رأى في منامه كلابا تتبعه فيتعثر بثوبه الطويل.. اتجه مسرعا لقبو و أغلق الباب على نفسه، كلاب شرسة في الخارج تنبح. أخذ شفرة حلاقة، يداه ترتجفان بشدة، صب كامل معجون الحلاقة ثم لطمه على وجهه كانت لحيته كثيفة و طويلة.. حلقها كاملة ثم رأى نفسه يرتفع. اهتز في فراشه بشدة و استيقظ.
بدأت أنامله بشكل لاشعوري تتلمس الجدار و فراشه، اطمأن أنه مجرد حلم. فتح عينيه فوجد زوجه جود بعينيها الساحرتان تنظر إليه، وضعت يدها اليسرى على صدره لتتحسس قلبه المرتجف. سحره دائما جمالها و عينيها البنيتان، اللتان دائما ما توحي له بجنته الخصب أكلها. امتد صمت الوأمين مدة قصيرة من الزمن، قاطعه إيحاء منه لها فاحمر وجهها، فضحك.
أنتظرك، مخاطبا زوجه. بقي محدقا بها بينما هي بخطى متثاقلة تلبس نعلها و تتوجه للحمام، لولا أن شعرها الأسود الممتد إلى نصف جزئها الأعلى أخفى معظم وججها لترائى له احمرار خديها.. كان يحاول دائما أن يجعل وججها كلون البدر محمر الخدين، لحاجة في نفسه... خرجت من الحمام، فوجدته هيئ سجادتين -كان قد اشتراهم من رجل يجيد صنع الزرابي، فالتمس منه أن يصنعهما في أي لون شاء شرط أن لا يكونا مزخرفتين. كانتا في مقاس ما دونهما، عدا أنهما أنعم و أكثف. كان قراره نابعا من قلب يريد أن لا يشتت تركيزه بالزخارف و هو في حالة عبادة.- و هيئ كذالك لزوجه عباءة، ثم أخذ هاتفه و شغل تطبيقا للبوصلة يتعرف على اتجاه القبلة. ضبط الاتجاه بشكل دقيق بينما جود لبست عبائتها و جواربها، كذلك ثوب لتغطي شعرها الجميل. استقبلا القبلة، و بدأ يتلو بعد الفاتحة "فكيف إذا جئنا بكل أمة بشهيد و جئنا بك على هؤلاء شهيدا" الأيات.. فبدأ صوته يتغير، فسالت الدموع، فبكى.. صمت قليلا، ريثما يستجمع قواه و يمسح دموعه...
على الفطور، كانت جود قد أعدت لحبيبها ما يشتهي أن يأكله. لم يكن انتقائيا فيما يأكل، قدر ما يهمه أن هذا من صنع زوجه، كان يخفي اهتمامه بما تصنعه له جود في صدره كي لا يحملها فوق الحرج، لهذا منذ أن تزوجا أتى بخادمة لتدبر شؤون البيت، جود تغار على زوجها، لذلك حرص على أن لا تكون الخادمة ذات جمال، إنما ذات قلب مطيع و متدينة و ذكية، و قد كان!
أنهى التوأمان فطورهما، فتوجهت جود للغرفة لتحتشم بجلباب كان قد أهداه لها فكانت تحبه -الثوب- تنزل من الدرج بينما يراقبها و يبتسم، للأسف فقد أسدلت النقاب عن وجهها لذلك لا يقدر المسكين أن يرى احمرار خديها ليزيد حبا بها.
تبدين جميلة أيها الشابة! مخاطبا لها
و أنت كذلك أيها الوسيم. مخاطبة زوجها بصوت منخفض.
أنت تقرأ
يوميات بيت مسلم
Short Storyهذا هو العمل الثاني لي، كمسيرة للعمل الأول سأركز على ما يجب على الآخر إدراكه. ففي ضوء الصراع و التحزب.. و كذا الفتن الطائفية و المذهبية، نريد من هذا أن نعيد الصورة الكلاسيكية و العادية لأي بيت مسلم. راجيا أن لا يكون هناك ما يخل بالحياء العام للبيئ...