إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لله تسعة وتسعون اسماً مائة إلا واحدة لا يحفظها أحد إلا دخل الجنة، وهو وتر يحب الوتر"
وفي رواية: "من أحصاهادخل الجنة" وهذا الحديث متفق على صحته
- اختلف العلماء في بيان المراد بالإحصاء على أقوال أظهرها والله أعلم ما ذكره ابن القيم في بدائع الفوائد 1/164 حيث قال:
«واحصاؤها مراتب:
المرتبة الأولى: احصاء ألفاظها وعدها.
والثانية: فهم معانيها ومدلولها.
والثالثة: دعاؤه بها كما قال تعالى: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} الأعراف آية (180).
وهو مرتبان: احدها: دعاء ثناء وعبادة. والثانية: «دعاء طلب ومسألة»أ.هـ.
وهذا اختيار ابن سعدي رحمه الله. انظر الحق الواضح المبين ص22، ولمزيد بيان لهذه المسألة انظر فتح الباري 11/226، والنهج الأسمى 1/46.قال الشيخ حافظ حَكَمِى رحمه الله تعالى:
وأسماء الله الحسنى هي التي أثبتها تعالى لنفسه وأثبتها له عبدُه ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم وآمَن بها جميع المؤمنين؛ قال تعالى: ﴿ وللهِ الأسْماءُ الحُسْنَى فادْعُوه بها وذَرُوا الذين يُلْحِدونَ فيأسمائه سَيُجْزَوْنَ ما كانوا يَعْمَلُونَ ﴾[1] وقال تعالى ﴿ قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ﴾[2]، وقال: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ﴾ [طه: 8][3]، وقال تعالى: ﴿ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾[4]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنَّ للهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْماً مَن أحْصاها[5] دَخَلَ الجَنَّةَ وهو وِتْرٌ يُحِبُّ الوِتْرَ )[6]
واعلَم أن أسماء الله عز وجل ليست بِمُنْحَصِرَة فيالتسعة والتسعين المذكورة في حديث أبي هريرة ولا فيما علمته الرسل والملائكة وجميع المخلوقين لحديث ابن مسعود عند أحمد وغيره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (ما أصاب أحداً قَطّ هَمٌّ ولا حَزَن فقال: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أَمَتك ناصيتى بيدك ماضٍ فِيّ حكمك، عدل فيقضاؤك أسألك بكل اسمٍ هو لك سمَّيْتَ به نفسك أو أنزلته فيكتابك أو علَّمْتَه أحداً مِن خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبى ونور صدرى وجلاء حُزنى وذهاب هَمِّى، إلا أَذْهَبَ الله حزنه وهمه وأبْدَلَه مَكَانَه فَرَحاً) فقيل يا رسول الله أفلا نتعلمها؟ فقال: (بلى ينبغى لكل مَن سمعها أن يتعلمها)[7]
واعلم أن مِن أسماء الله عز وجل ما لا يطلق عليه إلا مُقْتَرِناً بمُقابله، فإذا أًطلق وحده أَوْهَمَ نَقْصاً لله - تعالى الله عن ذلك - فمنها المُعطى المانع، والضار النافع، والقابِض الباسط، والمُعِزّ المُذِلّ والخافِض الرَّافِع، فلا يُطْلَق على الله عز وجل المانع الضار القابض المذل الخافض كلاً على انفراده، بل لا بد مِن ازدواجها بمقابلاتها، إذ لَم تُطْلَق في الوَحْى إلا كذلك، ومِن ذلك المُنْتَقِم لَم يأتِ فيالقرآن إلا مضافاً إلى ذو كقوله تعالى ﴿ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ ﴾ أو مُقَيَّداً بالمجرمين كقوله ﴿ إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ ﴾ واعلم أنه قد وَرَدَ فيالقرآن أفعال أطْلَقها اللهُ عز وجل على نفسه على سبيل الجزاء والعدل والمقابَلَة، وهى فيما سِيقَتْ فيه مدح وكمال، لكن لا يجوز أن يشتق له تعالى منها أسماء ولا تطلق عليه فيغير ما سِيقَت فيه الآيات، كقوله تعالى ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ ﴾[8] وقوله ﴿ ومَكَرُوا ومَكَرَ اللهُ ﴾[9] ونحو ذلك. مما يَتَعالَى اللهُ عنه ولا يقال الله يستهزئ ويُخادِع ويَمْكُر ويَنْسَى على سبيل الإطلاق.
واعلم أن دلالة أسماء الله تعالى حق على حقيقتها مطابَقَةً وتضمناً والتِزاماً فدلالة اسمه تعالى (الرحمن) على ذاته عز وجل مطابقة وعلى صفة الرحمة تضمناً وعلى الحياة وغيرها التزاماً وهكذا سائر أسمائه تبارك وتعالى وليست أسماء الله تعالى غيره كما يقوله المُلْحِدُونَ فيأسمائه[10]
اسم الله الأعظم: هو ما دَلَّ على جميع ما لله مِن صفات الكمال، وتَضَمَّنَ ما له من نُعُوت العَظَمَة والجلال والجمال، مِثْل (الله، والصَّمَد، والحَىّ، والقَيُّوم، وذُو الجَلال والإكْرام، والله تعالى أعلم. فَمَن سال اللهَ عز وَجَلَّ وتَوَسَّلَ إليه باسمٍ مِن هذه الأسماء العظيمة مُوقِناً حاضِراً قلبه مُتَضَرِّعاً إليه، لَمْ تَكَدْ تُرَد له دَعْوَة[11].
ثَمَرات مَعْرِفَة أسماء الله تعالى:
1- تذوق حلاوة الإيمان.
2- عبادة الله عز وجل.
3- زيادة محبة العبد لله والحياء منه.
4- الشوق إلى لِقاء الله عز وجل.
5- زيادة الخشية لله ومراقبته.
6- عدم اليأس والقنوط من رحمة الله.
7- زيادة تعظيم الله جل وعلا.
8- حُسْن الظَّن بالله والثِّقَة به.
9- هَضْم النَّفْس وتَرْك التَّكَبُّر.
10- الإحْساس بِعُلُوِّ الله وقَهْره.
قال أبو إسحاق الزجاج: "لا ينبغي لأحد أن يدعو الله بما لم يصف به نفسه".
=
أنت تقرأ
الأسماء الحسنى (المعنى-الدعاء).
Spiritualأسماء الله الحسنى هي روح الإيمان ، وأصله وغايته، فكلما ازداد العبد معرفة بأسماء الله وصفاته، إزداد إيمانه وقوي يقينه، والعلم بالله، وأسمائه، وصفاته أشرف العلوم عند المسلمين، وأجلها على الإطلاق لأن شرف العلم بشرف المعلوم، والمعلوم في هذا العلم هو الل...