الفاعل باللغة العربية مرفوعٌ شأنه ومضمومٌ بحب بين أحضان الجمل والكلمات، فأصبح دائمًا مرفوع بالضمة؛ هكذا هو حال الفاعل باللغة العربية منذ نشأتها.
وعندما قارنتُ حياتي الحالية والتي انقلبت رأسًا على عقب بسبب هرّة فارسية الأصل - من فضلك لا تسخر مني يا عزيزي القارئ فهذا موضوعنا اليوم - ؛ وجدتُ أنني كنت ذلك الفاعل الذي خرق القواعد لأول مرة ليتم جرّه بين دهاليز روايته ولكنه جُر مضمومًا..
حسنًا لكي لا أطيل عليك يا عزيزي، لنبدأ القصة، وصدّقني أنتَ على مشارف دخول حقبة جديدة من التاريخ حيثُ سأقف على مسرح أحداثٍ نتجت عن خيالٍ جامح يستحق الرواية..
"أميرة.."صلوا على رسول الله.
_____________________________تناظر الميكروفون أمام وجهها بأعين ذابلة محمرة إثر البكاء مسبقًا، وبكف يرتجف كانت تمسك بصحيفة أغرقتها النصوص التي يجب أن تتلوها الآن على مسامع المستمعين بالراديو، لكنها لا تستطيع، حنجرتها التي كبّل مرونتها البكاء لا تستطيع إكمال البرنامج الإذاعي بعد الآن.
كانت هذه حالة أميرة التي تعيشها بداخل غرفة التسجيل حيث تقف وحيدة في غرفة ذات حوائط طلاها السواد..
حولت أميرة انظارها من الميكروفون إلى النافذة الزجاجية بالخارج حيث تقف صديقتها يارا جوار المخرج وتثقبها بنظرات ساخرة قد بدى بها التقليل واضحًا، وقد غلف صوتها نشوة الانتصار وهي تحادث مخرج برنامجها الخاص قائلة بغنج وعلى وجهها البيضاوي السمج ابتسامة:
- اتمنى يكون السيناريو اللي حضرته لفقرة النهاردة مناسب لحضرتك يا استاذ محسن.
ابتسم محسن مخرج برنامجها الإذاعي، والجالس جوارها، ثم قال بلطف مصطنع وكم كان غاضبًا منها صباح اليوم عندما كان يراجع فقرتها التي كتبتها تلك لتخنقه اخطاءها الإملائية وقصتها الركيكة التي صدّعت بها رؤوس فريق العمل بأكمله هنا:
- اكيد طبعًا يا مدام يارا، إن شاء الله فقرة النهاردة تبقى احسن فقرة في البرنامج كله.
ابتسمت يارا ابتسامة واسعة وقد شعرت بالإطراء الذي نشر في اوصلها الحماس، لتعدّل من وضع خصلاتها الشقراء الحريرية على فستانها الأبيض الذي لم يكن يتعدى مستوى ركبتيها، ثم قالت بلطف زائف:
- طيب .. نبدأ؟.
هز محسن رأسه ثم عدّل وضع سماعات رأسه الصوتية ليحادث أميرة بداخل غرفة التسجيل أمامهم قائلًا بصوت غاضب بعض الشيء وقد سئم من عمله هذا:
- خلصتي يا أميرة؟!.
انتفضت أميرة اثر صوته الصاخب ذلك وقد كانت تسبح منذ لحظات بين افكارها، تلك الغبية الجالسة جواره لم تكتب هذه القصة بل سرقتها!..
القصة من الادب الروسي .. أدب الطفل الروسي، هي تتذكر هذه القصة، لقد كانت مربيتها جولفيدان - رحمها الله - تقصصها عليها في طفولتها.
YOU ARE READING
فاعل مجرور بالضّم
Historical Fiction"حسنًا .. كل ما في الأمر انني اشتممتُ بخورًا سحريًّا جعلني أعود بالزمن، لأجد نفسي في في مملكة منسية على هامش التاريخ وأقف في مواجهة خمسة عشر أميرًا"