المعجزة

144 9 0
                                    


قررت ألا أضيع أي وقت ...توجهت صوب الذئب القتيل ..بدأت أسحبه من أرجله الخلفية بعيدا عن السيارة .. حتي إبتعدت مسافة كافية تتجاوز العشرين مترا ... تركت الذئب هناك ..عدت للسيارة .. تناولت جيرك البنزين الإحتياطي الذي كان يحوي 30 لترا من البنزين ..حملته بصعوبة إلي مكان الذئب ...سكبت على الجثة كثير من البنزين ثم إبتعدت مسافة خمسة أمتار عنه ... وبدأت أسكب البنزين على محيط دائرة نصف قطرها هذه الأمتار الخمسة وأعدت الكرة مرة ومرة ... ثم بدأت بتغطية كل جزء من مساحة الدائرة بباقي البنزين الذي معي ..حتي تبقي القليل منه ...

كانت الساعة تشارف الخامسة والنصف ..بدأ يقل وهج الشمس ...سكبت الباقي من البنزين على شكل خط من الدائرة حتي قرب السيارة .

الخطة بحاجة لضوء النهار فقد لا تنجح في اليل المعتم ..لعلني أستطيع إستخدام ضوء السيارة في هذه الحالة (أخذت أفكر) وهناك أيضا مشكلة سرعة تبخر البنزين من علي الارض .. ولكن الغرقان يتعلق بقشاية ..

إطمأننت لوجود علبة الثقاب في جيبي التي حصلت عليها من جثة السائق ...بدأ التوتر يأخذ طريقه إلي ّ ففكرت أن أقطع الوقت بالبحث عن قطعة سلاح بالسيارة ..لم أجد سوى سلاح صيد مملوء بالرصاص ومعد تماما ...

وبينما أنا منشغل بتفحص البندقية سمعت فجأة أصوات الذئاب تأتي من بعيد ...إرتعشت يدي وسقط مني السلاح ...لحظات الموت تأتي إلي ..في عجلة وعدم صبر ..وليس عندي من سلاح حقيقي سوى إرادة الحياة .. وتلك الغريزة بداخل البشر .."غريزة البقاء"

ومع إقتراب القطيع إرتفعت أصواتهم المرعبة في الخلاء .. .قلبي يا مسكين كيف ستتحمل المزيد !!! يا رب .. يارب .. يا رب .. أنت المستعان والمنجي يا رب ...إختبأت بسرعة خلف السيارة بعيدا عن أنظارهم وتشبست بالبندقية جيدا ..أقرأ آيات من القرآن ..دموعي تظهر في مقلتي من الخوف ..

من خلال زجاج السيارة إتضحت معالم القطيع ..هناك ذئب يتقدمهم ويسرع الخطا ...هو زعيمهم بلا شك ..وصل لجثة الذئب بسرعة أكبر من الباقين ..دار حوله دورة متفحصة ثم أخذ يلعق رأسه ..وعندما تأكد من موت رفيقه ..رفع رأسه إلى أعلى وأطلق عواء مدويا مرعبا خلع قلبي من مكانه ...عند ئذ وصلت الذئاب الاخرى إليه وفهمت صيحة الذئب ..فإلتفوا حول جثة الذئب في شكل دائرة ...,أخذت جميعها تعوي بشدة مع بعضهم البعض كأنهم ينعون الذئب الميت ...

وجدت أن الفرصة الآن سانحة لتنفيذ الخطة ...تأكدت أن جميع الذئاب داخل الدائرة التي بللتها بالبنزين ثم تسللت وهي منشغلة بالعواء حول الذئب ..ولم تفق بعد من صدمة مقتله ..

أخرجت علبة الثقاب من جيبي وحاولت إشعال عودا ..سقط من يدي من التوتر ..أخرجت آخر وحاولت... ضغطت عليه بشدة فإنكسر... يا رب كن معي .. نظرت لهم ..شعرت أن أحدهم قد لاحظني .. الأمل الأخير ..وعود آخر... إشتعل .. الحمد لله ..ألقيته ...لم تستغرق النار أكثر من ثانية واحدة حتي قطعت المسافة إلى الدائرة وإكتسحت الذئاب إكتساحا ..فاجأتهم بشكل مذهل ...أحاطت بهم ومن حولهم ..إشتعلت في أجسادهم المشبعة ببخر البنزين ..أربكتهم بشدة وتعالت صيحاتهم المتألمة المرعبة للغاية ..أغلقت اذني هاربا من هذا الجحيم ..هربت بعض الذئاب من الدائرة وجسدها تأكله النار ..إتجهت للسيارة من فوري وإختبأت داخلها ..أخذت أنظر للمنظر في ذهول من خلف الزجاج ..كان منظرا رهيبا حقا وخاصة أن اليل قد حل علي المكان .....

بدأت الذئاب تسقط صريعة واحد تلو الآخر وضربات قلبي تنخفض معها شيئا فشيئا ...يبدو أن الخطة نجحت .. وبعد نصف ساعة كاملة مات جميع الذئاب ..ولم يعد هناك سوي نيران شبه منطفأة ورائحة جثث محروقة مع دخان أبيض منبعث منها .. وصلت إلى أنفي على الرغم من وجودي بداخل السيارة ..كانت رائحة قوية للغاية ..ذكرتني أني لم أتناول أي طعام من الصباح الباكر ..أخذت أنظر لجثة السائق بين لحظة وأخرى ..كأني أتوقع أن ترد فيه الحياة لما صنعته مع الذئاب ....مال رأسي على زجاج السيارة الجانبي من التعب ...وتجمدت قليلا وإرتاحت تعبيرات وجهي قليلا ...الحمد لله ..






كلما أغمضت عينيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن