قصيصةُ الخفّاش ♡ ..

262 21 8
                                    

-
في إحدى اللّيالي ، اختارت فتاةٌ أن تقضي سهرتها باللعب في خيالِهَا ، خالطةً معه بعض المعلومَات .
أخذت كتَابہا الصّغير الذي كانَ محورهُ يتحدّثُ عن النّجوم ، وخرجت إلى الشرفَة ، وضعت الكتَاب على الطّاولة وجلسَت على الكرسيّ تاليًا ، بوضعيةٍ مريحَہ تمكّنہا من الارتِياح بحيث يكون وجهُهَـا باتّجاه السماء .
بعد مدّة ، قفزت لتلتقطَ كتابها - مع أنها جفلت قليلًا بسبب تصلّب عضلات رقبتها - لكنها أمسكت به ، وضعته على فخذيها وبدأت تقلبُ صفحاتِه « النجوم ، النجوم ، خصائص النجوم !! ، ها هِي ! » وقرأت :
(( .. ومن الخواصّ الأخرى للنجّوم اللون ، ولون النّجم يدل على درجة حرارَة سطحِه :
* الألوان الحمراء والبرتقَاليّة تدلّ على النجوم الأقل حرارَة .
* اللون الأصفر يدلّ على نجوم أسخن .
* اللون الأبيض المزرقّ يدلّ على نجوم أكثرَ سخونَة .. )) .
همسَتْ « إذًا لنرى ، فلانَه نجمةٌ حمراء وفلانَه أيضًا حمراء ، فلانه زرقاء بالتأكيد ! ، فلانه امم .. صفراء ! وفلانه كذلك »
تساءلت « ومَـاذا سأكونُ أنا ؟! » ، ضحكَت وكأنمَا صديقةً داخلها أجابت « القمرَ بالطّبع ! » .
تغيرت ملامحُ وجهها فجأةً إلى ملامحٍ تبدو كالتفكير والتخطيط لفعل شيءٍ ما ،
« فلانه لا يمكن ان تكون نجمَة » « بل خفاشًا شريرًا » ضحتَ من كل قلبِها وقالت : « يكفي لهذا اليوم » .
واتجهَت إلى سريرها تاركةً كتابها على الطّاولة ..
---------------------
-
في ذكرِ أنّ الفتاةَ ذهبت لتنام ، لنذهَـب بعيدًا إلى حيث كانت تنظر ، أجل ! إلى القمر والنجومِ و .. الخفاش ! .
فلنتخيّل ، منظرٌ ليليّ .. يحتوي قمرًا ونجوم ، بحيرةٌ تعكس ضوءَ القمر ، شجيرات ، وشجرة ! ليجلس عليهـا الخفاشُ بالطّبع ..
كلّ يوم ، كان ذلكَ الخفاش يطير إلى النجوم ، يجلس على إحداهنّ ويسمرُ معهنّ ، لكنّه سرعان ما يتنافر هو والتِي يجلس عليها فيظطر إلى الجلوس على غيمةٍ مارّه أو رذاذ نيزك - فكل شيءٍ كان كبيرًا بالنسبة له - ، كان دائمًا هكذا لم يعرف لما ؟ وما المشكلة فيه ؟ .
تلكَ النّجمات يقتربن من بعض غالبًا ، والغالب الآخر كنّ مع بعضهنّ سويّاً دائمًا ، النّجمات جميعهن يبقين مع بعضٍ دائمًا في الصّباح إلّا هو ! يتوجّب عليه العودةُ إلى شجرته فهو لا يمكنه الرحيلُ معهن ، لأنّه سيتوه .
اقتربت منه إحدى النجمات اللطيفة وسألت « لما لا تحاول أن تكونَ نجمَة ؟ » ، ضحكَ الخفّاش ساخرًا وقال بألم « ليس هناك ما يخوّلنِي إلى ذلك » وطارَ بعيدًا حيثُ شجرتُه ..
كان صادقًا بشأن ما قال ، أن يصبح نجمَة ؟ أمرٌ مرعب بالنسبةِ له ! من سيريده إن كان نجمَة ؟ من سيدافع عنه ومن سيبقى بجانبه ، هو لا يثق بأحدٍ في تلك السماء .. فقط صديق - يتشاجر - شريرٌ وأحمق .. وظريف .
لم يعرف أبدًا ما مشكلته ولمَا هو كذلك ؟ كان خائفًا ، خائفًا دائمًا من تلك الفكرة .
من الجانبِ الآخر كان لا يعرفُ كيف يصبحُ كذلك ! عصًا سحرية ؟ - هه - ربما ! أو يتمتم أو يصرخ ؟ أو يحدّث القمرَ مثلًا ؟ القمر ! فكرةٌ جيّده .
وخلد إلى النّوم ..
---------------------
-
أشرق في عينه قمرُ ليلهِ فنهض ، فيمَ كان يفكّر ليلة أمس ؟ أحسّ بقلبِه جاثمًا متثاقلا ، تثائب أطول تثاؤب عرفه ، « آه تلك الأفكار » ، تجاهلها كما كان يتجاهلها كلّ ليلة ، كانَ يعرف أنّه سيدفع ثمنها غاليًا نهارًا - حينما يحين موعدُ نومِه - .
بحثَ بأنفهِ عن شيءٍ يأكله ، اشتمّ رائحةَ فواكه طازجة ، فطار إليها وأخذ بعضها ليأكلها في الطّريق .. إلى النّجوم .
يجلسُ على تلك ، يلعب مع تلك ، يتناوش مع تلك ، ويمرح مع ' تلك ' .
هو يعلمُ يقينًا بأن النجمَات يحببنه ، لكنّه لم يستطِع أن يجد تلك النجمة ، التي ستكون له كـ صديقٍ وفيّ ! ، هما فقط ! الجميعُ يناديهما سويًا ، عندما يتشاجر مع أحدٍ يأتي ليدافع عنه ، حتّى لو كان هو المخطئ ، يريده أن يبرر عنه ، يريده أن يفهمه ببساطَة ، هل كان أنانيًا يا ترى بطلباته تلك ؟ كانت هذه إحدى الأسباب التي يخاف بها أن يصبح .. نجمَة ..
اقتربت نجمةُ ليلةِ أمس وتشبّثَت به ! ، ضحك من تصرفِها وسأل : « ماذا ؟! » ، أجابت « لما لا تريد أن تكون نجمَة !؟ » .
تغيرت ملامح وجهه وتخلّا عن الضحك : « ليس الأمر أني لا أريد ! ، أخبرتكِ إجابتي بالأمس !! » .
قالت وزاد تشبثها خشيةَ أن يطير : « لكنك تملك ! ، أنت تجيد الكتابَة ! » .
- أجل كان ذلك الخفّاش يجيد الكتابة ، وذلك يرجعُ إلى قرائته الكثيرة ، يحبّ القراءة ، وفي بعض الأوقات يضحّي بنهاره لكَي يقرأ كتابًا أو اثنين -
رجعت به ذاكرتهُ إلى الوراء ، إلى وميضٍ يومضُ كلما كتبَ شيئًا جيّدًا ! وعاد : « أكان أنتِ ؟ » .
أجابت بتساؤول وتركت التشبث لكنها ما زالت ممسكةً بيده : « ماذا ؟ » .
قال : « أأنتِ من يومضِ عندما أكتب ؟ » .
أجابت : « كل النّجوم هنا تومض عندما تكتب أيها الخفّاش ! » .
« آه حسنًا ، امم .. ألن تدعيني الآن ؟ فها قد أتى الصّباح ، وشجرتي تبتعد حيث أنتِ ترحلين - تثاؤب - أيضًا حان موعدُ نومي » .
تركت يده بتأففٍ وقالت : « إلى اللقاء » .
ابتسم وربت على رأسها : « إلى اللقاء » ، وطار مجددًا إلى شجرته ..
كان متعبًا عندما وصل إلى الشجرَة ، وانقلبَ رأسًا على عقب وتوسّد الهواء ، لكنّه لم يستطِع النّوم « الوميض ؟ ماذا يكون ذلك !؟ » ، تثائَب « يجب أن أسأل القمرَ غدًا » ، تثائبَ مجددًا واغمض عينه ، وغطّ في نومٍ عميق ..
---------------------
-
في اليوم التّالي .. كان يتوجّب عليه المرور على القمرِ قبلَ النّجوم ، فقد حسَم أمره هذه المرّه ، وهذه المره ليست ككل مرّه !.
في طريقه مرّ على النّجوم في ساحةِ السماء ولوّح لها من بعيد واكمل مسيرَه .
عندما وصل ، صرخ بشقاوة : « أيها القمر ! ، أيها القمر !! » ، مرت لحظةُ صمت ثمّ تدحرجت صخرة من صخور القمرِ جانبًا ، وظهر من خلفها نجمٌ وقور : « هل تريد شيئًا ؟ » .
أجاب الخفّاش بحماس متعمّد لإغاضة النّجم « أرغب بمقابلة القمرِ بسرعه » .
بدت على النجمِ إمارات الانزعاج « انتظر من فضلك » .
وعاد إلى الداخل كما عادت الصخرةُ إلى مكانها ، انتظر و انتظر ، وعندما همّ بالصراخ انفتحت الصخرَة « سيدي ينتظرك » ، يا لهذا النجم ! .
دلّ النجمُ الخفاش ، ومرّا بالكثير من المررات التي تبدو كالكهوف ، إلى أن وصلا إلى صخرةٍ أخرى تبدو كالباب ، دقّ النجم على الحجرِ ثلاث دقّات متوالية فتحركت الصخرةُ الباب ودخلت في الجدار الأيسر ، « تفضّل » قال النّجم .
دخل الخفّاش الغرفة وأغلقَ النّجم الباب ولم يدخل ..
كانت غرفةً واسعة ، آخرها نافذةٌ عملاقَه تطلّ على الفضاء ..
يسبقُ النافذة كرسي ومكتَب ، وأمَامه حيث يقف سجّاد أحمر جميل ، وعن يمينه أريكة حمراء يخالطها اللون الذهبي في عدةِ أماكن كالمتكأ وغيره ، وعن يساره طاولةٌ مليئة بالمشروبات .
نظرَ مجددًا إلى الكرسيّ ، كان هناك ضوء يخرج من هناك .. ضوء القمر !
- « مضى وقت طويل أيها الخفاش » .
- تنهّد « اوه بالتأكيد ، كيف حالك » .
دار الكرسيّ ، الآن يستطيع الخفاش رؤية الجالس تمامًا ، كان قمرًا ! او بصورةٍ توضيحية أكثر ، كان وجه قمر ! يرتدي بذلةً رسمية سوداء مأنّقَه ، كان عجوزًا .. طيبًا ظريفًا مرحًا و حكيمًا ! .
أجاب « بخير » ، نهض واتجَه إلى طاولة المشروبات وسأل « هل تريد أن تشرب love star ؟ » .
قال الخفّاش بتجهّم « اليس لديك friend star بدلًا منه ؟ » كان كمن يبحث بيأس .. ألقى بنفسه على الأريكه .
ضحكَ القمر العجوز ضحكةً عالية ثم تنحنح وسكت مع شكل ابتسامةٍ على وجهه « friend star إذًا - كاد ان يضحك مجددًا - أنت تعلم جيدًا أنّه لا شراب بهذا الاسم ، تبدو مشكلتك عن الأصدقـ .. » قاطعه « ليس كذلك » .
ردّ العجوز بخبث « مشاكل حول ذلك اذًا ؟ » ،
الخفّاش بانزعاج « ليس كذلك - تردد - اوه حسنًا ، أنت ذكي كما كنت ، لكن ليس هذا ما جئت لأجله . »
« حسنًا حسنًا أتريد الشراب أم أرجعه ؟ » .
حدّق فيه الخفاش فقفز والتقط الشراب وجلس مجددًا « ها قد أخذته هل ستستمع إليّ الآن ؟ » .
« مِمَّ أنت غاضب ؟ تفضّل .. »
---------------------
-
سكت الخفّاش قليلًا .. وبدا أنّه يبحث عن كلمةٍ مناسبة يبدأ بها ، وأخيرًا قال :
« عندما أكتب يومضُ وميضٌ في السماء ، لا أعرفُه ! ولا يمكن أن تكون نجمة - هزّ رأسه نافيًا - »
ارتفع حاجبا القمر العجوز واطلق تصفيره .
صرخ فيه الخفاش بتوتر « هـ هل تعرفه !؟ » .
أجاب « هدء من روعك ، سأخبرك .. لا لن أخبرك »
حدّق اليه الخفّاش بانزعاج ، اكمل « أنا أقابلك نادرًا أيها الخفاش ، وأنت لا تتحدث كثيرًا عن نفسِك ! أو ربمَا لا تعرف نفسك ؟ .. اعرف نفسك يا صديقي » ورفع يده وضمّها إلّا اصبعًا واحدًا وأشار لقلبه « انّه يعرف ! اسـأله » .
اعرف نفسك ؟ قلبي يعرف ؟ كانت كل تلك الإشارات تجعل الخفّاش يصاب بدوار .. لكنّه احسّ بنسمةٍ من الرّاحة وبدا له بأنّه يفهم أو سيفهمُ عمّا قريب .
وفيمَا تلك المشاعر تقوم بتغيير علامات وجهه المزعجة الى الارتياح ، نهض وقال : « شكرًا لك أيها القمر » .
أجاب الأخير بابتسامه : « على الرحب يا صديقي » .
نادى القمرُ على النّجم وأمره بدلّ الخفاش على طريق الخروج .. وصل إلى الباب « وداعًا أيها النّجم العجوز ! - كان يحبّ اغاضته - »
لم يقل النّجم شيئًا ودلف إلى الدّاخل هامسًا « مزعج » وأُغلقت الصخرة .
طار الخفاش وطار وطار ! إلى شجرته ؟ ، ماذا بشأن النّجمات ؟ ؛ لم يكن يرغب لم يرِد ! إلى الشجرةِ إذن ؟ اتّخذ طريقًا آخر بحيث لا تراه النّجمات ؛ إلى الأرض في خط عاموديّ ثم إلى الشجرة .
استلقى على شجرته بطريقته الخاصّه وبدأ يفكّر ، كيف ادفعه على الظهور ؟ أجل ؛ بسيطة كل ما استطيع فعله هو أن أكتب ، واخرج من شجرتِه قلمًا وورقة .. لكن ماذا سأكتب ؟! ..
جال بنظرِه يتأمّل السماء رأى النّجوم تتلألأ من بعيد والقمر .. ومن يكونُ مثله يراهم ! وبدأ يكتب :
( في إحدى اللّيالي ، اختارت فتاةٌ أن تقضي سهرتها باللعب في خيالِهَا ، خالطةً معه بعض المعلومَات .
أخذت كتَابہا الصّغير الذي كانَ محورهُ يتحـ .. الخ )
استغرق في الكتابةِ ونسِيَ أمر الوميض ! إلى أن وصل إلى ما ذكّره به .. فتجوّه بنظره بسرعه إلى حيث يكون دائمًا !
ها هو .. أقوى من أي وميضٍ ومضَهُ سابقًا !! يجب أن أذهب إليه ..
وضع الأوراق والقلم جانبًا وانطلق بسرعة لم يكن ليصل إلى رقمها القياسيّ من قبل .. اقترب وأبطأ ، خاف ، لكنّه دفع نفسه
« هيّا !! » .
الآن هو يراه أمامَه مجرّد وميض .. مؤذي لعينه لكنّه كان مصرًا ، أمر يده فتحركت وأمسكت بالوميض ، بمجرّد ذلك شعّ نورٌ أقوى بكثير .. لم يستطع التحمّل فأغمض عينيه .. لقد هدأ الآن .
فتح يديه بهدوء شديدين وصرّح « نجمة ! » ، نجمةٌ صغيرة لها وميضٌ جميل .. هادئة ونائمة ، يحكي وجهها حلمًا كبيرًا عن ما يتمنّاه صاحبها .. صاحبها ؟ .
ابتسم الخفّاش ابتسامةً هادئة .. راضية وسعيدة همس « نـ نجمتي » .
تثائبت النجمةُ الصغيرة لكنها لم تستيقظ و .. ابتسمت .
وضعها بخفّةٍ لتطفو وعاد أدراجه .. نجمته ؟ كيف ! يعني ذلك أنها هو وهو هي « نصف نجمة ونصف خفّاش ؟ »
ضحك لنفسه ثم قال : « يجب عليّ أن اعتني بها بنفسي » .. كيف ؟ أكثر سؤال عرف إجابته حتّى الآن .
يجب عليه أن يستمرّ في الكتابة ..
انتهت .

🎉 لقد انتهيت من قراءة قصيصَة الخفّاش ♡ .. 🎉
قصيصَة الخفّاش ♡ ..حيث تعيش القصص. اكتشف الآن