Part.22

993 34 51
                                    









.
.

الشمـّال
الخمِيس مساءًا


أبعَد نظره عن النـّار بإلتعاج و اليأس بان في ملامحَه و وضحَت لمعَه عُيون والألم ينهُش رأسَه و ذكريَات الفجر الكئيب تمُر بذهِنه و آخر شئ يتذكره منظر وِهـاد اللي هدّم كيـّانه

و كتَف جسـّار اللي ضمّه ، و رفـَع نظره الجالس قدّامه بإبتسامة و تصنمّت أطرافه المُرتعشَة و الهوَاجِيس المُؤلمة غادرت ذهنه ، توّه يستوعب المكان اللي هو فِيه

بيدَاء فسِيحة و الظّلام يحتّل أطرافها و نُجوم تُزين السمّاء بدون بدرِهـا و نسِيم بارد ، والنـّار توسطّت جلستهُم ، ضحَك الجالس قدّامه اللي نطق بإسمَه وتلاشَى ..

فتَح عُيونه و دمعَه يغُادر محجر عيناه وفهَم إن اللي كان يشوفه مُجرد حُلم ولأول مرّة حُلم يجمعه مع أبـُوه ،

ما غيّب المُوت هيئته عن مُخيلتّه ولا عن عينيه و لا حتّى فقَده محى حسّه و كأنـّه حيّ .. لكّن حُلمه بأبـُوه يُجدد شُعور لقائه فِيه و كأنّه كان معَه طول حياته و خصوصًا رؤيته في هالعُمر..

بلع ريقهَ ونهَض من تمددُه و مسَح دمُوعه لكنّه لقَى نفسَه يجهَش بالبُكاء أكثر وأكثر مهما مسَح دمُوعه ، أبوه ثـّم أختّه ثـّم أمـّه والآن .. رفِيقه

مهما حاول يُدرك إن الفقـد سُنة الحيَاة المُبكية لكنّه لن يُدرك لأنه إنسّان يستصعّب تقّبُل الفقَد مُنذ صغره

و أنّ الفواجِع لاتُنسى و لو مرّ عليها دهَر والحُزن على الرّاحلين لا يمُوت ، وتبقَى ذِكراهـُم مُخلدّة في الذّاكرة ..

أبعَد يـدّه عن عُيونـه باللحظّة اللي دخَل فيها جسـّار بـِملامح مُبهمـه بالنسبّة لـ حـَاتم اللي بلَع رِيقه و شاح بنظره عن جسـّار

مرّت ساعات الفجر تتبعها ساعات النهّار حتّى حلّت ساعات اللّيل و هو مُغمى عليّه فالأكيِد دُفن وِهـاد و ضمّه الـقبر و تساقَطت حبـّات التّراب على جسَده الوِاهن

" دفنتـُوه ؟ "

قال بدون إنتباه لجسَده المُرتعش و كأنه يآمل إنـّه لم يدُفن على الأقل يوّدعه حتّى ولو كان جسدًا لا رُوح ، و تعلّقت أنظاره بـ جسـّار اللي دنَى برأسه و إقترب من حـَاتم الغير مُهتم لدموعه اللي نزَلت بغزاره و طغت على خدّه ،

و جلَس قدّامه و إمتدّت يدّه لوجه حـَاتم و مسَح دُموعه بهدوء و لُطف و تعلّقت عُيونـه بأعين حـَاتم ، وقال بإستصعاب للكلام اللي في ذهنه

عِـبقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن