في إحدى القرى النائية، كان هناك منزل قديم مهجور يقع في أطراف الغابة. كان الجميع يتجنب الاقتراب منه، لأنه كان يحمل قصة غامضة تحيط به. يقال إنه في ليلة عاصفة قبل عشرين عامًا، اختفى مالك المنزل، "سامي"، دون أن يترك وراءه أي أثر.
كان سامي رجلًا وحيدًا، لا يتعامل مع جيرانه كثيرًا. لكن كان ثمة شيء غريب يحدث كلما اقتربت العاصفة، كان يُسمع في المنزل أصوات غريبة، كأن هناك من يصرخ طلبًا للمساعدة، أو همسات تخرج من جدران المكان. حتى اختفت اخباره تمامًا واختفى هو أيضًا عن الأنظار فبات السكان لا ينعمون بالراحة من وقتها ولا يعلمون ما سبب هذا فتارة يسمعون اصوات غريبة ليلًا وتارة يشتعل الحقل بجانبهم واشياء عدة ليس لها سبب وجيه وبعد تلك الأحداث هُجرت القرية منذ أعوام فخرج هذا خائفًا على أطفالها وذاك على زوجته وهذا وهذه والجميع حتى خوت القرية تمامًا وبقى سر اختفاء سامى المفاجئ والذى عقبه حدوث تلك الحوادث سرًا غامضًا
في إحدى الليالي العاصفة، قرر شاب مُغامر يدعى "عادل"
كان يهوى استكشاف الأماكن المهجورة، وكانت هذه الفرصة التي لا يريد أن يفوتها. رغم أن أصدقائه كانوا يحذرونه بشدة، ويصفون له الحكايات المخيفة التي تناقلتها الأجيال عن ذلك المنزل، لم يكن عادل ليُبالي بتلك التحذيرات."أنت مجنون، عادل!" قال صديقه "خالد" بنبرة قلق. "هذه القرية ليست مجرد مكان مهجور. هناك شيء مريب يحدث هناك، لا تذهب! قد تكون آخر مرة نراك فيها."
لكن عادل كان مصممًا، وسألته نفسه: "ماذا إذا كانت مجرد خرافات؟ ماذا إذا كان الجميع يبالغون؟" كان يحلم دومًا باكتشاف أسرار الأماكن المنسية، خاصة تلك التي يحيط بها الغموض. وفي قرارة نفسه، كان يشعر بأن تلك القرية تحمل قصة لم يُكتب لها أن تنتهي بعد.
في ليلة عاصفة أخرى، انطلق عادل إلى القرية، متسلحًا بمصباحه اليدوي وكاميرته، ليكتشف ما كان يحدث في ذلك المنزل. وصلت الرياح العاتية والأمطار الغزيرة، وكان صوت الرعد يتردد في السماء كأنه تحذير من شيء غير مرئي. فكر عادل في العودة، لكنه أصر على المضي قدمًا. كان يعرف أن هذه الفرصة قد لا تتكرر مرة أخرى.
بينما اقترب من المنزل، شعر بشيء غير طبيعي يحيط به. كانت الأشجار حوله تتمايل في الرياح بشكل غريب، وكأنها تُحاول إبعاد شيء ما عنه. جدران المنزل المتهدمة كانت تشع منه أضواء ضعيفة، لكن لا أحد يستطيع أن يعرف مصدرها.
دخل عادل إلى المنزل بحذر، وكان الهواء في الداخل كثيفًا وثقيلاً، وكأن المكان نفسه ينبض بالحياة. جدران المنزل كانت مليئة بالبقع الداكنة والآثار الغريبة التي لا يمكن تفسيرها. كان كل شيء هنا يبدو وكأنه عالق في زمن بعيد، من دون تغيير منذ أن اختفى "سامي" عن الأنظار.
بينما كان يستعرض المكان، شعر فجأة بشيء غريب يلاحقه. همسات خفيفة تُسمع من وراء الجدران، ثم صوت خطوات غير مرئية تلاحقه في الظلام. كان قلبه ينبض بسرعة، لكنه حاول أن يظل هادئًا، مُقنعًا نفسه أنه ربما تكون الرياح أو الصوت الناتج عن تشقق الجدران.
لكن حين اقترب من الدرج المؤدي إلى الطابق العلوي، شعر بشيء غير طبيعي. كان الهواء في الأعلى أكثر برودة، وكانت الظلال أكثر كثافة. وعندما وصل إلى أعلى الدرج، شعر فجأة بشيء ثقيل يضغط على صدره. استدار بسرعة ليكتشف شيئًا مرعبًا: كان هناك، على الجدار، صورة كبيرة لصاحب المنزل "سامي"، تبدو وكأنها مشوهة بشيء غريب، وكأن عيونه تنظر إليه بشكل مُرعب.
بينما كان عادل يحدق في الصورة، بدأ يسمع همسات تأتي من داخل الجدار نفسه. وكان الصوت يزداد قوة، حتى أصبح كأن هناك من يصرخ طلبًا للمساعدة من داخل الجدران. حاول عادل أن يتراجع، لكنه شعر بشيء ثقيل يُمسك به، وكانه لا يستطيع تحريك قدميه.
فجأة، تلاشى الصوت، ولكن في اللحظة التي حاول فيها عادل التنفس بعمق، اهتز المكان بأكمله. وأُضيئت الغرفة بأضواء ساطعة ومزعجة، وأصواتٌ شديدة بدأت تتصاعد، وكأن الجدران نفسها كانت تعيش.
وفي تلك اللحظة، خرج شيء من الظلام. كان شيئًا ضبابيًا، يشبه الأشباح، لكن شكله كان مشوهًا تمامًا. كان ضخمًا، جسيماً، وعيونه تتوهج بالحمر، وكان يتقدم نحو عادل بخطوات بطيئة
"أنت هنا الآن..." قال الكائن بصوت خافت، ولكن كان مليئًا بالقوة والموت. "لقد دخلت... لن تخرج."
كان عادل يحاول الهروب، ولكن قدماه كانت غارقة في الأرض، وكأنها أصبحت جزءًا منها. وفي لحظة واحدة، شعر بأن نفسه تتسرب منه، وكأن روحه تُسحب إلى مكان مظلم، إلى حيث لا عودة.
في تلك اللحظة، تذكر كلمات أصدقائه. كان قد ذهب بعيدًا جدًا. كان في مكان يختلف عن أي مكان آخر، مكان مليء بالأشباح والأرواح العالقة بين الحياة والموت.
ورغم أنه كان يحاول الهروب، كان يعرف في أعماق قلبه أنه أصبح الآن جزءًا من تلك الحكاية، جزءًا من اللغز الذي طالما حاول اكتشافه.
وفجأة، توقف الكائن وابتسم ابتسامة باردة، وقال: "لقد أصبح لك الآن ما كان لسامي."
ثم بدأت الغرفة تتلاشى، ومعها اختفى عادل أيضًا، تاركًا وراءه ظلالًا ضبابية، وهمسات تردد في أرجاء المنزل المظلم، الذي سيظل عالقًا في الوقت نفسه، حيث لا يُسمح لأحد أن يخرج.
#ندى_أمير
#قصص_رعب