عيناهُ زرقاوتان جدًا..

64 4 4
                                    

يحدث لك أن تكون أعمًى في الحب ، أن تنجذب كالحديد الملتصق بالمغناطيس إثر ملاقاتك لشخصٍ ما!. يحدث أن تحب أحدهم من النظرة الأولى ، من لون عينيه ، او سماع تنهيدته ، قد تعجب بفتاةٍ ذات شعرٍ طويل وناعم ، أو فتاة بشعر أحمر مموج ، ويحدث لفتاةٍ أن تعجب بمداد وسعة ظهر أحدهم .. حتى وإن لم ترى وجهه أو أي ملمحٍ له!! .. هكذا أنا .. وقد بدأت من هذه النقطة بالتحديد ..

" مقتطفات من ذاكرتي ، ذات يومٍ ممطر "
خرجت من محطة القطارات عائدةً من الجامعة .. ألقيت نظرةً على السماء واذا بها تنهمل بالمطر وتغمر الارض بالمياه ، ركضت بسرعة حتى لا يبتل جسدي ، دخلت للزقاق الضيق ، حينا يبدو الأسوء في نيويورك .. حيث أن الكثير من افراد العصابات والعاهرات يسكُنّ هُنا ، وبحكم حاجتي .. أنا محبوسة في هذا المكان للأسف. ركضت بسرعه ، متعديةً الازقة ، حتى وصلت لمبنى الشقق الخرِب القديم ، اقتربت ولمحت رجلًا غريبًا أمام الباب ، كان يرتدي البدلة السوداء الرسميه ، يفتح ازرار قميصة الاسود ليبان جزء من صدره البرونزي ، يبدو كبيرًا في السن ، ذا هالة غريبة للغاية ، اصغرتُ عينيّ وبدأت أتفحصه ، بشعره الذهبي المبعثر على رأسه ، يمسك بسيجارته وينفثها بغير صبر للهواء ، كان يتكئ على الجدار ، قررت ان ادخل ، واتجاهل الرجل الواقف امام الباب ، التفت الي ، والتقت عينيّ السوداوتان بعينيه الزرقاوتان .. كالتقاء المد والجزر ، والصبح والمساء ، كانت عينيه صغيرتان .. وثاقبتان .. وعميقتان كالمحيط .. كان ينظر لعينيّ المتهجمه .. كنتُ أأكله بنظراتي المتفحصه ، شعرت بالخجل من نظراته ودخلت بسرعه .

اصتدمت بمارتن ، الشاب الطويل اللعوب ، والدائن الذي أدين إليه المال .. وهو ايضًا من يؤجرني الغرفة التي اسكن فيها . اعتذرت منه وتوجهت لغرفتي ، فتحت بابها الخرب واصدر صوتًا مزعجًا اعتدته ، ذهبت لنافذتي ، والقيت نظرةً للأسفل ، كنت لا ارى من الرجل الا ظهره .. كان ظهره ممدودًا وواسعًا .. وشعرت به يلاصقني .. بلا شعور اغمضت عيني وكأني اريد ودع افكاري ، وعدت استرق النظر ، كان مارتن مؤدبًا للغاية ، لم يسبق لي ان اراه هادئًا وتكسو ملامحه الوقار او الخوف لربما ، تساءلت عن هوية الرجل الذي جعل مارتن المجنون لبقًا هكذا ، التفت الرجل ، تلاقت اعيننا صدفةً .. وشعرت بها تغمرني بزرقتها ، وكأنها تؤويني للسماء ، اغلقت النافذة بسرعة .. لست متأكدة اذا ماكان ينظر لي او انه فقط يلوح في الافق .. كانت عيناه ساحرتان .. ووقعت في حبها!

  مرت الايام ، كان الاسبوع الوحيد الذي لم افكر فيه بدراستي او عملي ، حيث اني كنت اعمل اعمالًا جزئية متقطعة في عدة اماكن ، في السوبر ماركت ، والمغسلة ، ومحطة الوقود ، فقط لأدفع تكاليف سكني ودراستي الجامعية ... وكان هذا صعبًا للغاية ، حيث اني لم اخض علاقةً وطيدةً باحدهم قط ، كنت مشغولةً دائمًا بالعمل والدراسة .. والدراسة والعمل ، أي أني لم احب احدهم ولم يوجد احدٌ يحبني!. لكن ذلك الاسبوع ظننت بان ضيفًا اولًا ووحيدًا زار بالي ولازمه طوال تلك الايام ، لقد فكرت بالعينين العميقة الزرقاء طيلة الاسبوع الماطر ، لا اعلم هل كان المطر من اثر على مشاعري ، ام اني احتجت وقتها ان املأ بالي بأحدهم ، ام ان عيناه كانتا ساحرتان حقًا؟؟؟

   بعد مرور الاسبوع ، قررت ان اسأل مارتن ، عزمت على اراحتي والذهاب لمارتن لسؤاله عن الرجل الغريب ذاك ، دخلت لمكتب مارتن بعدما اذن لي بالدخول ، جلست على المرسي وبعد تفكير سألته بدهاء عن هوية الرجل منذ اسبوع ، وبدأت اصف شكله بالرغم من شعوري بأنه عرفه جيدًا من اول لحظة ، ظل يتفحصني بنظراته .. وانظر اليه بعجب ، هزّ رأسه نافيًا لأمرٍ يخالجه وقال لي

" إنه رجلٌ لا يصحُ لكِ التفكير به أبدًا ، ياجيني!" ...

صديقُ المساء || Night Friendحيث تعيش القصص. اكتشف الآن