الفصل السابع عشر
بعد أن أنزلت خالتها إلى منزلها ورفض البقاء لتناول الشاي معها قادت سيارتها عائدة إلى منزلها وهي تحارب دموعها لكن دمعه خائنه أبت إلى النزول فمسحتها بسرعة وأخذت ترمش بعينيها لتختفي من عينيها دخلت إلى غرفة الجلوس وهي رابطة الجأش وقد عادت كما كانت مع أنها لا تزال تشعر بثقل في قلبها أضاءت ألأنوار لتكون الغرفة أكثر إشراقا فهي لا تريد إضاءة ذهبية هادئة تزيد من تحريك مشاعرها وتذكر همومها ألقت بمفاتيحها على الطاولة وصعدت إلى غرفتها في الأعلى خلعت فستان السهرة وارتدت بنطال أسود طويل ناعم يتسع عند أسفل ركبتها وبلوزة حريرية وردية اللون مفتوحة من الأعلى بأكمام طويلة متراخية برقة على معصميها غسلت وجهها من المساحيق التي كانت عليه و لبست حذاء منزلي مريح ثم نزلت للمطبخ وصنعت لها كأس من الشوكلاته الساخنة ثم عادت إلى غرفت الجلوس وجلست على كنبتها البيضاء الطويلة تناولت رشفة من كأسها ثم وضعته أمامها لتسترخي بظهرها على الكنبة و تغلق عينيها وتنظر إلى شريط الذكريات الذي يختزنه عقلها وقلبها ولأنها أسرفت في تأملاتها لم تسمع الباب الذي فتح وأغلق لكنها تنبهت على الصوت المنتظم للحذاء الذي يقترب منها فتحت عينيها بسرعة لتلتقي بعيني مارتن الذي لا يزال حاجباه معقودان ولا تعلم هل هو الهم الذي أثقل جفنيه مثلها أم أنه أهدابه الكثيفة هي السبب كان لا يزال بملابسه التي رأته عليها غير أن ربطة عنقه مرتخية وقميصه مفتوح وشعره الطويل غير مرتب وقفت كاثرن وقالت
" كيف دخلت؟"
أبتسم بسخرية وقال
"من الباب!"
وجهت إليه نظرة متكاسلة لا تقل سخرية عن سخريته وقالت
" أعرف أنه من الباب ألم يكن مغلقاً في وجهك ؟"
أجاب ببرود
"يبدوا أنك نسيتِ أن تغلقيه "
"أوه أجل هذا محتمل إّذا لماذا أتيت هل نسيت شيء؟"
" قلت لك أن هناك ما أود قوله "
ثم أضاف وقد ارتفعت زاوية شفتيه
"بما أنك وافقت خالتك في رأيها بي "
"أنا لم أوافقها كل ما هنالك أني لا أريد أن أغضبها حتى لا تتضرر صحتها أن تعرف أنها امرأة مسنة"
أرتفع حاجبيه وهو يقول
" عذر جيد"
" لا يهمني ما يعني لك قولي هذا و بالمناسبة كنت سأتصل بك لأعتذر لك عن ما قالته خالتي "
نظر أليها وهو يميل برأسه على أحد جانبيه ولم تفارق شفتيه تلك الابتسامة الساخرة
"ألم توافقيها على هذا أيضاً أذكر انك أسمعتني أيها صريحة مراراً وتكراراً "
"وأذكر أنا أيضاً أنك فعلت الشيء ذاته على كل حال أنا أقدم لك اعتذاري الآن عن كل كلمة نابية قلتها لك "
"لماذا تعتذرين الآن ألاننا سنفترق ؟"
"بطبع لا بل لأني مدينة لك بهذا كما أني ممتنة لمساعدتك لي أعني لوالدي المهم ما الذي أتيت لتقوله لي ؟"
أخيراً قرر أن يتحرك من مكانه الذي كان يقف فيه وتقدم نحوها ليقف أمامها تماماً ثم قال وهو ينظر بأمل في عينيها
"كاثرى هل لي أن أسألك سؤالاً "
"تفضل "
" هل تحبينني ؟"
ذهب التعب عن جفنيها المرتخيان على عينيها وفتحتهما على أتساعهما في وجه مارتن يالها من سخرية هل يتوقع منها أن تعترف له بهذا الحب الذي ألمها في كل لحظة من بعد أن وقعت عينها عليه لن تعترف له أبداً ماذا لو سخر منها ثم ذهب؟ ستحتمل رحيله لكنها لن تحتمل أهانته لتخفض رأسها بعد ذلك في كل مرة تلتقي بها عينيهما لذلك قالت بجفاف
" لا "
لم يحتمل مارتن هذا الجواب بعد أن قالتها وابتعدت من أماه وهي تمشي متجه نحو الباب هل تحاول طردة بعد أن وصل إلى هذه النقطة الحساسة التي تربط بينهما؟ فقال بصوت قوي واضح ليؤكد ما يقول
"بل أنتي تحبينني "
جمدت كاثرن في مكانها هل تكون سالي قد كشفت سرها لهو وشت بها ؟ فقالت بحده وهي ترفع يديها بعصبيه
" أنا أحبك ؟ من أوحى لك بهذه الفكرة السخيفة ؟"
"أنتي "
لم يعد لديها ما تقول هل كان حبها له واضح في مرآة وجهها أم في عينيها اللتان تلمعان دائما بحقيقة مشاعرها كالبلور فقالت وهي تضحك مقطوعة الأنفاس وكأنها لتوها قد انتهت من الركض
" أنا؟ "
ادخل يده في جيبه ليخرج منه دفتراً صغيراً وعندما ركزت نظرها عليه وجدته دفتر مذكراتها الذي بحثت عنه كثيراً وحزنت لفقده دق قلبها بشدة و عادت بعض الكلمات التي كتبها إلى ذهنها في لحظة منذ متى وهو يحتفظ به؟ ولتنقذ نفسها من هذا الموقف المحرج وتخفي ارتجاف يديها وتسارع أنفاسها عن عينيه ألحادتي الملاحظة تحركت من مكانها وهي تصفق بيديها وتقول
" برافوا ...برافوا يا مارتن أتعلم أنت تستحق جائزة آوسكار لأفضل ممثل لا أعرف ما الذي جعلني أكتب تلك الكلمات الغبية لكنها لا تعني لي شيء كما أني لم أتوقع منك أن تصدقها بكل سذاجة "
بقي مكانه يحدق بها أما هي فعقدت ذراعاها أمامها وقد أحمر وجهها غضباً انه لا يحبها لقد كان يحاول طوال هذا الوقت أن يجعلها تعترف كي يذلها نعم هذا يؤكد كل شيء وإلا لماذا لا يقول لها أنه يحبها انه رجل البرية الذي لا يلق بمظهرة الخشن الاعتراف بوجد ما يسمى الحب قالت بحده
"إذا لم يكن هناك شيء أخر فهل تناولني مذكرتي كي أتلفها أو إن شئت فخرج واحتفظ بها لنفسك "
عندها وضع المذكرة بجنب كأسها وقد رق تعبير وجهه وقال وهو يقترب منها
"كاثرا أنا ...أنا "
وكانت تنظر إليه بصمت وهي تبتسم بمرارة وعينيها الغاضبتين في عينية فقال بنفاذ صبر
-"أنت لا تسهلين الأمر علي "
" أنا أستمع لك جيداً "
" لا أعرف كيف أقولها ؟"
فصرخت به
" إذا قلها بسهوله "
أبتسم لها بعذوبة وأسأت هي تفسيره
" المشكلة أني لا أعرف كيف "
نظرت إليه مستفهمة فأقترب منها أكثر و وقف أمامها حتى ما عاد يفصلهما غير خطوة واحده وهو يمسك أصابع يده اليمنى وينظر أليها ليهرب من نظراتها وقال مبتسما
" أشعر أني طفل في المدرسة كان من المفترض عليه أن يكتب مقطوعة ويحفظها عن ظهر قلب ثم يأتي ليلقيها "
" لكني أكره الإلقاء وأحب الصراحة و التعبير المباشر فهل تقول ما لديك وتتفضل بذهاب لأني فعلاً متعبه"
هنا تحركت يداه لتمسك بيديها ويقبلهما بنعومة ويبقيها على صدره
"كاثرى لم أكن أتوقع أن يأتي اليوم الذي أغرم فيه بامرأة وأطلب منها أن تتزوجني"
أعادت الكلمة في ذهنها مستحيل! هل يلمح لها بأن تكون شريكة حياته؟ عنفت نفسها أن لا تكون هي الأخرى ساذجة سخيفة لكنه قبل يديها ووضعها على صدره العريض وهي تحس بنبضات قلبه الذي يوازي نبضات قلبها لهذا كررت كلماته بصوت مسموع ولم تكن تعلم هل لأنها تريد سمعها مرة أخرى أم لتطمأن قلبها وتصدق ما قاله
" تتزوجك؟؟ "
" أه كلا يا كثرى أرجوك أكثر ما يثير غضبي هو تكرارك لكلماتي بغباء مع أنك تتركين معناها "
أشتد ضغطه على يدها قليلا وكأنه يؤكد كل كلمة سينطق بها وعينيه غارقة في عينيها كي لا تبتعد عن عالمهما اللذان هم فيه وليستشف الإجابة منهما نطق كلماته وكأنه يهمس لها بسر أحتفظ به طويلاً وحده
" كاثرى أنا أحبك وأريد الزواج منك فهل تقبلين بأن أكون شريك حياتك "
صعدت الحمرة إلى وجهها خجلاً و فتحت فمها دهشة وعينها لا تزالان غير مصدقتان لكن الفرح يتراقص فيهما والسرور باد على شفتيها آلتان لا تزالان مفتوحة وهي على وشكل الابتسام قلبها الذي أنتفض من مكانه عندما وصلت إليه الكلمة التي يريدها بكل تأكيد وليس فيها كبر أو تملك بل حب وشوق وقبل كل شيء الشفافية والصدق وقبل أن تجيبه أكمل وهو يضم يديها إلى صدره أكثر
"حبيبتي كاثرى أنا هائم في هواك منذ وقعت عيني عليك في ذاك السباق ولكني كنت أحتمي خلف قناع القسوة والتمرد والسخرية لأني كنت غاضباً من نفسي كيف وقعت في حب امرأة حمراء مشاكسة وأنا الذي أقسمت أن لا تدخل إي إنسانة إلى قلبي وحياتي وكنت أحاول التثبت من ما أشعر به نحوك واتسمت تصرفاتي بالحماقة كثيراً خصوصاً بعد أن أغضبتك وتركتك ترحلين إلى هنا وعندها فقط أدركت أني غبي وسخرت من نفسي حين تأكدت من أني غارق في حبك حتى أذني وأني لا يمكنني العيش من دونك فهل تتزوجينني ؟"
لازالت كاثرى غير قادرة على التصديق وهي تنظر إليه وقد عقدة الفرحة لسنها بينما هو واقف ينتظر أجابتها ولم يفلت يدها من يده لكنها لم تفق إلى بعد أن تكلم مارتن بنفاذ صبر
" أنك تكررين نفس المشهد الذي فعلته عندما طردني والدك من المزرعة هل أنت هكذا دائما تتجمدين كالصنم عندما تفاجئين بأمر "
"أوه مارتن !؟ "
" لم تجيبيني هل تقبلين بي؟ "
" بطبع أقبل مارتن يا لك من رجل غريب ألم يمكنك رؤية مشاعري في عيني طيلة هذه الأيام "
قال بمكر وهو يبتسم لها ويقترب أكثر حتى كاد يلتصق بها
" كلا فأنت متحفظة دائما ولك قناع عالي الكفاءة تخفين خلفه مشاعرك لهذا أريدك أن تقوليها لي يا حبيبتي"
" أحبك يا مارتن أحبك "
" وستتزوجينني ؟"
و من شدت سعادتها كان صدرها يعلو ويهبط لتنفسها الغير منتظم ونبض قلبها السريع الذي يتفق مع نبض قلبه لم تستطع إلى أن تهز رأسها وتتمسك بيديه فقال مارتن وهو يبتسم تلك الابتسامة التي عشقتها عينها
" وستكونين أم لأولادي "
هنا أحمر وجهها أكثر وابتسمت له وفي عينيها الحالمتين لهيب عواطفها يوازي البريق والمعان في عينيه الرماديتين .انتقلت يديه إلى وجهها ليحيطه بنعومة ويتنقل بصره بهدوء على قسماته الجميلة وكأنه يحاول أن يملأ عينيه منها واستقر نظره طويلا على شفتيها المغريتين ففقد سيطرته على نفسه ولم يستطع ربط جأشه أو أن يمنع نفسه أكثر من ذلك فألقى بكل أسلحته جانباً ورمى بحذره وصبره عرض الحائط وبحركة سريعة طوقها بذراعيه القويتين وضمها إلى صدره العريض بعنف ثم أطبق شفتيه على شفتيها وقبلهما بنهم وما أن أحس بدفئهما زاد في ضمها أليه ولم تستطع كاثرن أن تقاوم مشاعرها المتأججة بسبب آهة صدرت من بين شفتي مارتن دغدغت أحاسيسها بقوة ولم تملك إلا أن تبادله العناق بشغف فأحس بجسدها الرشيق ناعم يرتجف بين ذراعيه فزاد من تملك ذراعيه عليها وازدادت هي في الالتصاق به وتعانقت قلوبهما قبل جسديهما ليغرق كل منهما بقبلات صاحبه وينجرفا إلى بحر الحب ويحسا بالأمان والاستقرار بأحضان بعضهما الدافئة بعد طول انتظار اتجها نحو تلك الكنبة البيضاء الطويلة و جلسا بجانب بعضهما ليتحدثان عن ترتيبات الزواج والحب الحقيقي بعيد عن الوهم الذي كان يأسرهما في أول لقاء كان بينهما .تمت