ارتفع صوتٌ مُزهوًا وسط ساحة المعركة المُدمّاة، "هل أدركتَ مدى ضعفك أيها الأخ؟" قالها رجلٌ ضخمُ الجثة، عيناه تلمعان بوحشيةٍ وهو يُحدّق في جسدٍ ملقى على الأرض، غارقًا في دمائه. انحنى منتزعًا سيفه من قلب الجثة، مُزمجرًا بنيةٍ مُريعةٍ على قطع رأسها وجعلها عبرةً لكل من تسوّل له نفسه تحدّي سطوته.
لكن ما حدث بعد ذلك فاق كل تصوّر! فمن العدم، وكأنّها بوابةٌ إلى عالمٍ آخر، انبثقت سحابةٌ سوداءُ كثيفةٌ، تَتلوّى كالأفعى، مُصطحبةً معها برقًا أسودَ مُرعبًا شقّ ظلمةَ السماء. وفي لحظةٍ هزّت أركانَ المكان، فُتحت عينا الجثة، مُطلقتين بريقًا أحمرَ كالجمر، ارتسمت على شفتيها ابتسامةٌ ساخرةٌ باردةٌ، وتردد صدى صوتها المُخيف في أرجاء المكان، "الحقيقةُ ليست كما تظنّون!".
تملّك الرعبُ قلبَ الرجل، وتجمدت الدماءُ في عروقه، كيف عادت هذه الجثة إلى الحياة؟! أمسك سيفه بيدٍ مرتعشةٍ، وضرب به رأسَ الجثة ضربةً قويةً مُستميتةً، انفصل الرأسُ عن الجسدِ وطار في الهواء، ليقطع مسافةً طويلةً قبل أن يسقط أمام عجوزٍ جريحٍ، كان يجلس في زاويةٍ من الساحة، شاهداً على هولِ ما يحدث.
نظر العجوزُ إلى الرأسِ المقطوع بعينين دامعتين، يتحسّر على ما آلت إليه الأمور، لكن فجأةً، وعلى حين غرة، ابتسم الرأسُ المقطوع! نطق بكلمةٍ واحدةٍ، كلمةٍ غامضةٍ لم يفهمها العجوزُ، لكنها بعثت فيه رعشةً غريبةً، " **** ". ثم أغمض عينيه إلى الأبد.
صُدم العجوزُ مما رأى وسمع، وشعر بقشعريرةٍ تسري في جسده، وسرت على محياه ملامحُ غريبةٌ لم تُعرف من قبل.
وفجأةً، قطع صوتٌ أجشٌ ذلك الصمتَ المُخيفَ، "لقد انتصرنا!". سقط صاحبُ الصوتِ أرضًا، وهو رجلٌ ضخمٌ يبدو عليه الإرهاقُ الشديدُ، وكأنه خاض معركةً طاحنةً.
بعد عدة سنوات
في قريةٍ صغيرةٍ هادئةٍ، كان رجلٌ عجوزٌ يجلسُ تحت شجرةٍ وارفةِ الظلال، يلتفّ حوله بعضُ الفتيةِ الصغارِ، يُحدّثهم بنبرةٍ حذرةٍ، "يا أبنائي، لا أحدُ منكم يُفكّرُ أن يقتربَ من بيتِ ذلك الرجل، فهو رجلٌ ملعونٌ، مسكونٌ بالجنّ، وقد رأيتُ بأمّ عيني ما حدث في ذلك اليوم المشؤوم..."
وقبل أن يُتمَّ الشيخ حديثه، قاطعته قائلاً: " لقد رويتَ لنا هذه القصة مرارًا وتكرارًا، فلمَ تُعيدُ سردها؟ هلاّ أخبرتنا شيئًا جديدًا؟"
ردَّ الشيخ بصوتٍ رخيمٍ يحمل نبرةً من الغموض: "يا بُنيَّ، وجب عليَّ تحذيركم، فأنتم لم تروا ما رأيتُه في ذلك اليوم المشؤوم!"
أجبته: " لقد حفظت قصة ذلك اليوم عن ظهر قلب، فقد رأيتم ما حدث عندما تسلل ذلك الشاب إلى بيت الرجل العجوز."
فأجاب الشيخ، وعيناه تُحدِّقان فيَّ بنظرةٍ ثاقبة: "يا بُنيَّ، إن لم تكن تُريد سماع القصة، فبإمكانك مغادرة المجلس، فقد انتهى درسنا لهذا اليوم. أما من يُريد سماع القصة من جديد، فليبقَ."
CZYTASZ
نبوءة القمر الدموي
Mystery / Thrillerتحت ظلال الخوف والجهل، تُنسج الأساطير حول منزل الشيخ أبي سلطان، الرجل المنعزل الذي يعيش في طرف القرية. لكن وراء هذه الأساطير، يكمن سرٌ مُظلم يهدد بتدمير حياة الطفل الذي يتجرأ على الاقتراب من الحقيقة. قصة عن الخوف والشجاعة، والصراع بين الجهل والحقيقة.