البارت الرابع

168 9 5
                                    

لم تنم نهله مباشرة كما اوهمت امها و حازم و لكن بدأت تقرأ الرساله التى اعطاها لها المحامى من جدها. كانت متردده كثيرا فى فتحها و لكنها استجمعت قوتها فى النهايه و فتحتها.
طفلتى العزيزه:
اعلم انك لست طفله الاّن لكنك ستظلين دائما طفلتى التى اشتقت كثيرا لرؤيتها. اعرف انك لا تصدقى اى كلمة من كلامى و لكن الله يعلم انى اقول الصدق. احببتك كثيرا فى المرات القليله التى رأيتك فيها فى صغرك و لكنى حرمت من رؤيتك عندما توفى والدك. تمنيت ان أخذك لتتربى فى بيتى وسط اهلك و لكن غرورى الاحمق منعنى من ان اطلب من امك ان تعيشوا معى بعد ان تخليت عنها هى و ابوكى, كما انى لم استطع ان احاول الحصول عليكى بالقانون و ابعادك عن امك و شعرت ان ذلك كان سيحولنى الى شيطان. و لكن اعلمى جيدا انى احببتك دائما و تمنيت قربك منى. لن اطلب منك السماح فأنا اعلم جيدا ان هذا طلب كبير و لكن اطلب منك ان تلبى طلب رجل عجوز على فراش الموت فأنا على ثقه من طيبة قلبك الأبيض مثل قلب اباكى و اتمنى ان تقبلى بتنفيذ وصيتى. و لتتذكرى دائما اننى احبك.
جدك.
اعادت قراءة هذه الرساله مرات عدة و فى كل مره كان احساسها يتغير مرات كثيره من الغضب و مرات تعاطف و مرات حزن و مرات كره. احاسيس كثيره مختلطه و لكن الاحساس الاكيد و المستمر هو الاحساس بالحيره, فحتى لو قررت الموافقه على ذلك و تغاضت عن مشاعرها كيف ستترك امها لسنة كاملة!!!
قضت ساعات فى الحيره ثم استسلمت للنوم فى النهايه لتستيقظ فى الصباح على لعب بيتسى كالعاده.
خرجت لتجد والدتها قد اعدت الفطور.
نهله: صباح الخير يا ماما.
الأم: صباح الخير حبيبتى.
جلست نهله على السفره لتبدأ فى تناول الفطور لكن امها قاطعتها.
الأم: عيب كدا عندنا ضيف انتى ناسيه و لا ايه. استنى ابن عمك هخبط عليه دلوقتى ييجى يفطر معانا.
نهله: ييييييييي هو لسه ممشيش.
الأم: نهله من امتى بنعامل الضيوف كدا.. خلى بالك انه فى بيتنا و ليه واجب الضيافه و الترحيب.. تتعاملى معاه كويس و بذوق بدل ما ازعل منك.. انتى عاوزاهم يقولوا انى معرفتش اربيكى و لا ايه.
نهله: كل ما بشوفه بتعصب يا ماما و انا عاوزه اريح دماغى شويه.
الأم: نهله انتى هتصغرى امك و لا ايه.
نهله ( مبتسمه ) : ما عاش و لا كان يا جميل. حاضر عشان خاطرك انتى بس.
الأم ( مبتسمة برضا ) : ربنا يخليكى ليا يا قلبى.
فى هذا الوقت خرج حازم من الغرفه.
الأم: صباح الخير يا حازم.. كنت لسه هخبط عليك عشان تيجى تفطر معانا.
حازم: صباح الخير يا طنط.
الأم: نمت كويس يا حبيبى.
حازم: جدا الجو هنا جميل و هادى.
الأم: الحمد لله انك ارتحت ياللا روح اغسل وشك و غير هدومك و تعالى مستنينك.
حازم: اوكى
تناولوا الفطار سويا ثم اقترحت الأم على نهله ان تأخذ حازم فى جوله فى الاراضى التى يملكوها حول منزلهم و تشرف عليها نهله. صدمت نهله و غضبت فى البدايه لكن خضعت لكلام امها.
خرجت نهله و حازم من المنزل و بدأت الجوله.
نهله: الأراضى دى بابا جابها بالتدريج مش كلها مره واحده الجزء اللى قريب اوى من البيت اللى انت شايفه دا عباره عن جنينه بابا كان بيزرعها كلها ورد و كان بيهتم بيها دايما و من بعد ما اتوفى بقيت انا و ماما بنهتم بيها و الشجره اللى هناك دى بابا زرعهالى بأسمى اول ما اتولدت عمرها من عمرى. كل ما كنت بزعل من حاجه كنت بكتبها فى ورقه و ادفنها جنب الشجره, جوايا احساس ان دا بيخلى المشكله تروح, يمكن تشوفنى هبله بس بحس بكدا.
ابتسم حازم فلأول مره يرى نهله على حقيقتها فهذه الأرض جعلتها تنسى كل كرهها لعائلتها و تتحدث معه و كأنه صديق لها و حاول ان يشجعها ان تكمل.
حازم: بالعكس انا كمان لما بتضايق بقعد اشخبط فى ورق و بقطعه, المهم ان كل واحد يدور على طريقه يضيع بيها حزنه. كملى عرفينى على بقيت الأرض.
نهله: بعد الجنينه بتبتدى الأراضى بتاعتنا دى بنزرعها اكتر من محصول و المحاصيل بنبيعها بعد كدا انا اللى بعمل الاتفاقات مع التجار و المصانع و فى كتير بيحبوا يشتروا مننا لأنى برفض ان نرش اى مبيدات او مواد ممكن تأثر على الصحه. و كمان هتلاقى شجر فواكه كتير. الأرض دى احلى و اغلى حاجه فى حياتى بحس ان فيها روح بابا و بحس انها حته منى معرفش اوصفلك ازاى.
حازم: فاهم و بصراحه هى عامله زى الجنه.
نهله: انا تخصصت مخصوص فى الزراعه عشان بحب الأرض و عاوزه اهتم بيها بشكل صح رغم ان كان مجموعى كبير و كنت اقدر ادخل اى كليه ناس تانيه بتحلم بيها.
حازم: المهم تعملى الحاجه اللى بتحبيها.
نهله: بالظبط كدا.
حازم: فكرتى فى موضوع الوصيه.
نهله: انت شايف ماما ملهاش غيرى و كمان انا مقدرش ابعد عن الأرض يعنى حتى لو انا فكرت الظروف كلها مش سامحه.
حازم: بس انتى كمان وحيده و ملكيش اخوات, وجودك وسطنا هيعوضك كل دا و كمان بعد كدا ورثك هيساعدك تكبرى ارضك و حلمك.
نهله: متحاولش تفهمنى انك عاوز مصلحتى انت كل اللى يهمك ورثك.
حازم: مش هنكر ان يهمنى ورثى بس على فكره انا اللى يهمنى اكتر ان الشركه متقعش لأنى قضيت فيها اكتر من 10 سنين يعنى من قبل ما اخلص دراسه و انا بشتغل فيها و لما قولتلك اللى قولتهولك لإنى فاهمك لإن الشركه بالنسبه لى زى الأرض بالنسبه لك و موضوع وجودك فى وسطنا بحاول اطمنك ان كلنا زى اخواتك. و بلاش تتعاملى على طول مع الناس يتخوين و بعدم ثقه. انا مقدر انك عانيتى و انك حسيتى انك مرفوضه لكن مفيش حد مننا كان ليه ذنب فى دا. ايوا انتى اتظلمتى بس مش احنا اللى ظلمناكى. على العموم انتى عندك اسبوع تفكرى فيه. فكرى براحتك و ايا كان قرارك بلغينى بيه. عن اذنك لازم الحق اسافر عشان عندى مواعيد فى الشركه.
غادر حازم و بقيت فى حيره من امرها, و بعد الإنتهاء من عملها عادت للمنزل لتتحدث مع امها و تأخذ مشورتها. اعطتها خطاب جدها لتقرأه و قصت لها كل التفاصيل الأخرى التى لا تعلم ان حازم قد اخبرها بها بالأمس.
الأم: و انتى قررتى ايه؟
نهله: مقدرش اسيبك لواحدك و لا اسيب الأرض.
الأم: متتحججيش بيا و لا بالأرض. المهم انتى حاسه بأيه.
نهله: مش عارفه بس انا مقدرش ابعد عنك و عن الارض انتوا كل حياتى.
الأم: هتقدرى تزورينى ان شالله كل اسبوع مره.
نهله: مينفعش تقعدى لوحدك.
الأم: دى محلوله مش هقعد لوحدى.
نهله: ازاى بقى.
الأم: هخلى خالتك و ابنها أدهم ييجوا يقعدوا معايا, انتى عارفه ادهم ساب شغله من شهر و مش لاقى شغل و نفسيته تعبت و هو و امه قاعدين لوحدهم ييجوا يقعدوا معايا و هو يهتم بالأرض و تبقى اطمنتى عليا انى مش لوحدى و ان كمان ادهم واخد باله من الأرض.
نهله: و مين قالك بس انهم هيوافقوا.
الأم: انا واثقه انهم هيوافقوا. خالتك و ابن خالتك معتمدين على معاش جوز خالتك الله يرحمه اللى مبقاش مكفيهم و دى فرصه بالنسبالهم و كمان انا و خالتك هنبقى متسليين مع بعض.
نهله: طيب و ليه يا ماما؟ احنا مش محتاجين فلوسهم.
الأم: بس انتى محتاجه تعرفى اهلك, اهل ابوكى دى كانت امنيته ان يجى يوم تعرفى عيلتك كويس.
نهله: طيب و لو مستريحتش.
الأم: سيبيهم و ارجعى بيتك و ارضك هيكونوا على طول مستنينك.
نهله: و الله يا ماما انا محتاره جدا.
الأم: استخيرى ربنا و انا كمان هكلم خالتك و اشوف ايه رأيها هى و ادهم و اللى فيه الخير يقدمه ربنا.
و بالفعل مرت الايام و قررت نهله فى النهايه ان تجرب فليس هناك ما تخسره و خصوصا انها اطمأنت على امها و الأرض. و اتصلت بحازم و اخبرته بموافقتها و انها ستصل بعد يومين إلى القاهره.
#رومـــــــــا

الغريبةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن