المأزق

257 12 14
                                    

لم أجد مفر من طرق أبواب للحديث مع السائق ...فالرحلة طويلة ..ولكني شعرت باليأس عندما لم يكلف نفسه عناء الرد على بعض إستفساراتي ...كل ما علمته هو أننا سنصل إلى طريق صحراوي ممهد بالأسفلت بعد ساعة من الآن ...

ثم نمسك الطريق مسافة ساعتين حتى نصل إلى منطقة ننحرف فيها إلى طريق صحراوي ممهد بسير الدواب عليه ..

حيث نتوغل في الصحراء إلي المنطقة التي يقع فيها المخيم ...

أخرجت من حقيبتي قصة إنشغلت في قرائتها حتى وصلنا للطريق الصحراوي ...

ومع ذلك الصمت الرهيب وذلك الهواء الرطب المنعش وجدت صعوبة كبيرة في مقاومة إهتزاز السيارة فبدأ تأثيره يسري في جسدي سريان المخدر القوي وشيئا فشيئا سقطت رأسي للخلف وذهبت في شبه غيبوبة من النوم العميق

لم أشعر بشيء حولي لمدة ساعتين كاملتين ...حتى بدأت أصحو وتنتبه حواسي قبل أن يتحرك جسدي ...

أول ما شعرت به هو إختلاف نوع الإهتزاز بالسيارة عما قبل فإستنتجت وأنا مغمض العيون أننا بدأنا السير في الطريق الصحراوي شبه الممهد ...

لازلت مغمض العينين ومسترخ ...وبعد برهة شعرت أن السيارة بدأت فجأة تسير بشكل ملتو وبإهنزاز عنيف جدا .. فقررت أن أفتح عيني لأرى ماذا حدث ؟؟ ...قفز قلبي من حركته الهادئة إلى أقصى مستوى من الإضطراب يمكن أن يبلغه ....فقد رأيت منظرا فظيعا .....!!

السائق ملقى على مقود السيارة ويداه تتدلى لأسفل بينما جسمه الثقيل لا يزال يضغط بقدمه اليمنى على دواسة الوقود ..!!

جن عقلي عندما أدرك أن السيارة تسير بلا سائق وعلى الرغم أننا في داخل الخلاء الآن وبالأحرى لن نصطدم بشيء لم يفلح ذلك الخاطر في تهدئتي وإرتميت على المقود بكلتي يدي .. وفي نفس اللحظة توقفت السيارة فجأة بعد أن غرزت إطاراتها في الرمال الكثيفة البعيدة عن الطريق الممهد ....

ساد الصمت ....إكتشفت شيئا مرعبا ...إختفت الحشرجة التي تدل على صوت تنفس السائق ..

لم أحاول أن أقفز لأي إستنتاجات بل شرعت من فوري برفع جسم السائق الثقيل عن المقود بصعوبة بالغة وبدأت أهز جسده هزات عنيفة عله يفيق من إغمائه ......

كنت لازلت مصرا على إنكار الفكرة المؤلمة التي بدأت تنمو بعقلي ..لم ألق أدني إستجابة من السائق وكلت يداي فتركته ليرتمي مرة أخرى كما كان ...

ألقيت ببصري إلي الأمام في يأس ومرارة .. لقد مات ولا شك ... شاحب الوجه والأطراف ..لا يتنفس .. لقد مات بالفعل ...

قفزت إلى داخلي مشاعر شتى لتشكل إحساسي بالموقف في هذه اللحظة دهشة .. خوف.. غضب ..لم يكن من بينها حزن على السائق فقد كنت في مأزق حقيقي من الجائز أن يودي بي إلى نفس مصير السائق .

كلما أغمضت عينيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن