في صبيحة يوم من الايام استيقظ فادي و نزل الى حديقة المنزل فراى "تيم" والد ايميلي واقفا على بعض الجداول متكئا على سيفه فالقى عليه التحية ، و اراد اكمال سيره الا انه راى في عينيه نظرة المستوقف ، و كانه يود ان يخبره بكلام فستحيا ان يمضى فوقف ، فقال له تيم واصفا الجو :" ما اجمل شمس اليوم و ما اصفى سمائه " فاراد فادي ان يكمل الحديث فلم يرى الا ان يسئله على ابنته ، ثم بدا له الامر غريبا ان يسال رجل على ابنته فهاته اول مرة يسال فيها رجلا على ابنته ، اذ واصل تيم كلامه واصفا الطبيعة و يتاسف على كبره و يحكي على ايام شبابه : "ان منظر الطبيعة في هذه الساعة جميل جدا ، لا يفسده علي الا تلك الرعدة التي تتمشى في اعضائي ، فما اثقل مؤونة الشيخوخة . و سلام على الشباب و عهوده الزاهرة التي كنت ابكر في صبيحة كل يوم الى قمم الجبال و شواطئ الانهار ، امرح و العب . و لم يبقى لي من تلك الايام الا الذكريات و الان انا اجلس تحت هذه الشمس المشرقة انسج من خيوطها البيضاء لباس لهذه الرعدة ، و انظر الى اصدقاء ايميلي و هن يلعبن معها فوق تلك الهضبة " و هنا وجد فادي فرصة للاطمئنان على ايميلي فقال :" ان ايميلي لم تنزل اليوم كعادتها فلعلها بخير " فاجابه تيم " نعم هي بخير طبعا لكن جائنا ضيف من اقاربنا بالامس فبقيت معه لتلبي مطالبه و تامن له الراحة" ثم اكملا الحديث بعد ذلك في امور مختلفة ، حتى فتح باب المنزل و اذا به ايميلي و رامز قادمان يحدثها فتتهلل و تحدثه فيبتسم ، و كانهما عاشقان يتغازلان ، لا قريبان يتحدثان ، فخيل الى فادي ان هذا المشهد غير مستحسن و لا مستعذب .
عندما اقتربا منه اخذ ينظر الى بعض الورود و الزهرات و ود لو وجد سبيل للهرب منها لولا انهما وصلا اليه و سلما عليه فرد السلام ثم تركهما و ذهب الى خميلة من الخمائل فما مشي فيها الا بعض الخطوات حتى سمع صوت فتى يضحك فظن انه يضحك عليه و ود ان وجد سبيلا لمنازلته في ميدان الخصام للقنه درسا انه ليس سخرية الساخر و اضحوكة الضاحك .
ثم تراجع في نفسه و قال : ما سبب انقباضي و وحشتي لهذا الفتى . فما انا بعاشق للفتاة فاغار منه عليها ؟ و ما زال يسال نفس الاسئلة و لا يجد لنفسه جوابا حتى وجد نفسه في مكان لا يسمع فيه الاصوات و لا يوجد فيه انسان فخرج من الحديقة هائما بين الاشجار حتى اقترب المغرب و بدات الشمس بالغياب فقرر العودة الى المنزل .فمر امام باب غرفة ايميلي فسمع صوت الحديث فعلم انها مازالت مع قريبها رامز فاراد ان يستمع الى حديثهما لكن لم يفهم كلمة مما يقولانه ، ثم انقطع الصوت و اخذت ايميلي تغني غناء عذبا لذيذا في نفس فادي لولا ان شخصا آخر مكانه يستمع لها . ثم انقطع الغناء فسمع صوت اقدام قادمة نحو الباب فابتعد عن مكانه فخرج من الباب ذلك الفتى ووراءه ايميلي ، فلما راى وجهها احس في نفسه بشئ غير الذي كان يحس به عند رؤيتها ، ثم عادت الى غرفتها و اغلقت الباب وراءها فعاد فادي الى مكانه ، و ما زال راكعا امام غرفتها حتى بدات الشمس بالشروق وسط الليل فعاد الى غرفته ، وقد علم ان الذي يقوم به ليس جنون و لا وسواس و ليس الهذيان و لا الحرارة كما كان يظن وانما هو "الحب"!
YOU ARE READING
ايميلي بين احضان الطبيعة
Randomماجدولين هي رواية للكاتب مصطفى لطفي المنفلوطي اعدت صياغتها باسلوبي الخاص و باضافة عطر تأثيرها في نفسي أضفت اليها جمالا لن يجده غيري و معاني لم تتوغل في اعماقها الا روحي