حياة الجامعة

1.3K 82 5
                                    






حياة الجامعة

" إذا شئتم أن تذوقوا أجمل لذائذ الدنيا، وأحلى أفراح القلوب، فجودوا بالحب وبالعواطف كما تجودون بالمال"

علي الطنطاوي,

كل الحياة امامي .. اصبحت مسؤولة عن نفسي .. حققت حلمي بدخول جامعة الادب العربي .. كنت خائفة بشدة .. كيف سأواجه الحياة لوحدي .. كيف سأواجه الحياة بقلب محطم .. سأرحل لمدينة مختلفة .. سأعيش لوحدي اربعة سنوات ... بعيدا عن عائلتي و عن اصدقائي .. كنت أود البقاء وحيدة .. لا اريد اي صداقات جديدة .. و لا اريد حب جديد .. تعهدت نفسي انني سأبقى بعيدا عن كل الناس .. لن أخالط احدا في تلك المدينة ...

5 سبتمبر 2011

لم انم الليلة السابقة ابدا .. ظللت افكر و افكر .. اليوم سأرحل عن بيتنا .. اليوم ستبدأ حياة الجامعة ..
نهظت من مكاني استحممت .. ارتديت ملابسي و صففت شعري .. تفقدت حقائبي .. كل شيء مجهز لاغادر .. نزلت لافطر و لكن شهيتي كانت مسدودة ..
انزل اخي احمد الحقائب من غرفتي ووضعها في السيارة .. احتضنت امي طويلا و بكيت .. كم يصعب علي وداعها .. ودعت الجميع و غادرت ..
ركبت السيارة و انا الوح بيدي مودعة ..واتجهت مع اخي احمد الى المطار ...
...........
عندما وصلت الى وجهتي .. كان الجو ممطرا .. انها مدينة كبيرة جدا .. هذه اول مرة ازورها .. كنت احدق في البنايات العالية و الطرق و المحلات من نافذة سيارة الاجرى .. كيف سأتأقلم مع العيش في هذه المدينة .. و كيف ستكون حياتي هنا يا ترى !!

وصلت الى الاقامة الجامعية .. كانت تعج بالفتيات .. استلمت مفتاح الغرفة و اتجهت اليها ... كانت غرفة صغيرة .. بها سريران و خزانتان صغيرتان ... طاولتان و كرسيان ... و جدرانها مصبوغة باللون الزهري الفاتح ... جلست أتأملها .. ستكون هذه الغرفة منزلي الجديد ..
سمعت الباب يفتح و اذا بفتاة تطل من خلفه .. كانت تعلو وجهها ابتسامة بشوشة .. علمت انها ستكون رفيقتي في الغرفة ..
"مرحبا .. انا سارة "
قالت و هي تبتسم
"أهلا .. انا ياسمين .."
"اهلا بك .. سأكون رفيقتك بالغرفة .. اتمنى ان نتفق و نقضي وقتا جميلا .."
"اتمنى ذلك ايضا "
تعرفنا على بعضنا جيدا .. بينما امضينا كل اليوم في تنظيف الغرفة .. انها سنتها الاولى ايضا .. هي من مدينة اخري .. وحيدة امها و ابيها .. و تدرس ادب عربي مثلي تماما ..

اتفقت معها جيدا .. و لم اصادق فتاة غيرها ..
مع مرور الوقت تحولت لنسخة من وائل .. انطوائية .. لا اتكلم مع أحد و لا أخالط أحد .. شعرت بأحباط شديد .. و في سنتي الجامعية الاولى عانيت من الكآبة .. ابكي نفسي كل ليلة حتى انام .. لا أستطيع الدراسة .. و ليست لي القدرة على التركيز .. لا استطيع لا الاكل و لا النوم .. لم أعتد الحياة هناك .. شعرت بالغربة .. تحولت لشبح .. خسرت نفسي في محاولة بائسة مني لأن اكون فتاة قوية .. لم أستطع تحمل الضغط النفسي .. اشتاق لحياتي بين أهلي .. اشتقت لوائل . اتذكره كل ليلة .. أشعر بحبه يسري في عروقي .. الشوق يقتل .. يكسر العظام .. الم الاشتياق لا يعادله الم .
نصحتني رفيقتي في الغرفة بزيارة طبيب نفسي علي اشعر بالارتياح .. لم اتردد ابدا .. كنت مستعدة لفعل اي شيء حتى أعود لسابق عهدي ... ظللت طوال السنة اتابع حالتي النفسية عند طبيب مختص .. لم أشأ ان أقلق اهلي لذلك لم أخبرهم عن الأمر .. مع مرور الوقت تحسنت حالتي و تغلبت على كآبتي .. و بدأت شيئا فشيئا أعتاد على الوضع هناك ..
في سنتي الجامعية الثانية .. عدت بنفسية أحسن .. مع انني ما زلت أتحاشى الناس ، الصداقات و العلاقات .. لكنني استعدت بعضا من نفسي .. و رغم مرور وقت طويل الا انني لم انسى وائل ولا لحظة .. كان يسكن عقلي .. زال كل ذلك الغضب الذي كان في قلبي اتجاهه .. و تناسيت حبي له .. و لكن لم انسه .. انقطعت اخباره كليا و لم اسمع عنه اي شيء .. كنت اتمنى له الخير و ادعو له في كل ركعة ان يحفظه الله و يحقق له كل أحلامه .. دعيت ان يجد الفتاة المناسبة التي ستعمل على اسعاده .. و ان يسعدني و يعوضني كل خير .. و لم أدخل في علاقة بعده أبدا .. وعدت نفسي انني لن اتقرب من شخص الا من جاء و طلبني من أبي ..
...............

19 جوان 2015

مرت اربعة سنوات كغمضة عين .. انهيت دراستي الجامعية .. انا الان في الثانية و العشرين من عمري .. و اليوم يوم مميز جدا .. انه يوم تخرجي .. كل عائلتي هنا و أروى كذلك .. كنت انا و صديقتي سارة في غاية الفرحة و الفخر ... لقد انهينا مرحلة مهمة من حياتنا .. ارتدينا ملابس التخرج .. القينا مشروع تخرجنا .. و امضينا اجمل الاوقات مع كل الطلبة و مع أهلنا .. تنفست الصعداء لانه أخيرا سوف أعود الى مدينتي مع أهلي .. و لكن كان من الصعب توديع سارة بعد عشرة اربعة سنوات ..
...........
نسيت ان اخبركم ان اختي ايمان تزوجت بحبيبها رؤوف .. لقد تواعدا لسبع سنوات .. هي في غاية السعادة معه .. و هذا يشعرني بالسعادة ايضا .. كانت تترجاني ان لا اتزوج زواج تقليدي .. ترجتني ان اهدم الجدار الذي احطت به قلبي و ان أبحث عن حب جديد .. و لكني لم استطع .. لم استطع ان أهب قلبي لشخص آخر .. كنت أعلم ان مكانه سيظل محفوظا في قلبي .. لذلك رأيت ان الزواج التقليدي هو حلي الوحيد ... اعلم انه من الاناني ان أظلم شخصا معي .. ان أتزوجه و انا أعلم انني لن أحبه يوما .. و لكن انا اظلم نفسي اكثر .. لازلت لا أعلم كيف سأعيش مع شخص لا أحبه .. و لكنني حكمت على قلبي بالموت يوم ابتعدت عنه .. و رضيت بقدري الذي قادني الى هنا ....
______________________________________
😊😊

قدرنا ... حيث تعيش القصص. اكتشف الآن