أغمضتُ عينايِ و تنفستُ بـِ قـُوة .. لـَ يبدأ عقليِ بـِ العودة لـِ الماضي .. حتي عـَ١٩٠٤م. حيثُ يوافق التـَاريخ الذِي تفتحت بـِه بصيرتيِ لـِ هـَذا العالـَم البشع .. مـِن ذاك الوقت و أنـَا أمكث الغرفة المزرية ذاتهـَا .. و التـِي إتضح أننـِي وُلدتـُه بهـَا أيضـًا .
لـَم أجرأ عـَلي تخطيهـَا .. و إن تسائل أحدكـُم عـَن السبب ؟ فـَ هـُو تهديدّات والدتيِ المخيفـَة حـُول فعل ذَلك !
ربمـَا البعض يطلق عليهـَا والدتيِ لكنهـَا كـَانت تحمل اللقب فقط .. لـَ أنهـَا كـَانت السبب الرئيسي فـِي حالتيِ الرثّة و معيشتيِ المُزرية .. و الأسوء مـِن كـُل هـَذا ! وحـدي .
أمضيت الست سنوات الأولي مـِن حياتيِ فـِي تلك الغـُرفة .. بـِ الكاد أعرف شيء خـَارج مُحيطهـَا !
فقط بعض الأشياء البسيطة .. مثل صـُراخ الجيران الذي لـَم يسبق لـِي أن رأيتهـُم ! أو مواء القطط التـِي أسترق النظـَر إليهـَا بين حين و أخـُري مـِن النافذة المهترئة ، أو بعض الصـُور لـِ أماكن جميلة التـِي كـُنت أطّلع عليهـَا بـِ إستمرار مـِن تلك الجرائد التي نغطي بهـَا الأرضيـّة البـَاردة .
كُنت حقـًا كـَ مخلوق غريب فـِي هـَذا العالـَم ! حبيس تلك الغـُرفة المظلمة .. لا أعرف شيئـًا سوي عـَن مـَا تخبرنيِ عنـُه والدتيِ عندمـَا أُلِح عليهـَا لـِ بعض المعرفة ، عـَادة مـَا أسمع إجابة كـَ "اخرس أيهـُا اللعين" أو "لا مزيد مـِن الأسئلة والا قطعتُ ذاك اللسان الثرار" ، و كـَانت نادر مـَا تلقي عـَليّ بـِ إجابة لـِ سؤالي صحيحة !
بـِ الطبع كـَانت تمقتني فـَ أنـَا غلطة الحياة بـِ النسبة لهـَا .. غلطة متعة لليلة واحدة كلفتهـَا ست سنوات مـِن حياتهـَا البائسة لـِ تزداد بؤسـًا