الفخ

1 0 0
                                    

إستمر بلال في التحديق في الشاشة التي تَعرض رصيده صفرًا. صمت لحظة، ثم همس لنفسه بغضب مكبوت حيثُ ظن لوهلة أن ادريان أصبح صديقة:
"كيف؟ كيف فعلها؟"
أما معتصم فوقف بعيدًا عنهم، يُراقب بقلق مِن بعيد، ينظر إلى تعابير وجههم التي كانت تعكس مشاعر الإضطراب والدهشة. لم يكن هو الآخر قد تجنب الخدعة. لكن كان يتساءل في نفسه، هل كان هذا كله جزءًا من خطة أدريان؟ أم أن الأمور قد خرجت عن السيطرة؟ وأين المال الذي كدّسوه طوال تلك الفترة؟
قال قاسم بعينين متوهجتين من الغضب:
"هذا ليس مجرد خطأ، هذا خيانة! لم أكن أتوقع أنني سأكتشف يومًا أنني كنت أعمل مع شخص بهذا الحجم من النذالة."
بلال، الذي كان يهز رأسه وهو يحدق في بطاقة معتصم، قال بصوت غاضب: "هل كان كل شيء كذبة؟ هل من البداية كان علينا أن نتوقع هذا؟"
قال معتصم، وهو يخطو نحوهم ببطء:
"انتظروا، لا تفقدوا أعصابكم. علينا أن نركز، أدريان ليس غبيًا، كان يراقبنا. ربما يكون قد فعل ذلك لحماية نفسه، لكن هذا لا يعني أنه يجب علينا أن نفقد السيطرة الآن."
صرخ قاسم في وجه معتصم، معبرًا عن استيائه:
"ماذا يعني هذا؟ الحماية؟ أظن أن أدريان كان دائمًا يراقبنا ليتأكد من أننا لا نكتشف حقيقته. المال لم يكن له أبدًا، نحن كنا فقط أدوات في لعبته."
بلال، الذي كان يشعر بشيء من التوتر، قال بحذر:
"لا نعرف بعد كل شيء. ربما كان يخطط لأمر أكبر مما نتصور. ربما نحتاج إلى التفكير في الأمر بعناية قبل أن نتخذ أي خطوة."
في تلك اللحظة، نظر معتصم إليهم بتوتر ثم أضاف وهو يحاول أن يثبت نفسه كقائد للمجموعة:
"علينا أن نكون أذكياء  يجب أن نفكر جيدًا قبل اتخاذ أي قرار. لو فكرنا بعنف، سنكون ضحية تسرعنا. الأمر الآن أكبر من مجرد المال، يجب أن نكتشف لماذا فعل أدريان هذا."
وفي تلك اللحظة، تردد صوت رنين هاتف معتصم، فرفع السماعة بسرعة، وكان الصوت الذي جاء من الطرف الآخر ينبئهم أن هناك شيء قد حدث.
"لقد اكتشفوا أمرنا مُجددًا أصبحنا الأن رسميًا مطلبون للعدالة. تحركوا بسرعة."
قال معتصم وهو يوجه حديثه إليهم:
"هيا، لا وقت للمزيد من الكلام. يجب أن نغادر الآن، لن أكون المسؤول إذا وقعنا في فخ أدريان."

. كان يتنفس بصعوبة وهو يعتقد الأن أنهم كشفوه  تنهد وقال لنفسه: "لقد فعلتها. الخطوة التالية هي الفرار بأسرع وقت ممكن."

بينما كان الثلاثة يسرعون نحو السيارة، كانت أفكارهم تتسابق في رؤوسهم. الجميع كان يحمل عبئًا ثقيلًا من التساؤلات. ماذا سيحدث الآن؟ هل يمكنهم الوثوق ببعضهم البعض؟ هل الوقت قد حان لإنهاء كل شيء؟
لكن كانت هناك مسألة أكبر، قضية واحدة فقط كانت تشغل عقولهم الآن: الهروب. الهروب من هذا الكابوس الذي صنعوه بأيدهم.
وفي لحظة من الصمت الذي خيم على الجميع، انطلقت السيارة بسرعة عبر الشوارع، تاركة ورائها كل شيء.
استمروا في القيادة في صمت، وأصوات محركات السيارة وحدها تملأ الأجواء المشحونة بالتوتر. كانت شوارع المدينة المظلمة تمر سريعًا من أمامهم، وكأنها تبتلعهم في الطريق الذي يسلكونه، بينما كانت عيونهم موجهة للأمام، عيونهم مليئة بالتساؤلات والقلق.
قال معتصم أخيرًا، وهو يلتفت إليهم بنظرة قاسية، وكأنما هو الوحيد الذي حافظ على هدوئه في هذه اللحظة الحرجة:
"لا أحد هنا يملك ترف الوقت. إذا كانت خطتنا محكوم عليها بالفشل، فلابد أن نكون مستعدين لكل الإحتمالات. الأمور الآن أكبر مما تتصورون. أدريان ليس مجرد خائن، هو يمثل تهديدًا مباشرًا. ونحن، إن لم نكن حذرين، سنكون في مهب الريح."
بلال، الذي كان صامتًا طوال الرحلة، نظر إلى معتصم في مرآة السيارة الأمامية، ثم قال بصوت منخفض، لكنه محمل بالغضب:
"أنت محق. كنا أغبياء. كنا نعتقد أن كل شيء تحت السيطرة. لكننا وقعنا في فخ كبير. هو لم يكن يسعى للمال فقط، بل كان يلعب لعبة أكبر منا جميعًا. لكن السؤال الآن هو: كيف نجده؟"
قال قاسم الذي يجلس بجانب معتصم في المقعد الأمامي، بعدما فكر للحظة: "لكن كيف نعرف أنه لم يكن يراقبنا مُنذ البداية؟ كيف نكون متأكدين أنه لم يخطط لِهذه اللحظة من البداية؟ كل شيء كان مظلمًا ومبهمًا، ونحن كنا مجرد أدوات في يديه. ما دام هو الممول والمخطط، فإننا فقط كالدمى في يده."
ثم نظر إلى الأمام بتعبير جاد، وقال: "إذا كان أدريان قد خطط لهذا منذ البداية، فأنت محق. لكن هذا يعني أن لدينا خيارًا واحدًا فقط: أن نجده و نوقفه قبل أن ينجح في تحقيق ما يريده. وكلما تأخرنا، أصبح خطره أكبر."
لكن بلال قطع حديث معتصم وهو يلتفت إلى قاسم، وقال بتردد:
"وإذا كان... إذا كان قد كسب عقولنا جميعًا؟ ماذا لو كان لدينا الخيار الآخر؟ ربما... ربما حان الوقت لنفكر في الانفصال. إذا لم نعد نثق في بعضنا، فلا أعتقد أن هناك فائدة من الاستمرار معًا لنبحث متفرقين ونبتعد عن بعضًا هذا أضمن
لكن قاسم رد عليه بسرعة، صارخًة في وجهه:
"لا، لا تفتح هذا الباب يا بلال! لا أريد أن أكون في وضع لا أستطيع فيه أن أعود. إذا انفصلنا الآن، فنحن نلعب لعبة أدريان. لا يمكننا أن نكون ضعفاء في هذه اللحظة."
تسارعت أنفاس معتصم وهو يدير عجلة القيادة بشدة، وكأن القرارات التي أخذها في الماضي الآن تطارده، وتحديدا لحظة الفشل التي وقعت فيها المجموعة.
وهم على وشك الوصول إلى نقطة التحول، يلوح أمامهم الضوء في نهاية النفق. كانت السماء قد بدأت تبين خيوط الفجر، وكأنها تشير إلى أن النهاية قد اقتربت، ولكن أي نهاية؟
قال معتصم أخيرًا، وهو يوقف السيارة في موقف مغطى بالظلال:
"أريد أن أكون صريحًا معكم. لدينا ساعة واحدة فقط قبل أن يُكتشف أمرنا. إذا لم نتحرك بسرعة، سنفقد كل شيء. نحن نحتاج إلى خطة بديلة، وإذا لم أكن مخطئًا، فإيفان سيكون هناك في الوقت المناسب، كما وعد."
بلال، الذي كان مشغولًا بفكرة الإنفصال، استدار فجأة ليلتقي بنظرات معتصم الحادة، ثم قال بحسم:
"نحن لا نملك الوقت للمناقشات، معتصم. إذا كنا جادين في الخروج من هذه الورطة، يجب أن نتحرك فورًا. لا مزيد من التقاعس."

بينما كان معتصم ينوي الرد عليه، قطعه صوت رنين من الهاتف. اللحظة الحاسمة. كان الصوت الآتي من الطرف الآخر يوحي بالتهديد والضغط.

"معتصم، لدينا مشكلة، ربما حاول ادريان إخفاء الأموال ولكن لديكم شيء أكبر لتقلقون لأجله الأمور أصبحت أكثر تعقيدًا. الشرطة بدأت تراقبكم أو أصبحت تريد إعتقالكم. كونوا حذرين!"

ألقى معتصم الهاتف على المقعد المجاور له، وقال بصوت خافت لكنه مليء بالغضب:
"لقد تأخرنا. الأمور تفلت من أيدينا. ليس لدينا وقت آخر للعب."
في تلك اللحظة، بينما كان الجميع يجهز نفسه للتحرك، كانت رائحة الخوف والقلق تملأ السيارة. أدريان كان في مكان ما قريبًا، يتابع جل تحركاتهم بعناية، وكان من الواضح أن المواجهة القادمة ستكون حتمية. أما معتصم، بذكائه، فقد بدأ يخطط لخطوته التالية بحذر شديد.

إما أن ينجو الجميع من هذا الخطر المحدق، أو أنهم سيغرقون في الفخ الذي نصبوه لأنفسهم.

فى هذا الوقت المرير يرتدي أحدهم قلنسوة على رأسه ومعطف سميك ويركض ليلًا تحت أمطار السماء رأسه مُعبى بالأفكار ولكن فكرة واحدة فقط ما استولت على عقله بقوة وجعلته يتنفس بعمق متحديًا نفسه مُتجهًا لجهة أخرى وكله عزيمة وإصرار.
وبنفس الوقت تمامًا كانت عائلة صغيرة مُحبة لبعضها البعض يستقرون على مائدة العشاء حيثُ الدفا والحب النادر وجوده في هذا الزمان حيثُ قطع اجوائهم صوت دق الباب فى هذا الجو الممطر فتسألو من قد يكون.
أخذ الوالد معطفًا واتجه للباب وتراجع مُندهشًا وقام سريعًا بإدخال الضيف
والذي لم يكن ضيفًا بالمعني وقال الشاب: أسف ياعمي سامحني اني جيت فى وقت زي دا.
قال الرجل: خش اقعد واقلع الجاكت دا الأوى الكله ماية دا يابني خير يانادر قلقتني.
فكر نادر مرة اخيرة بما هو مقبل عليه هذا فرصته لإثبات نفسه مُجددًا: عاوز ملف القضيه ال محمد رجعه امبارح وقالك مش هيستلمه لأنه القضيه فيها سفر الله أعلم مدته وهو من حقه يرفض قضية خصوصًا والإدارة عارفة حالة بنته، أنا هستلم القضية دي مكانه ياباشا.
ثمّ اقترب منه وأخذ يده بترجي: أرجوك انت قولتلي أكلمك زي ابويا يارياض بيه ففي الحالة دي واجبك تساعدني واوعدك دي أخر مساعدة بس سلمني القضية دي.
السيد رياض الذي كان مندهشًا من اصراره وتعابير وجهه الجدية والواعية
فالقد فقد الأمل به مُنذ اخر مرة تحدث معه ووجده لا يهتم بطرده من منصبه كشرطي حتى وقال مترددًا: لو حد تاني مكاني كان قال انك مجنون بوجودك دلوقت وفى الساعة دي ناهيك عن انك جاي عشان تتكلم فى الأمور دي طب كنت استنى لبكرة فى المكتب!
قال نادر مُمتعضًا: انت منتش فاهمني دي مسألة تحدي مع نفسي مش انت قولتلي شوف الشمس
اجاب السيد رياض قائلًا وهو يتتطلع من الشباك المجاور له وأردف بمزاح :فين الشمس دي الجو كله رعد برا انت بوظت الحكمة. وعلى كُلًا انا هديك الفرصة دي وملف القضية هيكون عندك بكرة ادرسها كويس عشان دي مش مجرد قضية عادية دى قضية مسجلة من زمان فى كذا بلد بس كانو مستنين يحطو ايدهم على واقع لأن المجرمين حوطين جدًا وشكلهم مجاميع عدة ومعنى انك جيت دلوقت والاصرار ال انا شايفة دا معناه انك عاوز ترجع اسم نادر ابن الظابط رجب عابدين.
انهى حديثه ثم ربط على كتفه وقال: بالتوفيق فى ال انت مُقبل عليه انت قدها.

غادر نادر عائدًا والأمل والعزيمة الجديدة يشعان من عينه وقرر العودة وبقوة هو ليس بفاشل ابدًا هو ابن الوالد والوالدة الذى ضحى بعمرهما كله فى سبيل ظهور الحق ولم يفشلا قط لن يأتي هو ويمحو تاريخهم العريق واخذ يحضر اشياء لرحلة لا يعلم كم ستستغرق رحلة لم يكن يعلم أنها تغير فى مسار حياته بأكملها أشياء لم يكن يتوقع حدوثها ولا يتوقع ما سوف يجد ويعيش.



لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: 4 days ago ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

لصوص فى مُهمة وطنية حيث تعيش القصص. اكتشف الآن