ملاك صغير ..

1.3K 82 17
                                    











ملاك صغير ..

حكايات الحب التي نمر بها خلال حياتنا، هي تاريخنا الجميل، تصرفاتنا الحمقاء.. أحلامنا الغبية، خيالاتنا اللامعقولة في الحب هي ما تضحكنا عندما نتذكرها في وقت لا يضحكنا فيه شيء..
الحب الحقيقي هو ما يدفعنا لأن نبتسم على الرغم منا.. مهما كانت ذكرى هذا الحب قاسية، مهما كانت حزينة ومرة.. وكيفما انتهى هذا الحب.. يبقى الحب هو ما يضحكنا وما يجعلنا نبتسم بعد التئام جروحنا وبالرغم من الندوب...

أثير عبدالله النشمي, في ديسمبر تنتهي كل الأحلام

06 جوان

الأيام تسير ببطىء ممل .. حرارة الصيف الخانقة .. و بقاؤنا في المدينة هذا الصيف .. كنت أود بشدة أن نذهب الى الريف و لكن إنشغالات والدي دفعتنا الى إلغاء العطلة .. يكاد يقتلني الملل .. منذ الصباح و أنا في غرفتي .. لا أجد ما أفعله .. فتحت حسابي على الفايسبوك و لكنني سرعان ما كرهت و شعرت بملل أكثر .. لا اريد النوم و لا أريد البقاء مع أمي و عمتي ... كانت الساعة العاشرة صباحا .. قررت أن أخرج لأتمشى و اشتري بعض المثلجات .. إرتديت فستانا أبيض يصل الى الركبة و بدون أكمام .. حملت حقيبتي و خرجت .. الحرارة حقا لا تطاق .. و لكن الاطفال يملؤون الشوارع على أية حال و يلعبون .. كانت أصواتهم تبعث البهجة في النفس .. مشيت و لم أكن أعلم أين أتجه .. مرت عشرون يوما على قدومي الى هنا و لكنني لم أخرج ابدا و لم أجل في شوارع مدينتي .. إشتريت المثلجات و أكملت طريقي ... قادتني رجلاي الى الشارع الذي تقع فيه المكتبة .. رغم السنين التي مضت الا انه مازال هناك رابط غريب يجمعني بهذا المكان .. سرت في ذلك الشارع بإتجاه المكتبة .. و لكن عندما وصلت دهشت لما رأيته .. لم تعد تلك المكتبة الرثة التي تقع على حافة الشارع .. أصبحت بناية كبيرة جدا .. أصبحت مكتبة متحضرة .. دخلت و أنا أجول بناظري في المكان .. كانت جميلة جدا .. واسعة .. جدرانها مزخرفة .. و مملوؤة بالرفوف و الكتب .. و هناك مكان خاص للجلوس و القراءة مملوء بالطاولات و الكراسي .. تفحصت المكان بدهشة .. كان يبدو رائعا حقا .. جلت بين الرفوف أتفحص الكتب ... المكان مملوء بالناس .. أتذكر تلك الأيام التي كنت آتي فيها الى هذا المكان .. أجد نفسي وحدي بين مئات الكتب .. لم يكن أحد يأتي لهذه المكتبة و الآن أصبحت تستقطب مئات الاشخاص .. أخذت كتابا و جلست على إحدى الطاولات أتفحصه ..
لا أعلم كم مر من الوقت .. كنت منغمصة في قراءة الكتاب حين شعرت بشخص يسحبني من ذراعي .. التفت لأجد فتاة صغيرة لا يتجاوز عمرها الثلاث سنوات .. كانت جميلة جدا ... وقفت بجانبي و هي تشير الى المثلجات في يدي .. أضحكتني براءتها .. رفعتها لتجلس على الكرسي .. و أعطيتها المثلجات ... إستغربت كثيرا كيف لفتاة صغيرة أن تتجول في هذه المكتبة لوحدها ..
"مع من جئت الى هنا ؟؟"
سألتها فربما أحد أبويها يبحث عنها ... قالت بصوتها الطفولي العذب
"أنا مع أبي "
"و أين هو الآن ؟؟"
"إنه يعمل "
غريب كيف له أن يلتهي بعمله و يترك إبنته تجول في هذه المكتبة لوحدها ...
"و كيف سيجدك الآن ؟؟"
"أنا أعرف الطريق الى المكتب "
ظننت أنها لا تدرك ما الذي تقوله .. فهي صغيرة جدا .. لم أعلم ما الذي أفعله بها .. كانت تأكل المثلجات و تلعب بشعرها مثل الملاك الصغير .. ثم رفعت رأسها نحوي و سألتني
"ما إسمك ؟؟ "
"أنا ياسمين .. ماذا عنك ؟؟"
"أنا إسمي آية "
"إسمك جميل جداا .. أين تسكنين؟؟؟"
" هنا بيتي "
لم أفهم ما الذي كانت تقصده .. ربما تمزح
"ماذا ؟؟ هنا ؟"
قلت في تساؤل و لكنها تجاهلتني لذا تركتها تكمل مثلجاتها ..

كانت تلعب على الطاولة و كنت أنا أقرأ كتابي حين جاء رجل من عمال المكتبة
"آية تعالي الى هنا ..لي ساعة و أنا أنا أبحث عنك سيقتلني والدك إن أضعتك "

إلتفت اليه في تساؤل
" أنا آسف جدا على الإزعاج آنسة ! "
" لا عليك ! "
أكمل كلامه
" والدها منشغل بإدارة المكتبة لذا يجب علي مراقبتها " ..
فهمت من كلامه أنها إبنة المالك .. لذا قالت أنها تعيش هنا ..
نظرت له آية نظرة عابسة و قالت
" أريد أن أبقى هنا .. "
ضحك العامل و هو يقول
" يبدو أنها معجبة بك يا آنسة "
إبتسمت لطلافتها الزائدة .. و أخبرته أن يتركها قليلا ..
حلست دون أن تقول شيء فقط تلعب بدميتها بجانبي ثم فجأة قالت

"أبي لا يشتري لي المثلجات الا نادرا .. "
أغلقت الكتاب الذي كنت أقرأه ووضعته جانبا
"لماذا ؟؟"
"لأنه دائما مشغول بعمله .. "
حزنت لأجلها كثيراا .. ثم خطرت في بالي فكرة
"حسنا .. لما لا أساعدك في هذا "
"كيف ؟؟"
"سآتي كل يوم الى هنا .. و سأحضر لك المثلجات معي .. و سنلعب معا أنا و انت .. حسنا ؟؟"
إبتسمت و قفزت من شدة الفرح
"حسنا سأنتظرك هنا كل يوم "
أظن أنني كسبت صديقة جديدة ..

قامت من مكانها طبعت قبلة على خدي و قالت
"لقد وعدتني .. سأنتظرك غدا في هذا المكان "
"حسنا .. سآتي "
كانت حلوة كالسكر ..انا أحب الأطفال كثيرا .. فهم بهجة الحياة و روحها .. ودعتني و أمسكت يد العامل و ذهبت .

قدرنا ... حيث تعيش القصص. اكتشف الآن