جُنُوّنُ المُهّيم Vk +18

- 2 -

•••

وَبَعْدَمَا التَّفَتُّ إِلَى ذَٰلِكَ الشَّخْصِ الَّذِي فَتَحَ الْبَابَ وَاقْتَحَمَ خُصُوصِيَّتِي، كُنتُ فِكْرَتُهُ أَبِي، وَفَجْأَةً ظَهَرَ لِي رَجُلٌ غَرِيبٌ، كَأَنَّهُ صَنَمٌ مُصَنَّعٌ مِنَ الْحَجَرِ، بِمَلَامِحِ الْمَوْتَى الَّتِي تَكْسُو وَجْهَهُ

شَعَرْتُ وَكَأَنَّنِي أَزْعَجْتُهُ، رَغْمَ أَنَّهُ هُوَ مِنِ اقْتَحَمَ عَلَيَّ، أَخَذْتُ الْمَنْشَفَةَ الْمُعَلَّقَةَ خَلْفِي وَلفَفْتُهَا حَوْلَ مَنْطِقَةِ السُّفْلِيَّةِ، وَأَنَا أَلْعَنُ هَذَا الرَّجُلَ الْمَمِيتَ. هَلْ هُوَ حَقًّا حَيٌّ أَمْ شَبَحٌ أَوْ جِنٌّ؟ هَلْ بِالْغَلَطِ دَعَسْتُ عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْتَحْمِي فِي وَقْتِهُم الْخَاصِّ؟ بَيْنَمَا أَضْحَكُ بِخِفَّةٍ عَلَى وَضْعِي الْآنَ، أَنَّهُ يَنْقُصُنِي، لِيُعَكِّرَ مِزَاجِي أَكْثَرَ مِمَّا هُوَ عَلَيْهِ

أَخِيرًا، التَفَتُ إِلَيْهِ، وَالْآنَ نَحْنُ نَخُوضُ شِجَارًا بِالْعَيْنَيْنِ، لِنَتَنَافَسَ عَلَى مَنْ مِنَّا أَكْثَرُ حِدَّةً وَغَضَبًا. ابْتَسَمْتُ ابْتِسَامَةً جَانِبِيَّةً،

وَقُلْتُ بِكُلِّ ثِقَةٍ: " أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْخَبْثِ وَالْخَبَائِثِ "

لَمْ يَتَحَرَّكْ حَتَّى إِنْشٍ وَاحِدٍ، فَقَطْ نَظَرَ إِلَيَّ كَمَا لَوْ أَنَّهُ يَسْمَعُهَا لِأَوَّلِ مَرَّةٍ، يُحَاوِلُ التَّأَكُّدَ إِذَا شَتَمْتُهُ لِيَقْتُلَنِي عَلَى الْفَوْرِ

شَعَرْتُ بِهِ وَهُوَ يَخْرُجُ مُسَدَّسَهُ، نَعَم، وَهُوَ الْآنَ يَدْخُلُ فَمَ مُسَدَّسِهِ بِجَوْفِ فَمِي. كُنتُ لَأَتَفَاعَلَ وَأُعْطِيَهُ رَكْلَةً فِي بَطْنِهِ، لَكِنَّهُ، وَاللَّعْنَةُ السَّابِعَةُ، كَأَنَّهُ يُهَدِّدُنِي بِعُيُونِهِ الْقَاسِيَةِ بِأَنْ لَا أَفْعَلَ أَدْنَى حَرَكَةٍ

وتَكَلَّمْتُهُ أَخِيرًا بِشَكْلٍ خَانِقٍ بِسَبَبِ مَسَدَّسِهِ فِي فَمِي، وَأَنَا أَرْفَعُ يَدَيَّ لَهُ بِكُلِّ سُهُولَةٍ. " تَوَقَّفْ، مَنْ أَنْتَ؟ إِذًا أَنْتَ أَحَدُ السَّارِقِينَ. آسِفٌ لِأَنَّنَا مَا عِندَنَا وَلَا قِرْشٌ فِي هَذَا الْكُوخِ، عَزِيزِي "

وَبَعْدَ أَنْ انْتَهَتْ مِنْ مَا نَبَسَتْ بِهِ لِلرَّجُلِ أَمَامِي، الْغُرَابِي أَخْرَجَ مَسَدَّسَهُ وَأَمْسَكَ بِيَدِ تَايَ وَأَخْرَجَهُ مِنَ الْحَمَّامِ بِسُرْعَةٍ، مِمَّا جَعَلَ تَايَ يَقَعُ بِعُنْفٍ. بَعْدَهَا، جُونْغُوكُوكَ الْتَفَتَ إِلَيْهِ وَأَخِيرًا قَرَّرَ أَنْ يَسْمَعَهُ صَوْتَهُ، لِأَذُونِ تَايَ الَّذِي تَحَدَّثَ بِصَوْتٍ هَادِئٍ وَمُتْعَبٍ