فقطع عليها دهشتها صوت هاتفها لتجدها جنا ...فالتفت ليخرج من الباب وعندما كاد أن يخرج اوقفه صوتها الصارخ قائلا : طيب طيب اهدى ...انتى فين ؟
التفت اليها مرة اخرى ليجدها تسرع للخروج وعلى وجهها علامات الخوف والقلق والذعر
آسر بقلق : حور فيه إيه؟! ....استنى بس انتى بتجرى كده ليه ؟
التفتت اليه وهى مستمرة فى سرعتها قائلة بذعر : بابا ...ياآسر .
لم يفهم ماقالت لكنه وجد نفسه يجرى خلفها ويهبط السلم معها فى عجالة قائلا : عمي ماله فيه ايه فهميني ؟
كانت حور تسير بسرعة اشبه بالعدو وهو خلفها يحاول الوصول لها
حتى خرجت من الباب تبحث عن وسيلة تنقلها الى المكان الذى تريده فأسرع باحضار سيارته ووقف امامها قائلا :اركبى ياحور ...اوصلك .
فالتفت اليه ومازالت علامات الذعر والقلق على وجهها : مش هينفع اركب معاك .
آسر بنفاذ صبر : اركبى ياحور ...مش وقته عندك ومبادئك دى .
نظرت اليه بحدة قائلة : قولت مش راكبة معاك ....وبعدين مش عايزاك تيجى معايا ...لو سمحت سيبنى فى حالى .
نزل وعلامات الغضب على وجهه وأشار لسيارة أجرة(تاكسى) بانفعال فوقفت فالتفت ليناديها ولكنه وجدها تسير ناحية سيارة أجرة أخرى كبيرة (ميكروباص) ملئ بالناس ولحسن حظها كان يوجد بها اماكن فارغة فاشتد غضبه واعتذر لسائق السيارة التى أوقفها ومضى ليركب معها تلك السيارة فعندما وجدته يجلس بجوارها أسرعت بوضع حقيبتها لتكون حاجزا بينهم .
نظر إليها فى غضب شديد قائلا : انتى بجد مجنونة وعنيدة .
اكتفت بنظرة غضب مختلطة بقلق على والدها ثم التفت تنظر من شباك السيارة الى الطريق متجاهلة ماقاله نظر اليها آسر قائلا بنبرة أهدأ قليلا : ممكن تفهمينى بقى ايه اللى حصل وعمى ماله ؟
ظهر القلق جليا على تعابير وجهها قائلة : معرفش ...كل اللى اعرفه ان جنا اتصلت عليا وهى منهارة وقالتلى الحقينى ياحور بابا فى المستشفى .
هدأت نبرته تماما وقال محاولا تهدئتها : خير إن شاء الله بس اهدى .
أومأت برأسها والقلق والفزع يزداد فى قلبها فالتفتت تنظر الى الطريق مرة أخرى...وأخذت تردد آيات من القرآن الكريم ...لتهدئها وتدعو الله ان يكون والدها بخير .
بعد قليل وصلت السيارة الى المستشفى فنزلا آسر وحور التى أسرعت الى المستشفى ومن خلفها آسر وأسرعا الى الدرج بعدما سألا موظف الاستقبال عن والدها ..وعندما وصلت وجدت جنا تجلس على إحدى المقاعد منهارة فى البكاء ترتدى إسدال الصلاة الخاص بها ....أسرعت إليها حور قائلة : جنا ...إنتى كويسة .
عندما رأتها جنا ارتمت فى أحضانها تبكى بحرارة قائلة: بابا ياحور ...أنا خايفة ..
حور بلهفة : اهدى بس ياجنا وفهمينى حصل إيه ؟
جنا من بين شهقات بكائها : بابا بعد ماوصلك رجع البيت وماراحش الشغل لانه كان تعبان قوووى فلما رجعت من الجامعه لقيته تعبان فطلب منى كوباية ماية لأنه عطشان رحت أجيبها رجعت لقيته واقع على الأرض مغمى عليه ...حاولت أفوقه مصحاش ...اتصلت بالاسعاف وجيت به هنا .
احتضنتها حور قائلة : اهدى ياحبيبتى ...خير إن شاء الله .
ظل آسر ينظر إليهما فى أسى فقال موجها حديثه الى جنا : طب الدكتور قال أيه ياجنا ...متعرفيش .
جنا : لا لسة مخرجش من عنده .
لحظات مرت كالساعات لهاتان الفتاتان لعب القلق خلالها دورا فى قلبيهما ...حتى خرج الطبيب فأسرع الجميع نحوه تكاد قلوبهم تسبقهم إليه .
آسر بقلق : خير يادكتور .
تعلقت العيون بالطبيب محملة برجاء أن يتكلم الطبيب ويخبرهم بأنه بخير .
وأخيرا تكلم الطبيب قائلا فى أسى : جلطة فى القلب .
شهقت الفتاتان من أثر الصدمة كاد قلبهما أن تتوقف دقاته ويصيبها الجلطة القلبية ...وكاد المخ أن يتوقف فى بث إشاراته إلى الحواس ...شعرتا بأن الساعة قد توقفت للحظات ...خيمت الصدمة عليهما مصاحبة لصمت ساد للحظات ليقطعه الطبيب مستكملا حديثه قائلا: احنا نقلناه العناية المركزة ...ادعوله تمر ال24 ساعة الجايين بخير ...عن إذنكم .
وتركهم الطبيب بعدما ألقى عليهم هذه القنبلة الزمنية ....شعر آسر بأن الطبيب يخفى شيئا ما ...فأسرع خلفه وأوقفه قائلا : دكتور ...أنا حاسس إن حضرتك مخبى حاجة ...هو عمى هيبقى كويس ؟
طأطأ الطبيب رأسه فى أسى قائلا : مخبيش عليك ...حالته صعبة ...ومحتاجين معجزة ...الجلطة حصلت فى الشريان الرئيسى ...وقلبه ضعيف ...وده ممكن يقضى عليه نهائيا .....فادعي ربنا يعدى ال24 ساعة الجايين على خير .
نزل كلام الطبيب عليه كالصاعقة جعلت قلبه يعتصر حزنا وقهرا ...ثم التفت ينظر إلى الفتاتان اللتان جلستا على المقعد بآسى ...فلم تعد أقدامهما تستطيع أن تحملهما ...كانت عيونهما تنظر إلى السماء متضرعة إلى الله بأن يعيد أباهما إليهما سالما ...نظرت حور إلى أختها التى احمرت جفونها من كثرة البكاء ...فضمتها إلى صدرها كأنها تخبرها أنها معها...وتبث فى قلبها الطمأنينة والأمان ...وأنها ستظل معها طالما هى على قيد الحياة ...تذكرت حور يوم وفاة والدتها ...كم كانت صغيرة حينها ...وعلى الرغم من سنها الصغير الا انها تتذكر هذا اليوم جيدا