نداء...

10 1 0
                                    

كانت الرياح الباردة تلفح وجهها بشدة، وكأنها تحاول إعادتها إلى الوراء، إلى الحياة التي كانت تعرفها قبل هذه اللحظة.

تقدمت بخطوات ثقيلة في ممر الجبل المظلم، تعلوه الصخور الضخمة التي بدت وكأنها تراقب كل خطوة تخطوها.

كان الليل قد حل منذ ساعات، لكن الظلام هنا كان أكثر كثافة؛ لم يكن هناك ضوء سوى وميض خافت من السماء البعيدة وكأنه يراقبها.

في داخلها، كانت تشعر بقلق شديد لا تستطيع تفسيره. الحجر، ذلك الصوت الذي لا يفارق عقلها منذ أسابيع، كان يناديها بقوة.

لم تعد تعرف إن كان هذا الصوت هو بوصلتها أو لعنتها. كانت تراه في أحلامها، وتسمع همساته في اليقظة، تلك الهمسات التي قادتها إلى هذا المكان الموحش، إلى ما وصفه النص القديم بـ"بوابة العوالم المنسية".

توقفت للحظة. أمامها، ارتفعت بوابة حجرية ضخمة، منقوشة برموز لا تستطيع قراءتها، لكنها شعرت بوجود شيء خلفها. كانت تعلم أن هذا هو المكان الذي تحدثت عنه المخطوطات؛ حيث سيبدأ كل شيء. أحجار النذير، القوة القديمة التي لم تمس منذ آلاف السنين، كانت مخفية هنا.

مدت يدها ببطء نحو النقش البارد، وقبل أن تلمسه، شعرت بارتعاش يسري في جسدها. فجأة، تسلل صوت إلى عقلها. كان الصوت واضحًا، أكثر من أي وقت مضى.

"ماريا..."

همس الاسم وكأنه يأتي من عمق الأرض.

تراجعت خطوة إلى الخلف، قلبها ينبض بقوة. من هناك؟ تساءلت في داخلها، لكن الصوت لم يجب. كان ينتظر، يتربص، وكأنه يختبرها.


صوت الحجر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن