليغمر الغرفة بنور دافئ. تنهدت وهي تستلقي على سريرها الفخم، تتأمل السقف للحظات. اليوم ليس يوماً عادياً. إنها الآن مديرة قسم الموارد البشرية في واحدة من أكبر الشركات في المدينة، شيء طالما حلمت به. كانت هذه اللحظة هي تتويج لسنوات من الكفاح والعمل الدؤوب، لكن رغم ذلك، كان هناك شعور بالفراغ يزحف إلى قلبها.توجهت إلى المطبخ وأعدت كوباً من القهوة المفضلة لديها، طعمها المرّ يعيد إليها التركيز وهي تراجع خطتها لليوم. لديها اجتماع حاسم مع مجلس الإدارة. الشركة تمر بمرحلة من التوسع السريع، وكان عليها أن تقدم استراتيجية محكمة لضمان استمرار هذا النجاح. وبينما كانت تستعد للخروج، لمعت في ذهنها فكرة سريعة، فكرة لم تكن تخطط لها، لكنها تعلم أنها قد تكون هي الفارق بين النجاح والفشل في هذا الاجتماع.
دخلت المكتب متألقة كما اعتادت، مرتدية بدلة رمادية أنيقة وعطر خفيف يشعر من حولها بالثقة. موظفات قسم الموارد البشرية بدأن يتجمعن عند طاولة الاجتماعات، وهن ينظرن إليها بإعجاب وتقدير. جلست في مكانها المعتاد، لكن هذه المرة بشعور مختلف. اليوم، كانت تشعر بأن كل شيء سيكون على المحك.
بدأ الاجتماع بجو متوتر. رئيسة مجلس الإدارة كانت صارمة، وأصوات النقر على الأقلام تعكس التوتر الذي يخيم على الغرفة. الجميع يعرف أن الشركة تتعرض لضغوط خارجية، وعليهم إيجاد حلول مبتكرة. ماريا استمعت باهتمام إلى مداخلات الأعضاء الآخرين، قبل أن تأخذ دورها في الحديث.
نحن بحاجة لتغيير استراتيجيتنا بالكامل: قالت بثقة، وصوتها الهادئ لكن الواثق جذب الانتباه . ومن ثم نطقت : يجب أن نعيد التفكير في كيفية استقطاب المواهب النسائية. علينا أن نقدم بيئة عمل مرنة ومتنوعة تتيح للنساء تحقيق التوازن بين حياتهن المهنية والشخصية
النقاشات توترت قليلاً، وبعضهم بدأ في الاعتراض على تلك الأفكار، معتبرين أن التغيير الجذري قد يكون خطراً في هذه المرحلة. ماريا ظلت هادئة، وأوضحت استراتيجيتها بشكل أعمق، مشددة على أن النساء بحاجة إلى الفرص التي تمنحهن الثقة والحرية لتقديم أفضل ما لديهن. تدريجياً، بدأت رئيسة مجلس الإدارة تهز رأسها موافقة، وتتابع ما تقوله ماريا باهتمام.
انتهى الاجتماع بموافقة شبه إجماعية على استراتيجيتها. شعرت ماريا بالفخر، لكنها كانت تعرف أن هذه الخطوة ليست سوى بداية لطريق طويل.
بعد انتهاء العمل، عادت ماريا إلى شقتها، هذه المرة تشعر بالإرهاق. ألقت حقيبتها على الأريكة وجلست تتأمل المنظر الليلي من نافذتها الواسعة. كل شيء يبدو مثالياً، شقة فاخرة، وظيفة مرموقة، لكنها لم تستطع التخلص من الشعور بالوحدة. كانت تفكر كثيراً في حياتها الشخصية. كل شيء يسير بشكل صحيح في العمل، ولكن ماذا عن الحياة العاطفية؟ كان السؤال يدور في رأسها وهي ترتشف الشاي الساخن، تتذكر لقاءاتها السابقة الفاشلة والرجال الذين لم يتمكنوا من فهم طموحها.
YOU ARE READING
ظلال الحب
ChickLitالحب هو شعور ينسج خيوط السعادة والألم معًا، ليخلق لوحة فريدة تتلون بألوان الشغف والحنين.