الفصل الثاني: طريق الظلال

0 0 0
                                    



عادت الأيام تسير بشكل طبيعي في القصر الملكي
، لكن بالنسبة للوك، لم يعد شيء طبيعيًا منذ تلك الليلة.
ظل ذلك الوسم الملعون على ظهره، مخفيًا عن عيون الجميع،
وسرًا يخفيه بكل حذر حتى عن أفراد عائلته.
كان يعرف أن اكتشافهم للعلامة قد يُشعل موجة من الفزع والشكوك،
وربما يضع حياته نفسها في خطر.

كان يستيقظ كل صباح ليشعر بالوسم يشتعل بألم حارق يزداد تدريجيًا،
وكأن شيئًا غامضًا ينمو داخله، يطوق روحه ويجذبها نحو ظلام لا نهاية له.
حاول أن يقرأ عن تاريخ عائلته، عن اللعنة التي تحدث عنها الرجل الغامض،
وعن أسطورة الشجرة المقدسة،
لكنه لم يجد سوى حكايات غامضة ومبهمة، أشبه بألغاز تزيد من حيرته ولا تقوده إلى الحقيقة.

في إحدى الليالي،
وبينما كان القصر غارقًا في الهدوء،
قرر لوك أن يغامر بالخروج مجددًا.
شعر بأن عليه معرفة المزيد عن هذا الوسم،
وربما، لو كان محظوظًا، قد يجد الرجل الغامض مرة أخرى.
لم يكن يملك سوى القليل من الأدلة، لكنه كان مصممًا على معرفة الحقيقة،
حتى لو تطلب ذلك الابتعاد عن حياة القصر ومواجهة مصيره.

ارتدى ملابسه البسيطة مجددًا،
وتسلل من بين جدران القصر العملاقة كظلال متحركة،
حذرًا من حراس القصر والعسس المنتشرين في أروقة المدينة.
كان القمر في السماء مكتملًا،
يضيء الطريق أمامه بأشعة بيضاء باردة، وكأنها تدعوه نحو وجهة مجهولة.

بعد ساعات من السير عبر الأزقة والشوارع الهادئة،
وجد لوك نفسه أمام مكتبة قديمة على أطراف المدينة.
كانت تُعرف بين الناس بأنها مكتبة تُخفي في طياتها أسرارًا عن كل ما هو غريب ومحرم.
قال له أحد الأصدقاء من قبل إن هناك بعض الكتب التي تحتوي على أسرار الشجرة المقدسة،
وأن صاحب المكتبة نفسه يمتلك معرفة عميقة حول تاريخ العوالم والكواكب.

عند دخوله،
شعر لوك ببرودة غريبة في الهواء.
كانت الأرفف مليئة بالكتب القديمة ذات الأغلفة الممزقة،
ورائحة الورق العتيق تملأ المكان. خلف طاولة صغيرة جلس رجل عجوز،
وجهه مغطى بتجاعيد عميقة، وعيونه تشع بدهاء يلفه الغموض.

"مرحبًا،" قال لوك بهدوء، محاولًا إخفاء توتره.

رفع العجوز نظره ببطء،
وكأن وجود لوك في المكتبة كان متوقعًا. "
أهلاً بك يا أمير أمبرسليان... كنت أعلم أنك ستأتي."

ارتبك لوك،
ولم يكن يعرف كيف يجيب. كيف يعرف هذا الرجل من يكون؟ هل هو أيضًا على علم بالوسم؟
شعر بأنه أمام شخص آخر يملك مفاتيح هذا اللغز الذي أرهقه.

"جئت أبحث عن كتاب... أو أي شيء يمكن أن يشرح لي عن الشجرة المقدسة... وعن الوسم الذي ظهر على جسدي."

ضحك العجوز ضحكة قصيرة، وكأن كلماته كانت منتظرة منذ وقت طويل.
"الشجرة المقدسة ليست مجرد أسطورة يا أميرنا الشاب.
إنها كيان حي، نبض خفي يصل العوالم ببعضها البعض،
ويُخبئ ظلامًا لا يفهمه الكثيرون.
أما الوسم الذي تحمله... فهو علامة، علامة على أنك قد اخترت لمصير لا يمكن الفرار منه."

شعر لوك بقلبه ينبض بقوة،
وسأله بصوت مرتبك: "لكن لماذا أنا؟ ما الذي تعنيه هذه العلامة؟"

فتح العجوز كتابًا قديمًا أمامه،
وبدأ يقلب صفحاته بحذر، ثم توقف عند صفحة محددة،
وقرأ بصوت منخفض: "المختار... من يحمل الوسم، هو من سيقف بين الظلام والنور.
هو الذي بوسعه إما أن يحطم البوابة التي تربط العوالم بعالم الشياطين،
أو أن يسمح للظلام بأن يتدفق عبرها ليغمر كل شيء."

صمت لوك لبرهة،
غير مصدق لما سمع. "لكن... كيف لي أن أفعل ذلك؟ أنا مجرد شخص عادي!"

ابتسم العجوز ابتسامة باهتة وقال: "أنت من سلالة ماكسميليان دي أمبرسليان،
محارب الشياطين الذي قاد جيوش الكواكب في حربه ضد الشر.
دماؤه تجري في عروقك، ومعها لعنة العائلة التي لم تُرفع بعد.
الوسم هو دليل على أنك تحمل إرثه، ومصيرك مرهون به."

بينما كان لوك غارقًا في تفكيره،
تابع العجوز بصوت أكثر غموضًا: "لكن تذكر،
الطريق الذي ستسلكه محفوف بالمخاطر،
وستواجه أشخاصًا يريدون استغلال قوتك لأغراضهم الخاصة.
كن حذرًا، يا أمير. فحتى أولئك الذين تراهم حلفاء قد لا يكونون كما تظن."

تسلل شعور بالخوف والغموض إلى قلب لوك،
ولكنه كان مصممًا على المضي قدمًا.
أمسك بيده كتابًا أعطاه إياه العجوز، كان عنوانه "لعنات الشجرة المقدسة"،
وقال له الرجل العجوز بنبرة مهيبة: "خذ هذا الكتاب،
واقرأه بتمعن. ستجد فيه بعض الأجوبة،
لكن اعلم أن الحقيقة دائمًا أعمق مما تكشفه الكلمات."

أخذ لوك الكتاب وهمّ بالمغادرة، لكنه قبل أن يخرج،
التفت نحو العجوز وسأله: "هل هناك طريقة للتخلص من هذه اللعنة؟"

نظر العجوز إليه نظرة طويلة قبل أن يجيب: "كل لعنة تُكسر بثمن... والسؤال الحقيقي ليس هل تستطيع،
بل هل أنت مستعد لدفع الثمن؟"

خرج لوك من المكتبة وعقله يضج بالأسئلة،
ولا يزال قلبه مثقلاً بما ينتظره. تلك الليلة،
وبينما كان يعود إلى القصر، شعر أن كل شيء في حياته قد بدأ يتغير،
وأن الظلام الذي يخشاه بدأ يقترب، متسللًا ببطء إلى قلبه وروحه.



....................................يتبع..............................

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Nov 02 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

ملعون الشجرة المختار حيث تعيش القصص. اكتشف الآن