الفصل الحادى عشر

93 10 3
                                    

الفصل الحادى عشر

أخذت تجوب غرفتها ذهابا وإيابا وهى تشعر بتوتر كبير ماذا لو (جمال) أخبر عمها ب (هشام) بالتأكيد لن يتركها تجلس بمفردها بمنزل جدتها هى تعلم جيدا شخصية (جمال) فهو شخص مستغل لأى فرصة من أجل أن يجعل صورتها أمام عمها قبيحة وعمها سيكون محق فى أي تصرف يتخذه لكن هى لا تريد العودة مرة آخرى إلى منزل عمها والعيش هناك بين أربع حيطان سيجعل حالتها تسوء فقد بدئت بالتحسن بفضل  اصدقائها ولن تستطيع نكران أن (هشام) أيضا فعل الكثير فلولاه لكان (جمال) استقوى عليها ولا تعرف ماذا كان فعل بها تنهدت بحرقة وأمسكت رأسها بين راحة كفي يدها وهى تشعر بالإنزعاج ثم قررت أن تذهب إلى غرفة (داليا) لكى تأخذ رأيها طرقت باب الغرفة ثم انتظرت لثوان وفتحت باب الغرفة وجدتها نائمة فاقتربت منها ومن الفراش وجلست على حافة الفراش وهى تقول
-(داليا) صحصحى معايا كده
بدأت (داليا) تستفيق وأمسكت رأسها بألم فشعرت (رهف) بالحزن من أجلها فهى المتسببة لما حدث لها فقالت (داليا) بصوت ضعيف
-خير يا (رهف) فيه ايه ؟!
فقصت عليها (رهف) مخاوفها بإن يحدث (جمال) عمها فأجابتها (داليا) بتلقائية
-خلاص قوليله إنتى
اجابتها فى ذهول
-اقوله أنا !!!
-أيوة طبعا ... بدل الكلب ده ما يديله فكرة غلط عن علاقتك ب (هشام)
-صح معاكى حق
ذهبت إلى غرفتها وأخذت الهاتف من أعلى الكومود ثم قامت بالأتصال بعمها
-إزيك يا عمى ؟!
-الحمد لله اخبارك إنتى إيه يا (رهف)
-كويسة الحمد لله
صمتت لعلها ترتب الأفكار التى برأسها فقال هو
-شكلك عاوزة تقولى حاجة
ابتلعت ريقها ثم تحدثت بهدوء قائلة
-من يومين (جمال) اتهجم عليا أنا وصاحبتى وضربنا ودى مش أول مرة  ... عمل كده قبل كده
انفعل عمها قائلا بقوة:
-مانا قولتلك قعاد لوحدك مينفعش .. لمى هدومك وأنا جاى اخدك
-لا يا عمى اسمعنى للأخر .. بصراحة فى شاب ساكن قصادى وفى المرتين ضرب (جمال) وجبله الشرطة كمان بس أنا اللى اتنازلت عشان مهانش عليا أن يبات فى الحبس مع المجرمين
-يا (رهف) .. كتر خير جارك ده بس برده أنا مأمنش تقعدى لوحدك
حاولت اقنعه بشتى الطرق قائلة
-يا عمى أنا اتصلت بحضرتك اقولك لأنى واثقة أن (جمال) هيتصل بيك ويديك صورة غلط عن اللى حصل .. ارجوك يا عمى متضغطش عليا بالموضوع ده انى ارجع البلد .. أنا شغلى هنا وصحابى هنا وحياتى هنا مش هقدر اسيب كل ده وارجع ابقى وحيدة من تانى
تنهد عمها بآسى ثم قال
-طب أنا جايلك النهاردة نعمل محضر عدم تعرض للحيوان ده
-وأنا موافقة يا عمى
أغلقت معه الهاتف وشعرت بسعادة كبيرة فقد كان هما على قلبها قد إنزاح ...
********************
كانت جالسة بغرفتها تبحث عن بعض الفيديوهات التعليمية للصلاة وقررت أن ترسلها له شعرت بتردد كبير بعد أن أخذت رقم هاتفه لكنها وعدته أن ترشده الطريق الصحيح لذا قامت بإرسال الفيديوهات على تطبيق الواتساب ..
على الجهة الآخرى كان (فهد) فى غرفته يبكى على إثر فراق صديقه فقد كان صديق عمره تعرفا على بعضهم البعض منذ أن كانا بالثانوية واستمرت صداقتهم كل تلك السنوات حيث أنه حتى كان يعمل معه بنفس الفندق .. استمع لصوت رسائل من هاتفه فأمسك الهاتف ولم يصدق أن (نسمة) قامت بإرسال الفيديوهات له ابتسم بهدوء وكان يريد أن يتحدث معها لكنه وعدها أنه سيأخذ الفيديوهات دون مضايقتها بأى رسائل لكنه تفاجئ حين رأى رسالة منها تسئله فيها عن حاله
(عامل ايه النهاردة ؟! )
اجاب على الفور
(الحمد لله)
شعرت هى بالحزن من أجله فأرسلت مرة أخرى
(قوم خد شاور .. وابدء صلاة .. بس اتفرج على الفيديوهات الأول)
(اكيد)
كانت تريد أن تطيل معه الحديث ولكن ضميرها يمنعها من ذلك لذا ارسلت له
(خلى بالك من نفسك يا (فهد)
(حاضر يا (نسمة) ... إنتى كمان خلى بالك من نفسك)
********************
فى المساء كان قد وصل عمها إلى منزل جدتها طرق باب المنزل لتفتح (رهف) الباب وتشعر بالأمان حين وجدت عمها ارتمت بين أحضانه فمسد هو على ظهرها بحنان وشعر بضعفها وأنها بحاجة إليه بجواره فقال ممازحا إياها
-خلينى أنا متشحطط من هنا لهنا عشان خاطر عيونك دى
ابتعدت عن عمها ثم قالت بنبرة آسفة
-أنا آسفة يا عمى إنى تعباك معايا و ..
-بطلى هبل .. يلا وسعيلى عشان أدخل .. وأنا ميت من الجوع مكلتش حاجة من الصبح
أفسحت (رهف) له الطريق وهى مبتسمة فدلف إلى الداخل ثم قال
-أومال فين صاحبتك إللى. دايما لازقة فيكى
-تعبانة يا عمى رأسها انفتحت بسبب الحيوان (جمال) بس هى فوق نائمة فى أوضتها .. هروح أحضر لك الأكل على طول وجاية
-ماشى يا حبيبتى
جلس على الأريكة وهو يفتح زر الحلة الخاصة به  فاستمع إلى صوت هاتفه فوجد أن المتصل (جمال) شعر بغضب يعتريه لكنه أجاب على الفور
-ألو ...
-أيوة يا (محسن) بيه .. أنا بس حابب أقول لحضرتك أن بنت أخوك الهانم المتربية المحترمة بتدخل رجالة فى البيت وحضرتك نايم على ودانك
لم يتحمل أن يسمع تلك الأهانة منه
-إخرص يا قليل الأدب يا حقير
قالها وهو منفعل بشدة ليبتسم (جمال) ابتسامة انتصار وهو يقول :
-أنا شفتها بعينى وضربنى .. عشان خاطر عيونها .. شكله عاشق جديد
-أنت قولتلى بقى.. بس مقلتش إنك اتهجمت عليها مرتين وهى لوحدها فى البيت ولولا مساعدة الشاب ده لها كان زمانك عامل فيها إيه بالظبط
تلجلج (جمال) بالكلام وهو يقول
-ا .. أنا. 
قاطعه (محسن) قائلا
-إنت تخرص خااالص وأنا هعملك محضر بعدم التعرض عشان لو اتعرضت ليها أنا اللى هقفلك ومش واجها لوجه لا هقفلك فى السوق يا (جمال) ومش هخلى كلب يتعامل معاك
قالها ثم اغلق الهاتف فى وجهه ليتمتم (جمال) بغضب
-أنا ايه اللى عملته ده
******************
انتهت (رهف) من اعداد الطعام واعدته على الطاولة ثم أخبرت عمها بأن الطعام جاهز على الطاولة توجه نحو الطاولة وهو يشعر بالغضب فشعرت (رهف) بإنه متغير قليلا فسئلته
-فى حاجة يا عمى ؟!
زفر بضيق وهو يقول
-(جمال) الخسيس.. بيحكيلى عليكى إنتى وجارك
شعرت بغصة فى قلبها فهاهو (جمال) أصبح لا يخيب ظنها ابدااا بل يزداد سوءا عما فكرت به فترقرقت الدموع من عينيها ثم قالت :
-(هشام) راجل محترم يا عمى وعمره ما اتعدى حدوده معانا أنا وصحابى
-أنا عاوز اشوفه .. دلوقتى
نظرت (رهف) الساعة بيدها ثم قالت
-دلوقتى يا عمى !!! ... الوقت اتأخر
-اتصرفى وهاتيه .. وإلا هتمشى معايا من سكات من هنا ومفيش قعاد لوحدك
عضت شفتاها بغضب ثم قالت متلعثمة
-ح.. حاضر يا عمى
ثم توجهت نحو الخارج وذهبت تجاه الفيلا الخاصة ب (هشام) وهى مترددة فما ستقوله له ولماذا عمها يريد مقابلته أمن المعقول سيوبخه ؟!! كيف يستطيع فعل ذلك و (هشام) دوما ينقذها من ذاك الوغد وله من الشهامة معها الكثير وصلت للحديقة الخاصة به وبحثت عن عم (بيومى) حتى وجدته يسقى الزرع بالحديقة فقالت له
-عم (بيومى) ممكن تندهلى أستاذ (هشام)
-آه طبعا يا هانم
ثم ذهب إلى الداخل وأخبر (هشام) بإن (رهف) تريد مقابلته فأسرع نحوها ثم قال
-يا خبر يعنى أول مرة تيجى هنا ومتدخليش.. اتفضلى يا (رهف) ده بيتك
ابتسمت له ابتسامة ودودة ثم قالت
-معلش يا (هشام) عمى عاوز يقابلك .. أنا آسفة بجد
إندهش (هشام) من أن عمها يريد مقابلته ولكنه قال
-مالك خايفة كده ليه طيب.. عادى مفيش مشكلة..
-هو عندى فى البيت دلوقتى.. وعاوز يشوفك
-اهااا طب يلا
ساروا معا نحو المنزل الخاص بها فقالت (رهف)
-أنا عارفة إن معرفتى كانت سودة بالنسبة ليك .. من ساعة ما شوفتنى وأنت فى مشاكل معايا بين طليقى وعمى
أجابها بهدوء
-إيه اللى بتقوليه ده يا (رهف) .. انتى متعرفيش إنتى ليكى مكانة خاصة عندى أد إيه
وقفت عن السير ورمشت بعينيها عدة مرات وشعر هو بغباء ما قال فقال ليصلح ما قاله:
-إنتى والبنات يعنى
ابتسمت قليلا ثم قالت
- ميرسى لذوقك .. لو سمحت استحمل عمى فى أى كلمة يقولهالك .. أصل (جمال) قاله إنى بدخلك البيت عادى وكأنى ماشية على حل شعرى
ضم (هشام) قبضة يده ثم قال بغيظ
-حيووووان
وصلا معا إلى المنزل ودلفا نحو الداخل وجد عمها بإنتظاره وهى وجدت أن عمها لم يتناول شيء من الطعام فعلمت أنه غاضب بشدة فقالت بصوت حنون
-ليه مكلتش يا عمى
نظر (هشام) إلى هيئة عمها الذى يبدو كشاب مثله أو بكبره ببضع سنوات فقط فقال:
-هو فين عمك ده .. ده عمك .. ده أنا افتكرته أخوكي الكبير
ابتسمت (رهف) ثم اقتربت من عمها وحضنته وهو يجلس وقالت
،-ده عمى اللى مليش غيره فى الدنيا دى كلها وحبيبى كمان
نظر عمها لها ول (هشام)
-إنتوا هتستلمونى بقى يا بكاشيين .. عموما أحب أتعرف عليك
مد (هشام) يده لمصافحته وهو يقول:
-(هشام عبدالله السيوطى) جاركوا هنا
اتسعت عينان (محسن ) بدهشة
-إنت ابن (عبدالله السيوطى) جارنا اللى كان هنا
-أيوة حضرتك تعرف والدى
-طبعا أومال .. أعرفه عز المعرفة .. ده كان صديق عمرى من الطفولة بس من ساعة ما سافرت البلد واستقريت هناك من سنين انقطعت أخباره ولكن عرفت أنه توفى وكنت حزين جدا عليه الله يرحمه
-الله يرحمه يا عمى ... إحنا طلعنا معارف
-أيوة .. كانت احسن جيرة ..
اتسعت عينان (رهف) ولكنها شعرت بفرح فقد نسى عمها ما حدثه (جمال) به فحقا خلق وأدب (هشام) يجعل من امامه ينسى الصعاب ابتسمت قليلا وجدتهم يتحدثون فى أمور شتى فقالت مقاطعة لحديثهم
-هروح اسخن الأكل تانى .. عشان تأكلوا
عندما انصرفت (رهف) قال (محسن)
-أنا مش عارف أشكرك إزاى على اللى عملته مع بنت أخويا .. بس برده حط نفسك مكانى ميصحش تدخل وتخرج البيت ومفيش راجل موجود فيه
تنحنح (هشام) قليلا ثم قال
-طبعا يا (محسن) بيه بس صدقنى أنا مش بدخل إلا للضرورة زى ما شفت الحقير ده بيضربها هى وصاحبتها مقدرتش أمنع نفسى من ضربه
-إنت واضح إنك زى أبوك شهم بمعنى الكلمة... بس أنا كل اللى بطلبه منك إنك تخلى بالك من (رهف) بس فى حدود يا (هشام) فاهمنى ؟!
-طبعا فاهم سيادتك
-أنا لولا إنى كنت بثق فى والدك الله يرحمه .. مكنتش طلبت منك طلب زى ده وعارف إن إنت كمان أد الثقة دى .. وأنا بكرة الصبح هروح أعمل محضر ليه بعدم التعرض ليها وهحاول أخلص اشغالى وأجى أقعد معاها لأنى مش ممكن اسيبها لوحدها وهى رافضة ترجع البلد كان نفسى اخدها معايا بس مش عايزها تخسر كل حاجة فى وقت واحد
شعر (هشام) بالضيق لأنه كان ينتوى أن يأخذ (رهف) معه فقد اعتاد على وجودها ووجود اصدقائها فى حياته الفترة الآخيرة فهز رأسه بتفهم ثم قال
-متقلقش يا (محسن) بيه
فى تلك الأثناء جاءت (رهف) وهى تقول
-العشا جاهز للمرة التانية يا عمى
-طب أستأذن أنا بقى
قالها (هشام) وهو يقف فقال (محسن)
-ميصحش كده يا بنى لازم تتعشى معانا
حاول (هشام) الرفض لكنه لم ينجح أمام إصرار عمها شعرت (رهف) بالسعادة لأن عمها وثق فى (هشام) كما هى تثق به وظلا يتناولون طعام العشاء معا واعجب (هشام) بطعامها للغاية فقد أثبتت أنها طباخة ماهرة لذا غمز لها بعينه اليسرى وأشار لها بأصابعه الثلاثة أن الطعام جيد جدا فاتسعت عينيها ونظرت إلى عمها الجالس بينهم ولحسن الحظ لم يرى ما حدث فأشارت له بعينها أن يتابع الطعام فى صمت فابتسم فابتسمت هى وهزت رأسها بآسى وهى تقول بصوت خافت للغاية
-مجنون..
*******************
جلست فى الغرفة الخاصة بها بالفندق ممسكة بهاتفها وهى تفتح تطبيق الواتساب وهى تنظر للحالة الخاصة ب (فهد) كانت تريد الأطمئنان عليه لكنها لا تستطيع مراسلته فلا سبب يدعيها للأتصال به اخذت نفس عميق ثم تركت الهاتف فلم يكن نشط وحتى لو كان نشط ما كانت تستطيع مراسلته اخذت نفس عميق مرة آخرى ثم استمعت إلى صوت هاتفها ووجدت أن المتصل (هشام) شعرت بسعادة كبيرة وأجابت على الفور
-أيوة يا إتش وحشتنى
-مش أكتر منك.. طمنينى عليكى عاملة إيه ؟
-الحمد لله
-آخر الإسبوع هتبقى فى القاهرة إن شاء الله
شعرت بألم يعتريها فبالفعل ستنتقل للقاهرة وستنقطع أخبار (فهد) عنها فأجابته بضيق:
-أيوة
-مالك زعلانة ليه كده ؟!
-لا مفيش.. بس الإجازة هتنتهى وهرجع تانى للجامعة
-طب خلى بالك من نفسك .. وانا هاجى اخدك بنفسى لما توصلى
-ماشى يا حبيبى
قالها لها مؤكدا لها
-(نسمة) خلى بالك من نفسك
تذكرت حين طلب منها (فهد) ذلك فأجابت بتلقائية دون أن تشعر
-حاضر يا (فهد)
ثم اتسعت عينيها ووضعت يدها على فمها بينما هو ردد غير مستوعبا
-(فهد) !!! مين ده ؟!
تلعثمت (نسمة) ثم قالت
-ده .. ده ... ده اسم الكابتن اللى بيدربنا على الغطس اتلغبطت
-إنتى بتقولى للكابتن يا (فهد) كده بدون ألقاب
عضت على شفتيها بتوتر بالغ ثم قالت:
-لا طبعا اتلغبطت يا إتش .. عادى بتحصل
أضيقت عينان (هشام) ثم قال
-ماشى يا ستى.. يلا سلام
-مع السلامة
أغلقت الهاتف ثم قامت بتنفس الصعداء فما الذى فعلته للتو لما أصبح كل تفكيرها متعلق بذلك ال (فهد) فاستمعت لصوت رسالة من الهاتف الخاص بها ووجدت أنها من (فهد) نست كل شيء كانت تفكر به ثم فتحت الرسالة على وجه السرعة
(أنا حقيقى متشكر جدا على وقوفك جنبى متتخيليش لما صليت إرتاحت أد إيه .. إنتى فعلا عملة نادرة مش ممكن الأقى حد هيخاف عليا وعلى مصلحتى زيك كده)
ابتسمت وشعرت بسعادة من تلك الرسالة ولكنها تذكرت أنه السبب فى أن شقيقها يفهمها على وجه الخطأ لذا ارسلت له
(مبسوطة علشانك جدا... بس ده ميمنعش إنى مش طايقاك وبكرهك)
شعر بسعادة لأنها أجابت عليه ولكن سرعان ما تجهم وجهه وشعر بألم فى قلبه من أثر كلمة بكرهك لذا ارسلت لها
(هو أنا عملت حاجة ضايقتك تانى ؟! )
ابتلعت ريقها وشعرت أنها قد ورطت نفسها أكثر ولكنها ابتسمت على تسرعها ذاك وارسلت له
(لا خالص معملتش حاجة أنا اللى عملت .. أول مرة فى حياتى أبقى بكلم أخويا واتلغبطت فى اسمه وقلتله يا (فهد) وفضل يسأل مين فهد ده )
حينما جاءته الرسالة فتحها على وجه السرعة ثم اعتلت شفتيه بسمة كبيرة ثم أرسل لها
(أنا قلتلك قبل كده أن نفسى أكلمه)
(لا مش هينفع)
(ليه يا (نسمة) )
(اولا انت لسه مقربتش من ربنا كفاية ثانيا إنت كده هتثبتله إن فى بينا حاجة وأنا مش هقدر أواجهه)
ابتسم (فهد) بخبث ثم أرسل لها
(وهو فى بينا حاجة أصلا عشان اثبتهله)
شعرت أنه تمادى فى الرسائل وهى تمادت معه
(إنت إزاى بتخلينى أجاريك كده، أقفل يا (فهد) من فضلك، مش وعدتني إنك مش هتكلمنى كتير وعلى أد الحاجة بس)
أخذ (فهد) نفس عميق ثم أرسل لها
(حاضر ياللى تاعبة قلبى .. تصبحى على خير)
ابتسمت ثم أرسلت
(وأنت من اهله)
***********************
فى صباح اليوم التالى ذهبت (رهف) مع عمها إلى قسم الشرطة وقدموا بلاغ فى (جمال) قام الضابط بتحرير المحضر وقدم به بلاغ لعدم التعرض لها ..
ودعها عمها لأنه مضطر أن يسافر لأعماله واخبرها بإنها يجب أن تحافظ على نفسها وأن حدث أى شئ يجب أن تبلغه كما حثها على احترامه واحترام العائلة وان لا تفعل شئ يجعل أحد يقوم بفكرة خاطئة عنها وتأخذ بالها من تصرفاتها جيدا اطاعته (رهف) فى كل ما قاله وقامت بتوديعه وذهبت هى إلى العمل حيث أنها أخذت إذن لتحرر ذلك المحضر ..
*********************
فى المساء ...
شعر بإنه يشتاق إليها فمنذ مقابلة (رهف) لها وهى لم تحدثه لذا قرر الأتصال بها وأخبارها بما يشعر به وأن وجودها مع (طارق) يجعله غاضب للغاية امسك الهاتف ثم قام بالأتصال بها ..
على الجهة الآخرى كانت جالسة هى تشعر بالضيق من (رهف) تلك التى أحرجتها وأحرجت (طارق) وما زاد إهتمام (هشام) ب (رهف) فقد لاحظت نظرات له وغيرته عندما أخبرها (طارق) أنها جميلة جمال نادر..
كظمت غيظها وهى تخبر نفسها بأن فعلا (رهف) جميلة للغاية وأى شخص ينجذب لهذا الجمال لذا ليس عليها لوم (هشام) أخذت نفس عميق ثم استمعت إلى صوت هاتفها امسكته ووجدت أن المتصل (هشام) أجابت على الفور وهى تقول
-ألو
-وحشتيني يا (سارة)
ابتسمت ابتسامة عريضة ثم قالت لرد كرامتها
-عاوز إيه ... إنت من ساعتها حتى مكلمتنيش
-سبتك تفكرى فى كلام (رهف) .. يمكن تكونى اقتنعتى
أخذت نفس عميق ثم قالت
-منكرش انها خلتنى اخد بالى من حاجات مكنتش واحدة بالى منها قبل كده .. بس برده علم الطاقة مفيد وأنا مش بعمل حاجة غلط
-اللى يريحك يا (سارة) .. مش معقول بعد الكلام ده كله لسه مش مقتنعة .. عموما انا بس ليا رجاء عندك انك تبطلى كلام مع (طارق) .. حقيقى بتعفرت
شعرت بغيظ شديد وقالت بإستنكار
-ياااسلاااام ... طب ما تبطل كلام مع (رهف) إنت كمان
زفر (هشام) بضيق ثم قال
-(رهف) جارتى وعمها وصانى عليها وفى علاقة بين أبويا وعمها لكن (طارق) علاقته بيكى إيه واحد روحتى اتعرفتى عليه بإرادتك وأوام اعتبرتيه صاحب لا وكمان جبتيه مقابلة بينك وبين (رهف) .. هو كان من باقية قرايبنا
-إنت بتدى مبررات لنفسك عشان متقطعش علاقتك ب (رهف)
زفر بضيق وقال
-أنا مش بدى نيلة.. أنا بقول الحقيقة يا (سارة) .. علاقتك ب (طارق) غير علاقتى ب (رهف) نهائيا
-وأنا مش هخسر الإنسان الوحيد اللى تفكيرى زى تفكيره
صدم (هشام) من حديثها ذاك على (طارق) ثم قال
-يعنى عاوزة تخسرينى أنا
قالت موضحة له
-أنا مقولتش كده يا (هشام) .. أنا لا عايزة اخسرك ولا اخسره إنت خطيبى وحبيبى وهو شخص لاقيت معاه أن ميولنا واحدة وافكارنا واحدة.. بحس إنى لاقية نفسى معاه عشان محدش فاهمنى
لم يستطع سماع أكثر من تلك التراهات وأغلق الهاتف بوجهها كيف استطاعت أن تقول له ذلك دون أدنى خجل حتى ..
دلفت والدة (هشام) غرفته وجدته شاردا فى تفكيره لم يلاحظ حتى أنها معه بالغرفة فقالت له وهى تجلس بجواره
-مالك يا (هشام) خير فيه ايه ؟!
-مفيش يا ماما
قالها بضيق واضح لتجيبه هى
- هتخبى عليا
فقص عليها كل شئ حدث بينه وبين (سارة) فى الأوانة الأخيرة فشعرت بالحزن من أجله ثم قالت له
-إنت عارف من الاول أن (سارة) مش عجبانى أصلا ووافقت عليها بس لما شفت عندك واصرارك عليها
-يا ماما دى بتقارن علاقتى ب (رهف) بعلاقتها ب (طارق)
-هو حقها .. بس للصراحة علاقتك ب (رهف) على اللى إنت حكيته فى حدود بينكم لكن هى و (طارق) شالت معاه كل الحدود لدرجة أنها تقولك لاقت معاه نفسها
-بالظبط يا ماما ده اللى مضايقانى إن (سارة) مبتعرفش تعمل حدود لا وجابته معانا لما روحنا قابلنا (رهف)
-شوقتنى أقابل (رهف) دى
-فى أقرب وقت يا ماما هتشوفيها
-المهم متزعلش نفسك ..
أخذ نفس عميق ولا يعرف ماذا عليه ان يفعل فى تلك الأثناء وجد (مؤمن) يطرق باب غرفته ومعه علبة كبيرة من الشوكلاتة فعقد (هشام) حاجبيه وهو لا يصدق
-إنت جايبلى شوكولاتة من إمتى الحنان ده
-ده مش ليك ده ل (داليا) عاوز ازورها مش خرجت من المستشفى ؟!!
-اهااا طب ما تروح لها جايلى ليه ؟!
-ما مش هينفع أروح لوحدى لازم تيجى معايا
-اه جاى مصلحة يعنى
لم ينتبه (مؤمن) من وجود والدة (هشام) لذا قال
-معلش يا طنط اسئلته نستنى اسلم عليكى
-إزيك يا حبيبى عامل ايه ؟!
-الحمد لله يا طنط
-طيب هروح أنا اكلم (نسمة) عقبال ما تشوفوا هتعملوا ايه
استأذنت منهم وخرجت بالخارج فقال (هشام)
-مجبتلهاش ورد ليه .. الورد احسن
تحدث بجدية قائلا
-الورد هيفيدها بإيه مصيره يترمى .. لكن الشوكولا هتقعد معها
-مااادى حقيييير
-ايوة أنا كده .. هتيجى معايا ولا إيه ؟!
-طبعا يا آخر صبرى .. يلا بينا
توجهوا اثنتيهم إلى المنزل المقابل لمنزلهم لملاقاة كلا من (داليا) و (رهف) ......

نافذة العمر لعلا السعدني ودعاء الحادي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن