أيقظني من حسرتي شخصان فزعت لرؤية وجهيههما السود، ليسا من البشر ، جلسا أمامي ، يحملان معهما المسوح ( ثوب أسود خشن ) ، لأسمع صوتا من ورائي يقول ( أيتها النفس الخبيثة أخرجي إلى سخط من الله و غضب ) ..حاولت الهرب ، لكن إلى أين سأهرب ، أين المفر ، قبضت بقسوة و انتزعت من الجسد الذي حاولت العودة إليه ، لم يعد لي بعد الآن. ذلك الملك الذي أمسكني ظل يصعد بي حتى السماء و يرميني من هناك حتى أرتطم بالأرض ، و يصعد بي و يرميني و يصعد بي و يرميني ،أحسست بالألم ، الندم ، الحسرة ، و الخوف من القادم إذا كانت البداية بعد انقباض الروح هكذا فكيف سيكون العذاب في حياة الخلود ؟ أردت أن يكون مجرد كابوس مزعج أستيقظ بعده لأتوب ، لأكرس حياتي فقط لطاعة الله و عبادته ، لكن القطار قد فاتني ، الفرصة التي امتلكتها قد أضعتها فيما يغضب الله ،و ها أنا الآن أدفع ثمن معصيتي .
أخذني الملكان الذان ظهرا لي في صفة السواد ، لكن ما أفزعني حقا هو لماذا ظهر لي السواد بهما و الملائكة معروفة بالبياض و النور ، كل هذا تسبب فيه عملي الطالح الذي يشهد عني الآن ، أخداني في طريق طويلة ، ليس بها بشر ، كل ما رأيت هم أرواح منهم من يضحك فرحا ، منهم من يبكي و منهم من يحاول الهرب دون جدوى. لطالما ضحكت مستهزءا عندما أرسب أو أحصل على صفر في الامتحان ، لكن لماذا الآن لا أضحك ، فقد رسبت أيضا في امتحان لكن هذه المرة امتحان الحياة الدنيا التي غرتني، تبعت أهواء الشياطين و تركت إيماني بالله جانبا . وصلنا إلى مكان تبين لي أنه المقبرة ،هناك حيث رأيت جسدي المغلف بالكفن الأبيض ، لكن لحظة لم يظهر لي متسخا، سؤال غبي ( تلك الأوساخ هي عبارة عن أعمالك الخبيثة ) سمعت ذلك الصوت مجددا في رأسي ، وقفت بعيدا أنظر إلى مراسم الدفن ، التي تمت في حزن و أسى ، شاهدت من بعيد والدي ينثر التراب على جثتي في حفرة أضيق من حذائي ربما . ماذا هل وضعت هناك حقا .
فجأة وجدت نفسي داخل جسدي الذي بداخل ذلك تلك الحفرة المظلمة التي أخدت تضيق شيئا فشيئا . و تمتلئ بالعقارب و الثعابين ، لو كان ذلك سينهي الأمر لكان أفضل لكن النهاية ليست هنا ، ليس و كأني سأموت مجددا ، فقد مت و انتهى الأمر ، فجأة بدأ جسدي يغرز في أقصى الأرض ، و عذابي يزداد شيئا فشيئا ، لكن أين المفر ؟ أين المفر من غضب الله ، أين المفر من قوة الواحد الأحد الذي خلق السماوات و الأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش . غرزت في أقصى الأرض حيث نهر من الناار أعظم من النار التي اعتدت رؤيتها في الحياة الدنيا . تفوور و تنتظر أن أرمى بها .
صرخت ..صرختي تلك سببت استيقاظي في غرفة فارغة ، ليس بها أحد سوى أنا و عدة أجهزة طبية متصلة بي ،ليأتي شخص يرتدي وزرة بيضاء طويلة تبدو على ملامحه الدهشة " لقد ظننا أنك مت فعلا ، لكنك اسيقظت من غيبوبتك هاته التي دامت ثلاث سنوات .. حمدا لله "
كانت تلك فرصة من الله تعالى لأصحح أخطائي و أتوب إليه . فبعد عودتي من الجحيم لن أكرس وقتي و حياتي سوى للعبادة ، لأنعم بحياة الخلد في الجنة و ليس في ذلك المكان الذي لم أر منه سوى القليل .
- النهاية !
أنت تقرأ
عائد من الموت .
Short Storyأغلب سكان الأرض يعيشون حياتهم كأننا خالدون ، يعملون لدنياهم أكثر ما يعملون لآخرتهم ، ناسين أن هناك رب يراقب ، ناسين أن الهدف من خلقنا هو العبادة و الطاعة ، ناسين أن هناك ملائكة تكتب كل الأعمال التي نقوم بها ، أغلب سكان الأرض يتخدون الحياة الدنيا لعب...