ارث الرياح

1 0 0
                                    


حينَ يَتَمَرَدُ الحِبْرْ

إرث الرياح

في زاوية منسية من مكتبة قديمة، حيث تملأ رائحة الكتب العتيقة الهواء، كان "آسر" يتجول بين الرفوف المليئة بالغبار. كانت المكتبة مهجورة تقريبًا، ولم يعد يزورها أحد منذ زمن بعيد. كان الشاب في السادسة عشرة من عمره، يتمتع بفضول كبير حول ما قد يجده في هذه الزاوية المنسية من العالم. في كل مرة يدخل فيها المكتبة، يشعر وكأن الزمن قد توقف، حيث تخفي الكتب القديمة أسرارًا لا تُحصى.

لم يكن لديه أدنى فكرة عن سبب قدومه إلى هنا، لكن شيئًا ما جذب انتباهه. كان هناك كتاب مغلف بجلد بني داكن، نُقشت عليه رموز قديمة، يبدو وكأنه يتلألأ تحت ضوء الشموع الخافت. انحنى آسر وأخذه بين يديه، وهو يشعر ببرودة غريبة تنبعث من الكتاب. كلما اقترب منه، ازدادت فضوله، وكأنه كان يناديه.

عندما فتح الكتاب، واجهته صفحة مكتوبة بخط جميل: "إلى آسر، الذي ستلتقي فيه الكلمات بظله." تجمد في مكانه، عينيه تتسعان بصدمة. كيف يعرف هذا الكتاب اسمه؟ كان يستحيل أن يكون مجرد مصادفة. قلبه كان يدق بسرعة، وتملكه فضول كبير لمعرفة محتوى هذا الكتاب الغامض.

الفصل الأول: البدايات الخفية

جلس آسر على كرسي خشبي متهالك بجوار نافذة مكسورة، وقد انهمر الضوء بشكل غير متساوٍ في الغرفة. بدأ في قراءة الكتاب. ببطء، وجدت الكلمات طريقها إلى عقله، وكلما قرأ أكثر، كان يكتشف أن القصة تتعلق بشاب يُدعى "إياد"، يعيش في مدينة غامضة، حيث تتشابك الأحداث بطريقة عجيبة. تحولت الصفحة الأولى إلى نافذة لعالم آخر، عالم مليء بالمغامرات والأسرار.

شعر آسر بشيء غريب؛ كان إياد يعيش مغامرات قريبة جدًا من حياته، أحداثًا ومواقف لم يكن من الممكن أن تكون مجرد صدفة. كان هناك مشهد يصف إياد وهو يذهب إلى مكتبة قديمة، يجد كتابًا غامضًا، ويدخل عالمًا مليئًا بالأسرار. كانت تفاصيل تلك الأحداث تتشابه مع اللحظات التي مر بها آسر نفسه، مما زاد من انغماسه في القصة.

مرّ الوقت، لكن آسر لم يستطع التوقف عن القراءة. كان الكتاب كالسحر، يجذبه بقوة. وبدأت الفصول تتدفق وكأنها نهر متصل. في كل صفحة، كانت الأحداث تأخذه إلى عوالم جديدة، تجعله يشعر وكأنه بطل القصة، مع كل صراع وكل انتصار. كانت تتوالى على ذهنه مشاعر الفرح والخوف والأمل.

ولكن، في أحد الفصول، صادف آسر جملة غير متوقعة: "عندما يحل الظلام، سيظهر لك ما لم تراه من قبل." شعر بشيء ثقيل في صدره، كأن هذه الجملة كانت تحذيرًا له. استمر في القراءة، لكن القلق بدأ يراود أفكاره. ماذا يعني هذا؟ ولماذا شعر بأن الكلمات تتحدث إليه شخصيًا؟

الفصل الثاني: الرياح الهامسة

مرت الأيام، وازداد انغماس آسر في الكتاب. كانت الأحداث تتدفق بشكل أسرع؛ صار يدرك أنه يعيش أحداث القصة بوضوح أكبر. الشخصيات في الكتاب أصبحت مألوفة له، وكان يرى أصدقاءه وعائلته يتجسدون في أدوار مختلفة، وكأنهم ينتمون لعالم إياد. أصبح يتفاعل مع القصة بشكل أعمق، وكأن هناك خيوط ربطت بينهما.

حينَ يَتَمَرَدُ الحِبْرُحيث تعيش القصص. اكتشف الآن